أثرياء بريطانيا يتهربون من دفع 155 مليار دولار ضرائب بـ«طرق قانونية»

TT

يتمتع مليونيرات العالم بامتيازات عديدة، إلا أن أهمها إمكانية تهربهم من دفع عشرات الملايين من الدولارات بطرق قانونية عبر ما يسمى بـ«مناطق الضرائب الآمنة». ولعل مليارديرات مثل فيليب غرين ولاكشمي ميتال، سينجحان في التهرب من دفع حوالي 750 مليون دولار ضرائب على الأرباح المتحققة لشركاتهما بسبب الثغرات الموجودة في النظام الضريبي البريطاني.

ونتيجة أن أصول الملياردير فيليب غرين، الذي يملك مجموعة «اركاديا»، التي تملك بدورها محلات BHS»» المعروفة في بريطانيا، مسجلة خارج المملكة المتحدة، ويتم التحكم فيها من خلال زوجته غير المقيمة في بريطانيا، فإن غرين سيوفر حوالي 115 مليون جنيه استرليني على أرباح محققة للمجموعة وصلت إلى 460 مليون جنيه استرليني، حيث أن أملاك غرين مملوكة من قبل «تافيتا انفسمنت»، التي هي الأخرى مملوكة من قبل «تافيتا ليمتد» التابعة لعائلته ومقرها في جزيرة جيرسي الريطانية، التي تتمتع بقوانين ضريبية خاصة. و«تافيتا ليمتد» هي تحت سيطرة تينا، زوجة غرين التي تعيش مع طفليها في موناكو. ورغم أن غرين دفع ضرائب عائدات الشركات، لكن الأرباح التي سيتم دفعها للشركة التي تملكها زوجته في جيرسي لا تدخل ضمن الضرائب، لأنها غير مقيمة في المملكة المتحدة، وهو ما يوفر على غرين 25% كان يمكن اقتطاعها من الأموال التي ذهبت إلى زوجته.

وفي السياق ذاته فإن لاكشمي ميتال، الملياردير الهندي، الذي أصبح يمتلك الآن أكبر شركة حديد في العالم، هو الآخر لا يدفع الكثير من الضرائب، لأنه من فئة non-domicile، بمعنى أنه مسجل أن بلد آخر هو موطنه الأصلي، بالتالي فإنه لا يدفع ضرائب على أرباح يجنيها في بلد غير بريطانيا. ومعظم أصول ميتال مسجلة في هولندا، وهو بالتالي يمكن أن يتجنب دفع حوالي 275 مليون جنيه استرليني على أرباح جناها هو شخصيا بعد أن أتم شراء شركة صلب أميركية. وبحسب ما جاء في صحيفة «الإندبندت» البريطانية أخيرا، فإن قائمة المليارديرات الذين يتهربون من الدفع بطرق قانونية، تشمل المستثمر سير غوالم نون، والملياردير الروسي رومان ابراموفيتش، وروبرت مردوخ، وصاحب مجموعة «ايزي جيت» المليونير اليوناني حاجي سايلوس، والعديد من أصحاب المليارات المعروفين، بالإضافة إلى لاعبي كرة القدم الأجانب. وتقدر الحكومة البريطانية وجود 65 ألف شخص في المملكة المتحدة يحملون صفة non-domicile، وبالإضافة إلى هذه الصفة هناك أيضا عدد من أصحاب الملايين والمليارات غير مقيمين في بريطانيا، إذ لا تتجاوز إقامتهم فيها أكثر من 90 يوما في السنة.

وفي الحقيقة فإن القوانين البريطانية لم تتغير منذ الفترة الكولونيالية، حيث أنها لا تشمل يومي الوصول والمغادرة، لذا فإن أي واحد من هؤلاء يمكنه مثلا أن يأتي إلى بريطانيا يوم الثلاثاء ويغادر يوم الخميس، إلا أنه يستطيع القول إنه أقام لمدة يوم واحد لأسباب ضريبية. وتعود قوانين non-domicile إلى أيام حروب نابليون، عندما تم إقرار ضريبة الدخل عام 1799 من أجل تمويل المجهود الحربي. والمواطنون البريطانيون الذين كانوا يعيشون آنذاك في المستعمرات كان لا يتم فرض ضرائب على مداخليهم بشرط ألا يحضروا عائداتهم المالية إلى بريطانيا. وفي عام 1914 تم تعديل القانون بحيث يسمح للمواطنين البريطانيين الذين ولدوا في تلك المستعمرات لكنهم أصبحوا مقيمين في بريطانيا بعدم دفع الضرائب على استثماراتهم في الخارج. وحتى بدون الإقامة في الخارج فإن الأثرياء الذين يسجلون ممتلكاتهم من خلال Offshore Trust يمكنهم التمتع بإعفاءات ضريبية كبيرة.

ولكن هذه القضية باتت حاليا تثير جدلا واسعا في الأوساط السياسية والاقتصادية البريطانية، حيث يعتقد بعض السياسيين البريطانيين أن هؤلاء الأثرياء عددهم محدود للغاية، وبالتالي فإن تغيير عدد من القوانيين لن يثير ضجة داخلية. ووفقا لدراسة صدرت حديثا عن الجمعية البريطانية للمحاسبة وشؤون الأعمال، فإن الحكومة البريطانية ربما تحقق عائدات قد تصل 155 مليار دولار سنويا إذا توقفت عن السماح لأصحاب الدخول المرتفعة من الاحتفاظ بثرواتهم في أماكن أخرى.

ومثل هذه الأرقام تثير حساسية العديد من السياسيين البريطانيين، الذين يضغطون على الحكومة البريطانية للعمل على سد الثغرات القانونية في مجال الضرائب، لأنه بحسب اعتقادهم ليس من العدل ملاحقة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة لدفع كافة الضرائب المستحقة، في حين أن أصحاب الملايين والثروات العالية يتهربون من دفعها بكل سهولة.

ولكن هناك بالمقابل أطرافا أخرى تجادل ضد كل ما سبق، حيث أنها تعتبر أن القوانين الموجودة تحفز رجال الأعمال والأثرياء للقدوم إلى بريطانيا للعيش أو العمل، الأمر الذي يساهم في نمو الاقتصاد البريطاني عبر خلق الوظائف وإنفاق جزء من أموالهم في البلاد. وبحسب رأي هؤلاء، فإن تغيير القونين سيدفع الأغنياء لمغادرة بريطانيا بحثا عن مكان أفضل، وهو بالمحصلة خسارة للاقتصاد المحلي.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة البريطانية أطلقت عام 2002 دراسة تقييمية لأوضاع النظام الضريبي، إلا أن النتائج لا تزال لم تظهر بعد، وهي محل استقطاب كبير بين المعارضين والمؤيدين للتأثير في النتائج النهائية التي من المتوقع أن تصدر قريبا.

* 6 طرق للتهرب من دفع الضرائب بشكل قانوني 1 ـ أن يتم تسجيل الشخص على أنه من فئة non-domicile، بمعنى أنه مسجل على أن بلدا آخر هو موطنه الأصلي، بالتالي فإنه لا يدفع ضرائب على أرباح يجنيها في بلد غير بريطانيا.

2 ـ إذا كانوا بريطانيين ولكنهم ولدوا خارج بريطانيا، يمكنهم المطالبة بوضعية «غير مقيم» بشرط ألا تتجاوز مدة إقامته 90 يوما.

3 ـ الإقامة خارج بريطانيا 3 سنوات متواصلة، وبالتالي يمكن تصنيفهم على أنهم أشخاص «غير مقيمين».

4 ـ استخدام «أوفشور تراست Offshore Trust» من خلال التسجيل في ما يسمى بـ«مناطق الضرائب الآمنة» التي تفرض ضرائب لا تذكر، مثل موناكو أو جيرسي.

5 ـ دفع أرباح أو عوائد تم اكتسابها في بريطانيا إلى «أوفشور تراست Offshore Trust» يجنب صاحبها دفع ضرائب على هذه الأرباح بشرط ألا يعود ذلك المال إلى بريطانيا مرة أخرى.

6 ـ وضع الأموال باسم العائلة أو الزوج/الزوجة، وهم بدورهم غالبا ما يكونون أشخاصا غير مقيمين في بريطانيا، وبالتالي يتجنبون دفع بعض الضرائب.