كل الأسعار سترتفع

سعود الأحمد *

TT

مع ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من الضعف، وتخطيها الحاجز النفسي الذي كان يحدده البعض عند مستوى الخمسين دولاراً، فإن الوضع الحالي لقفزة أسعار النفط قد صار حقيقة واقعة يجب التعامل معها. ومهما حاولت دول أوبك بقيادة السعودية (وبعض الدول المنتجة) وسعت جاهدة لتعيد سعر النفط ليتراوح بين 25 و30 دولارا، فهذه الجهود لن تعيد دوران عقارب الساعة إلى الخلف، وبالتالي فإن المفترض أن المستوى العام للأسعار سيرتفع (محلياً وعالمياً)، على اعتبار أنه ما من سلعة أو خدمة إلا ويدخل في تكلفتها النفط (بصورة أو بأخرى)، خصوصاً في ظل النظام العالمي التكاملي الجديد، فالشركات الصناعية (التي نستورد منها مشترياتنا) تتعامل في إنتاجيتها بطريقة تكاملية مع شركات الدول الأخرى... فمثلاً لو أردنا شراء طائرات أميركية من شركة بوينغ علينا أن نأخذ بالاعتبار أن شركة بوينغ تستورد محرك الطائرات من مصنع «رولز رويز» البريطاني... وبالتالي من الطبيعي إذا ارتفع سعر النفط على الأوروبيين أن يرتفع سعر الطائرة الأميركية، وبالتالي تزيد تكاليف تذاكر السفر، لذلك فتغير مستوى أسعار السلع يؤثر من سلعة إلى أخرى ومن منتجات دولة لأخرى، مثله مثل نظرية الأواني المستطرقة.

وهذه الأحداث تتوالى على أرض الواقع، لتؤكد حقيقة بداية التحرك للواقع الجديد في ظل المستوى العام للأسعار لمختلف السلع والخدمات، والأمثلة كثيرة.. فهذه شركة النقل البحري ترفع أجورها بواقع 4.7% على البضائع الصادرة من الموانئ السعودية إلى أوروبا ودول البحر الأبيض، وهذه أسعار الأسمدة الكيماوية الزراعية في السوق السعودية تزيد 15%، وهذه أسعار الإطارات ترتفع بنسبة 10%، والحديد بنسبة 5% في السعودية، وأسعار الورق المستخدم للمجلات تسجل ارتفاعاً كبيراً لعقود الربع الرابع لهذا العام بزيادة تصل إلى 60 دولاراً للطن الواحد، وخمسين دولاراً للورق المستخدم للصحف اليومية، وها هو رئيس لجنة البلاستيك بغرفة الرياض يشخص مشكلة ارتفاع الأسعار، ويصرح بأن عددا من المصانع مهدد بالإغلاق، ويتخوف من انخفاض مستويات الجودة على حساب الأسعار، ويرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط، وزيادة تكاليف الشحن بنسبة 50%، وها هي أسعار زيوت السيارات ترتفع في السعودية 7%، بسبب أجور النقل وزيادة تكلفة المدخلات الصناعية عالمياً، وهذه أسعار الأراضي تسجل ارتفاعاً بواقع 25% في الرياض و15% في المنطقة الشرقية. وليست الأسواق العالمية بمنأى عن تأثيرات ارتفاع أسعار النفط، فقد أبلغت الشركة الألمانية (PASF)، أكبر شركة أوروبية منتجة للكيماويات، عملاءها بأنها قد تضطر إلى تخفيف التزاماتها تجاههم، ما لم تتمكن من تمرير التكاليف الإضافية، كما رفعت «سابك» أسعار البولي أيثلين المنتج في أوروبا 100 يورو (124 دولاراً) للطن محطمة حاجز الـ1000 يورو. وبصفة عامة يتوقع اقتصاديون ورجال أعمال أن ترتفع تكلفة الاستيراد لجميع المنتجات الاستهلاكية بنسبة تتجاوز 8%. وأرجع الاقتصاديون أسباب الزيادة المتوقعة إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وبالتالي زيادة أسعار كثير من المنتجات الصناعية والاستهلاكية، وزيادة تكاليف أجور الشحن والمواد الخام المصنعة لتلك المنتجات. وعلى نطاق عالمي، فمن المتوقع أن ترفع شركات النقل اليابانية أجور شحن الحاويات 51% تجاوباً مع ارتفاع أسعار النفط، وفي أوروبا وآسيا تشهد الأسواق أعلى أسعار للبتروكيماويات والمنتجات البترولية بسبب الارتفاع التاريخي لأسعار النفط الخام.

ختاماً... فإن من الطبيعي أن يحتاج المواطن لمصادر دخل جانبية لتغطية تزايد الحاجة للإنفاق، لمقابلة ارتفاع المستوى المعيشي للأسرة السعودية.

* محلل مالي