الدول الخليجية تسجل فائضا في الإنتاج النفطي وتحقق عائدات مالية ضخمة

TT

دبي ـ ا.ف.ب: حققت الدول العربية الخليجية التي نعمت هذه السنة بعائدات نفطية لا سابقة لها، فائضا كبيرا جدا في ميزانياتها، وحظيت بعائدات مالية لا تتمكن اقتصادات المنطقة من إيجاد فرص حقيقية لاستثمارها. وقال لوكالة فرانس برس جاسم السعدون مدير مكتب «الشال» للاستشارات الاقتصادية في الكويت «ان هذه السنة كانت استثنائية لكافة دول الخليج التي حققت فوائض في ميزانياتها» بدلا من مواجهة عجز كان متوقعا.

وقد ارتفعت العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان والبحرين) قرابة 35% هذه السنة بفضل ارتفاع أسعار النفط بنسبة 25% وضربت أرقاما قياسية تاريخية إضافة الى ارتفاع الإنتاج من 10 إلى 15%. وقد استخدمت الدول الخليجية التي يعتمد اقتصادها بالدرجة الأولى على العائدات النفطية، كامل طاقتها وأنتجت 15.5 مليون برميل يوميا كمعدل وسطي مقابل 15 مليونا عام 2003 و13.3 مليون في عام 2002، بحسب إحصائيات ظهرت في نشرة «الشال» الأسبوعية.

وأضافت النشرة ان إجمالي الناتج المحلي للدول الست التي لا يتجاوز عدد سكانها 35.8 مليون نسمة بينهم جزء كبير من الوافدين، من المتوقع أن يبلغ 421.5 مليار دولار، مرتفعا 9.4% مقارنة بالعام 2003. وبالتالي، سجلت ميزانيات هذه الدول فائضا كبيرا.

وأعلنت المملكة العربية السعودية، اكبر مصدر للنفط في العالم، فائضا قدره 26.14 مليار دولار (بعد ان بلغت عائداتها 104.80 مليار دولار ونفقاتها 78.66 مليار دولار)، فيما كانت تتوقع أصلا عجزا بقيمة 8 مليارات دولار (مقدرة العائدات بـ 53.3 مليار دولار والنفقات بـ 61.3 مليار).

وقال كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري السعودي سعيد الشيخ لوكالة فرانس برس، إن الموارد النفطية هذه السنة «ساعدت في رفع مستويات الإنفاق العام وخاصة في مشاريع البنى التحتية ومشاريع التنمية (...) فضلا عن تخفيض جزء من الدين العام بما يجعل الدولة تتخلص من عبء اقتصادي كبير». وتعتزم السعودية استخدام قسم من فائضها لخفض الدين العام من 660 مليار ريال (176 مليار دولار) إلى 614 مليار ريال (163.73 مليار دولار).

وبالتالي بلغت السيولة المالية المتداولة في المنطقة والتي تغذت في السنوات الأخيرة برساميل تحولت من الولايات المتحدة منذ اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، حدا سجت فيه عمليات الاكتتاب في العروض في البورصة، أرقاما قياسيا.

وفي الإمارات مثلا حققت العروض التي طرحتها للاكتتاب كل من شركة «أملاك للتمويل» و«بيت التمويل» وشركة «المنشآت العربية التقنية» مبالغ تجاوزت 33 و 78 و64 مرة السقف المحدد أصلا. وكذلك في السعودية، حيث حصلت شركة «اتحاد الاتصالات» الكونسورسيوم الذي تقوده «اتصالات» الإماراتية الحاصل على رخصة ثانية للهاتف الجوال في المملكة، في أكتوبر (تشرين الأول) على 13.6 مليار دولار عندما عرضت للاكتتاب 20% من رأسمالها، أي ما يساوي 51 مرة المبلغ المطلوب وقدره 267 مليون دولار.

وهذا الوضع يظهر حدود أسواق الاستثمار في الدول الخليجية التي تمتلك في الخارج أصولا قدرها 740 مليار دولار بحسب السعدون. وأضاف رئيس «الشال» «ان الأموال متوفرة ولكن المشكلة في إيجاد فرص حقيقية للاستثمار وتوطين الأصول المودعة في الخارج».

ورأى أن السوق النفطية، خلافا لما حدث اثر الصدمة النفطية عام 1973 عندما نتج ارتفاع أسعار النفط «عن قرار سياسي» للدول المصدرة للنفط (أوبك)، تشهد اليوم «تغيرا بنيويا»، حيث بلغ العرض حده الأقصى اثر الضغوط الناجمة من تزايد الطلبات. ورأى الشيخ «ان اثر الموارد النفطية الجديدة كان اكبر على اقتصادات الدول النفطية العربية في الخليج مما كان عليه عام 1973، حيث عاد جزء هام من الأموال النفطية الى الأسواق الخارجية».