عقبات كأداء أمام التحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي رغم الموافقة المبدئية

رغم تحسن وضعها الاقتصادي.. أنقرة لا تزال تعاني من فقر مدقع

TT

أعلن رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر جان بيتر بلكينندي، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الاوروبي حاليا، ان الاوروبيين وتركيا «كتبوا التاريخ» الجمعة في بروكسل عندما اتفقوا على بدء مفاوضات انضمام انقرة الى الاتحاد في خريف 2005 . وقال بلكينندي في المؤتمر الصحافي النهائي الذي تلى لقاء القادة الاوروبيين «اعتقد انه بامكاننا ان نقول اليوم اننا كتبنا التاريخ». واعرب عن ارتياحه لان «تركيا قبِلت اليد التي مددناها لها». من جهته أعلن رئيس المفوضية الاوروبية خوزيه مانويل دوراو باروزو «سيبقى هذا اليوم يوما هاما جدا في تاريخ أوروبا وفي تاريخ تركيا» ورحب «بقرار جيد لتركيا وجيد للاتحاد الاوروبي». وقال باروزو «على الشعب التركي ان يبتهج من اجل مستقبله». وذكر الرجلان بان المفاوضات التي ستبدأ في الثالث من اكتوبر (تشرين الاول) 2005 سيكون لها هدف واضح وهو انضمام انقرة إلى الاتحاد الاوروبي. لكنها لن تؤدي الى ذلك حتما. وخلص رئيس المفوضية الاوروبية إلى القول «هذه ليست نهاية العملية بل البداية». بهذه الخاتمة السعيدة لمفاوضات الجمعة أصبح من المؤكد أن انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي مسألة وقت. وسيتبع ذلك سلسلة من المحادثات والمفاوضات الصعبة لتمكين تركيا من اجتياز الامتحان لدخول النادي الأوروبي. ومضى أكثر من 40 عاما منذ ان قامت تركيا بتوقيع معاهدة مشاركة مع السوق الاوروبية عام 1963. وتقدمت تركيا بطلب رسمي للانضمام للسوق الاوروبية المشتركة عام 1987. ورُفض هذا الطلب رسميا عام 1989. وبعد محادثات استغرقت 10 أعوام وافق الاتحاد الاوروبي أن تدخل تركيا المفاوضات مجددا للالتحاق وأن تقوم باجراءات داخلية في مجالات حقوق الانسان وحل مشكلة الاكراد وقضية قبرص. أي بات يتعين على تركيا أن تتبنى القيم الاوروبية قبل تأهيل نفسها لطلب الالتحاق. ومن العقبات الأخرى التي تواجهها تركيا هي مشكلة الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي وكون تركيا دولة مسلمة عدد سكانها يزيد عن 82 مليون نسمة يثير مخاوف اليمين المسيحي الأوروبي من فقدان هيمنة العنصر العرقي المسيحي والديني في أوروبا.

ومن الناحية الاقتصادية ، تركيا بلد فقير مقارنة مع الدول الصناعية المؤسسة للاتحاد الأوروبي. فرغم أن المدن التركية تشهد نموا واضحا وعصرنة تشابه الكثير من الدول الغربية، لا يزال الوضع في الأرياف يشابه قرى في أواسط آسيا من حيث الفاقة وتدهور الخدمات الأساسية للمجتمع. هناك أقاليم بأكملها تفتقر للكهرباء والماء والهاتف، وحتى للمدارس الابتدائية. وربما لا يتجاوز دخل الفرد لأكثر من عشرين في المئة من الشعب التركي مستوى اليورو الواحد في اليوم. أضف إلى ذلك أن الجيش التركي مسؤول عن العجز الهائل في حساب تركيا الجاري، فالجيش يلتهم 12.2 مليار دولار في السنة. والمديونية بسبب استئثاره بقسم كبير من الموازنة. وتعاني تركيا من ديون خارجية تصل الى 147 مليار دولار. ومن معدل تضخم يزيد على 11 في المائة، بالرغم من التحسن الذي طرأ في السنوات الأخيرة بعد تطبيق سياسة تقشف شديدة، وإعادة هيكلة للاقتصاد تتجه نحو تشجيع الاستثمار وتخفيض التقديمات الحكومية، ورفع سن التقاعد، بين أمورعديدة. ولا تتلقى تركيا استثمارات خارجية تذكر حيث لم تتجاوز العام الأخير مليار دولار فقط. وهذا الوضع الاقتصادي المؤسف من شأنه أن يخلق عبئا ماليا على الاتحاد الاوروبي الذي يعاني من مشاكل عميقة تتعلق بالدعم الزراعي واستيعاب المانيا الشرقية ودول ما كان يعرف بحلف وارسو. ويظن بعض خبراء الاقتصاد ان تكلفة التحاق تركيا ستكون باهظة وبعض المصادر تقدرها بين 16 مليارا و28 مليار يورو سنويا.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قالت «ديبي أورغل» خبيرة الاقتصاد في فرع لندن لمصرف «اي بي ان أمرو» الهولندي، «ان تركيا ستستفيد من الاستثمارات الخارجية التي ستتجذبها تركيا، والانضمام سيمكن تركيا من الحصول على تسهيلات وقروض بشروط غير قاسية». وأضافت ديبي غورغل ان التحاق تركيا سيكلف الاتحاد الاوروبي مالا يقل عن 5 مليارات يورو، وقد تصل الى 20 مليار يورو لتستوعب تركيا في السنة الاولى. وحسب قوانين الاتحاد الاوروبي، المعمول بها حاليا، فسوف تتسلم تركيا 4 بالمائة من انتاجها القومي كدعم. وستكون هناك جولة جديدة من المفاوضات لرسم وتخطيط ميزانيات مستقبلية ابتداء من عام 2013 . ومن الاشتراطات التي على تركيا الالتزام بها، التوصل الى اتفاق سلمي مع اليونان بشأن قبرص. وفي هذا الصدد قبلت تركيا بقرارات الامم المتحدة لحل النزاع في قبرص ولكن اليونان رفضت الحل الدولي. ومن المهم الاشارة إلى أن الاتحاد الاوروبي يضم الان 25 عضوا، عشرة منهم التحقوا عام 2004 وهي قبرص، جمهورية التشيك، ايستونيا، هنغاريا، لاتفيا، ليتوانيا، مالطا، بولندا، سلوفاكيا، وسلوفينيا. ومن المتوقع أن تنضم كل من بلغاريا ورومانيا عام 2007. وفي عام 2015 ستلتحق البانيا، البوسنة والهرتسك وكرواتيا ومقدونيا وصيربيا ومونتنيغرو وتركيا.