تفشي ظاهرة الغش التجاري في العالم وطرق معالجتها

TT

أخبار الغش والتقليد ما زالت حركتها دائبة ونشطة في جميع أنحاء العالم، ذلك أن طرق التقليد والغش قد نشرت مجساتها في جميع دول العالم النامية والمتقدمة على حد سواء خلال الثلاثة عقود المنصرمة. كما امتدت أساليب استخدام تلك الطرق سواء التقنية منها أو غيرها، مما أدى إلى نشوب حروب تجارية بين الدول تسببت في وقوع ضحايا من المدنيين وتزايدت بسببها الجرائم المنظمة وتحطم نتيجتها العديد من الشركات.

ومن المعروف أن مرتكبي طرق الغش والتقليد هم بطبيعتهم إنتهازيون ويتمتعون بمهارة عالية في استطلاع الأساليب التقنية واكتشاف طرق استخدامها لاستغلالها في إحداث ثغرات في الأسواق للدخول إليها وتوزيع المنتجات المغشوشة والبضائع المقلدة فيها.

ولعل أحد أعظم الاتجاهات المزعجة هو تزايد مستوى التعقيد في صناعة التقليد والغش، حيث طرأت تغييرات كبيرة في الإنتاج والتغليف والتوزيع، فمثلاً يصعب في هذه الأيام لأصحاب المصانع أن يميزوا بين البضائع الأصلية ونظيراتها من البضائع المقلدة بالعين المجردة.

كما قام مرتكبو تلك الجرائم باستخدام أذكى طرق التغليف مضيفين العجب العجاب إلى المظهر الخارجي للكثير من البضائع المقلدة والسلع المغشوشة. كذلك أدت تغطية الأساليب التقنية للتوزيع وتزايد استخدامها إلى تفشي ظاهرة التقليد للبضائع والسلع في جميع أنحاء العالم.

وتعتبر شبكة الإنترنت من الأساليب التقنية الكبيرة الأخرى المتقدمة في مجال التقليد والغش وتفشي هذه الظاهرة البغيضة في جميع أجزاء العالم، ذلك أن هذه الشبكة توفر لمرتكبي تلك الجرائم الكثير من المزايا التجارية أقل ما يكون فيها التكلفة البسيطه لإعداد وتشغيل موقع فيها وكذلك سرعة وسهولة تشغيلها، حيث توفر لمشغل تلك الشبكة الدخول إلى الأسواق في جميع أنحاء العالم من أي مكان خلال أيام الأسبوع على مدار الاربع والعشرين ساعة. وتوفر هذه الشبكة أيضا لأولئك المجرمين عدم تمييز أشخاصهم بطريقة يستحيل معها التعرف عليهم كما تمكنهم من منافسة مواقع موزعي البضائع الأصلية.

إن زيادة الوعي بالصناعات المبنية على المعلومات تعتبر أحد الاسباب الرئيسية للرخاء الاقتصادي الذي ينشده العالم في المستقبل. وإن حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع والمهارات وكذلك العلامات التجارية تعتبر ذات قيمة كبيرة وجواهر نفيسة بالنسبة للشركات في عالمنا الحاضر. وسيتزايد هذا المفهوم في المستقبل. لذلك أصبح من الأهمية بمكان اقتفاء التقليد والتزوير على نطاق العالم. وإن الكابوس الحقيقي الذي يقض مضجع أصحاب العلامات التجارية ليس هو التعقيد المتزايد للتقليد والتزوير فحسب، بل هو ايضا طرق وصول مرتكبي تلك الجرائم إلى سلسلة ومراكز الإمدادات القانونية القائمة.

وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى هذا الأمر كتحذير محتمل لأي مصنع فإنه يعتبر أيضا استنفارا بسبب إمكانية أن تؤدي مثل هذه الجرائم إلى مآس وكوارث إنسانية قد تمتد إلى فقدان الأرواح، فالأساليب التقنية للإنتاج والتوزيع المتوقع استخدامها في المستقبل من قبل أولئك المجرمين قد تكون أكثر تعقيدا بسبب تزايد الاشتراك في هذه الجرائم من قبل المجموعات المنظمة مرتكبي جرائم تقليد وتزوير السلع والبضائع. ذلك أنه من المتوقع أيضا أن تقوم هذه المجموعات بوضع استراتيجيات معقدة لحماية منتجاتهم المغشوشة ومراكز توزيعها والتغلغل في سلسلة ومراكز التموين والإمدادات وحتى إلى النزول الى الشوارع لتوزيعها. كما أن الاتجاه الحديث يميل إلى قيام منتجي ومصنعي البضائع الأصلية بحماية مصالحهم ومنتجاتهم واللجوء إلى الجهات القانونية المختصة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.

أيضا من المتوقع أن تطلب الجهات القانونية المعنية بدورها من المصانع أن تبذل العناية وتتوخى الحرص في اتخاذ إجراءات حماية منتجاتها من التقليد والتزوير وذلك باللجوء إلى أحدث الأساليب والطرق التقنية لمكافحة تلك الجرائم. ومما لا شك فيه أن هذه الثمن سيكون غاليا ومكلفا لتلك المصانع.

* ممثل دائرة التحقيق في جرائم الغش التابعة لغرفة التجارة الدولية في السعودية