دول جنوب المتوسط تجتذب أكثر من 400 شركة باستثمارات بلغت 25 مليار دولار العام 2004

TT

مرسيليا ـ رويترز: ذكرت هيئة أوروبية تراقب الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الدول المطلة على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط أن الاستثمارات التي تعهدت بها شركات أجنبية في تلك البلدان ارتفعت في العام الماضي أكثر من مثلي ما كانت عليه في العام السابق لتصل الى 25 مليار دولار. وأفاد برنامج أنيما الممول من الاتحاد الأوروبي في دراسة صدرت هذا الاسبوع بأن «منطقة ميدا» وهم الشركاء الاثنا عشر مع الاتحاد الاوروبي جنوب البحر المتوسط نجحت خلال عام 2004 في اجتذاب 400 مشروع استثماري.

وتشمل هذه المشروعات ضخ رؤوس أموال باجمالي نحو 20 مليار يورو (25 مليار دولار) مقابل 275 مشروعا أعلنت استثمار نحو عشرة مليارات يورو عام 2003 .

وقد أنشأ الاتحاد الاوروبي برنامج أنيما «الشبكة الاورو متوسطية لهيئات ترويج الاستثمار» قبل عامين لتمكين الدول الواقعة جنوب البحر المتوسط من وضع ما يلزم من استراتيجيات وأدوات لاجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر.

والدول المستفيدة من البرنامج هي الجزائر، وتونس، والمغرب، ومصر، وتركيا وسورية ولبنان، والسلطة الفلسطينية، واسرائيل والاردن بالاضافة الى قبرص ومالطا اللتين أصبحتا الان عضوين في الاتحاد الاوروبي لكن الدراسة شملتهما أيضا.

وقال بينيديكت دا سان لوران منسق البرنامج لرويترز «رصدنا زيادة 45 في المائة في مشروعات الاستثمار الاجنبي المباشر في دول منطقة ميدا ونحو ضعف تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر». مضيفا ان النتيجة مشجعة اذ يبدو أن صانعي القرار في الشركات المتعددة الجنسيات يدركون الان أن مرحلة جديدة تقترب... باحلال السلام في الشرق الاوسط وتطلع الناس الى التعلم والاستهلاك وتصدي الحكومات لتحديات الاصلاح الحقيقية.

وأضاف دا سان لوران الذي شارك في اعداد الدراسة أن الشركات لا تريد أيضا بدء تطبيق منطقة التجارة الحرة بين أوروبا ودول البحر المتوسط عام 2010 من دون أن يكون لها وجود في المنطقة.

وتابع «لا تستطيع أن تتجاهل ثلاثة أسواق رئيسية يضم كل منها 70 مليون نسمة في تركيا ومصر والمغرب العربي». وأشادت الدراسة بالمشروعات الجديدة لانها تعمل في مجالات انتاجية.

وأضافت من العناصر الايجابية للغاية نوعية المشروعات التي تم رصدها والتي تزيد بصورة مطردة من اقامة قوة انتاجية ضخمة في شركاء الاتحاد الاوروبي الاثنا عشر.

وأشارت الى تركيز الاستثمارات الجديدة في القطاع المصرفي بالاضافة الى الاتجاه الى تنمية قطاعات جديدة مثل قطاع المعلومات والصحة مع استمرار الاستثمار في قطاعات تقليدية مثل المنسوجات والسيارات. ورصدت الدراسة عشرة مشروعات ضخمة تتجاوز قيمة كل منها 500 مليون يورو و30 مشروعا كبيرا تتراوح قيمة كل منها بين 100 و500 مليون يورو.

وتتركز المشروعات في قطاعات تسعة أعلن في كل منها 20 مشروعا على الاقل وهي الطاقة والمنسوجات والبنوك والتمويل والسيارات والصناعات الغذائية والاتصالات.

وأكبر ثلاثة قطاعات من حيث استقطاب الاستثمارات الاجنبية هي السياحة والطاقة والمنسوجات.

وأوضحت الدراسة أن دول المغرب العربي لا تزال هي المهيمنة من حيث استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية حيث تجتذب نحو 47 في المائة من هذه التدفقات. وتأتي في مقدمة القائمة من حيث الرقم المطلق للتدفقات الاستثمارية الجزائر التي ذكرت الدراسة أنها «قد خرجت من النفق» بعد سنوات من أعمال العنف التي استثنتها تقريبا من الدول الجاذبة للاستثمار الاجنبي مشيرة الى أن الاستثمار الاجنبي المباشر المعلن في الجزائر زاد من 2519 مليون يورو عام 2003 الى 5857 مليون يورو العام الماضي. ويتصدر الاردن القائمة من حيث الزيادة السنوية «رغم البيئة الجغرافية السياسية المعقدة» التي يشهدها حيث ترتفع التدفقات الاستثمارية من 124 مليون يورو عام 2003 الى 1944 مليون يورو السنة الماضية.

وأوضحت الدراسة أنه أعلنت أيضا زيادة في التدفقات الاستثمارية في سورية رغم العقوبات الأميركية من 100 مليون يورو عام 2003 الى 322 مليون يورو العام الماضي.

أما مصر التي أوضحت الدراسة ارتفاع الاستثمارات الاجنبية المباشرة اليها لخمسة أمثالها من 484 مليون يورو عام 2003 الى 2468 مليون يورو العام الماضي فانها تتميز بتركيز رؤوس الاموال في المشروعات الصناعية المهمة مثل الاسمنت والطاقة والمعدات.

وأكدت الدراسة ما ذكره محللون اقتصاديون من أنه منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 أصبحت الاموال العربية تستثمر بصورة متنامية في المنطقة بدلا من تحولها الى الولايات المتحدة والغرب عموما. اذ أوضحت زيادة الاستثمارات العربية والاسلامية في المنطقة من أربعة في المائة عام 2003 الى عشرة في المائة من اجمالي التدفقات المعلنة عام 2004.

وتصدرت رؤوس الاموال الاوروبية القائمة بنسبة 55 في المائة من الاجمالي عام 2004 مقابل 62 في المائة في العام السابق بينما ارتفعت الاستثمارات من الولايات المتحدة وكندا ارتفاعا طفيفا من 17 في المائة الى 19 في المائة.

وأشارت الدراسة الى ظهور شركات عربية عابرة للحدود مثل شركة أوراسكوم تليكوم المصرية الرائدة في مجال الهاتف الجوال والتي تعمل في 14 بلدا وشركة ماجد الفطيم الاماراتية. ويمثل الاستثمار الاجنبي المباشر عنصرا رئيسيا لتحقيق معدل كاف من التنمية الاقتصادية في بلدان المنطقة يساعد على امتصاص الزيادة المطردة في السكان والتغلب على مشكلة البطالة التي يصل معدلها في بعض هذه البلدان الى أكثر من عشرة في المائة.

وقال دا سان لوران «معظم بلدان منطقة ميدا لديها ميزانيات محدودة وتخصص في أغلب الاحيان للبنية الاساسية بمفهومها الواسع. وبالنسبة للعديد من هذه البلدان فان الاستثمار الاجنبي المباشر يشكل جزءا رئيسيا من التراكم الرأسمالي ولذا فانه يقوم بدور استراتيجي حيوي سواء في تحديث النسيج الاقتصادي الاجتماعي... أو في ضخ أموال لا غنى عنها في القطاع الانتاجي.