الدولار الأميركي يوقف انجرافه إلى 100 ين والمركزي الياباني يجدد التدخل

التضخم والتوتر في الشرق الأوسط يضغطان على الأسواق

TT

تركز اهتمام الأسواق أمس على الين الياباني الذي حلق عاليا وسط شعور لدى المتعاملين أن الضغط الأوروبي والأميركي على آسيا سيتضاعف من أجل رفع قيمة عملاتها بهدف تشجيع الصادرات الأميركية على حساب الصادرات الآسيوية. ولقد انخفض الدولار في مطلع الأسبوع إلى أدنى مستوى له منذ خمسة أعوام مقابل العملة اليابانية منخفضا عن 102 ين، فوصل إلى 101.7 ين. غير أن التدخل في الأسواق رفع الدولار أمس إلى 102.75 ين. ومع انزلاق الدولار إلى مستوى قريب من مائة ين بات يخشى أن تحطم العملة اليابانية حاجزا نفسيا يضعف أعصاب المضاربين، وعندها قد يهوي الدولار إلى حواجز نفسية أخرى لا يعرف قعرها.

لكن مصرفيين نشطين في أسواق العملات سجلوا خلال الأربعين ساعة الماضية تدخلا من قبل بنك اليابان المركزي مشتريا للدولار بهدف حماية شركات التصدير اليابانية. كما حذر وزير المالية اليابانية ساداكازو تانيغاكي من أن بلاده تقف بالمرصاد في وجه أي ارتفاع شديد في قيمة الين. وقدر حيدر توفيق، المدير الاستثماري في مصرف «أتش. أس. بي. سي» في لندن حجم تدخل بنك اليابان بنحو ملياري دولار، وقال «الين يبقى تحت رحمة بنك اليابان المركزي الذي يحتفظ بـ800 مليار دولار كنقد سائل، فضلا عن مبالغ طائلة على شكل أصول مالية دولارية. وفي العام الماضي انفقت اليابان 90 مليار دولار دفاعا عن الدولار الأميركي. وفي اعتقادي أن الضغط الحقيقي سيستهدف الصين، عملاق التصدير الصاعد، وأي ضغط على الدول الآسيوية مثل كوريا وتايوان لن يكون ذا أهمية». وتأتي الملاحظات الأوروبية والأميركية بشأن العملات الآسيوية قبيل اجتماع مجموعة السبع الشهر المقبل. وفي هذا الاجتماع ستزداد الضغوط على الدول الآسيوية، لا سيما اليابان والصين، من أجل رفع قيمة عملاتها. وأصبح التعامل في أسواق المال مرتكزا على الدولار ـ ين أكثر من التركيز السابق على الدولار ـ يورو. واعتبر الين مجسدا للعملات الآسيوية التي يصعب اتخاذ مراكز فيها والخروج من تلك المراكز بسهولة. وظهرت أمس في الصحف الأميركية والأوروبية المتخصصة توقعات بأن تخفض حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش العجز في الميزانية بشكل كبير كجزء من معالجة الضعف في قيمة العملة الأميركية، لكنها استبعدت أن يشمل الخفض المجالات العسكرية. وفي هذا الخصوص، استبعد، توفيق المدير في مصرف «أتش. أس. بي. سي» أن تلجأ الحكومة الأميركية إلى المس بميزانية الدفاع، وهي العنصر الأهم في عجز الموازنة، نظرا لتأثير أي تصريح من هذا النوع على مجرى الحرب في العراق، وأضاف «السيطرة على العجز صعبة للغاية نظرا لأن الانفاق العسكري يرتفع، كما أن العجز التجاري يتفاقم بسبب الصعود في أسعار النفط».

وتوقف حيدر توفيق عند الارتفاع الشديد في أسواق النفط أمس حيث قفز سعر برميل الخام الاميركي الخفيف أكثر من دولار ليقترب من خمسين دولارا، وقال إن تصعيد الموقف الأميركي من إيران يلعب دورا في هذا الارتفاع. ورأى أن التهديدات الأميركية لإيران لا تتعدى الضغوط السياسية، فالاقتصاد العالمي «لا يستطيع تحمل حرب مع إيران قرب منابع النفط، لأن العالم عندها سيدخل في ركود اقتصادي شديد إذا ما قفزت أسعار النفط أكثر مما هي عليه، ومن شأن التضخم الذي ينجم عن ارتفاع النفط أن يدخل العالم في كساد لا يدري أحد عاقبته». وكانت الأسواق تنتظر أمس تصريحات حساسة من قبل خبراء في مجلس الاحتياطي الاتحادي، (المركزي الأميركي) بشأن نظرتهم للاقتصاد والتضخم. وكان خبير في المجلس قد صرح الاسبوع الماضي بأن وتيرة رفع الفائدة قد تتبدل صعودا درءا للتضخم، ومن أجل تعزيز قيمة الدولار المتعثر. وفي بريطانيا سجل صعود مستوى التضخم الشهر الماضي إلى أعلى مستوى منذ عامين. فبلغ 1.6 في المائة بزيادة 0.01 في المائة عن نفس الفترة في العام الماضي. وعزا مكتب الاحصاء المركزي الأسباب إلى ارتفاع تكلفة الكهرباء والغاز للمستهلك بنسبة 5.4 في المائة. وعلى صعيد بورصة وول ستريت انخفضت الاسهم الاميركية في أوائل جلسة التداول أمس تحت تأثير أسعار النفط المرتفعة، وطغت أسعار النفط على اثار انباء ايجابية لارباح الشركات. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي ثلاثين نقطة الى 10528.29 نقطة، فيما انخفض مؤشر ستاندارد اند بورز الاوسع نطاقا 2.19 نقطة الى 1182.33 نقطة. وهبط مؤشر ناسداك المجمع لاسهم التكنولوجيا 6.08 نقطة أو 0.29 في المائة الى 2081.83 نقطة.

وفي أوروبا انخفضت كافة المؤشرات لنفس العوامل، لا سيما الخوف من ارتفاع التضخم وتأثير رفع الفوائد على أداء الشركات. وانخفض مؤشر فايننشال تايمز لأكبر مائة سهم في بورصة لندن 25 نقطة ليصل إلى 4821.2 نقطة. كما أقفلت الاسهم في بورصة طوكيو على انخفاض عقب يومين من الصعود نتيجة اقبال المستثمرين على جني أرباح، وفقد مؤشر نيكاي القياسي 63.84 نقطة ليغلق على 11423.26 نقطة، وهبط مؤشر توبكس الاوسع نطاقا 0.44 في المائة لينهي اليوم على 1145.21 نقطة.