الدولار يتقلب بين سياسات المصارف الآسيوية وضغوط أسواق النفط

الطلب يرتفع على الذهب في زمن الخوف من التضخم

TT

التقلب يبقى سيد الموقف في أسواق العملات التي شهدت أمس تغيرات كبيرة، بدأت بتدني الدولار إلى مستويات لم يعرفها منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ليعوض عقب فتح السوق الأميركية نسبة نصف واحد في المائة مقابل اليورو متأثرا بتصريحات من المركزي الأميركي بالنسبة لمستقبل الفائدة ترمي لتهدئة السوق. وشكل يوم أمس نموذجا لنوع التغيرات الحادة التي تمر بها أسواق القطع منذ بعض الوقت.

فعندما وقع انفجار في جنوب إيران قبل أسبوع، وكان بسبب أعمال بناء، اهتز وضع الدولار وارتفع سعر برميل النفط. وعندما تسرب تقرير عن عزم بنك كوريا الجنوبية المركزي تنويع احتياط النقد الأجنبي، تكرر نفس الأمر الثلاثاء الماضي وسجل الدولار أكبر انخفاض يومي له أمام 30 عملة رئيسية منذ عامين. ويأتي التراجع الشديد بعد أن سجل الدولار، قبل أسبوع فقط، أعلى مستوى له منذ ثلاثة أشهر أمام اليورو والين. وإذا كان هذا وضع عملة الارتكاز الأولى في العالم فعلى أي عملة سترتكز البنوك المركزية ومعها المستثمرون في أسواق الصرف باطمئنان؟ التقلبات السريعة والحادة تعبر عن مدى الاضطراب النفسي الذي يعاني منه تجار العملة وهم يتعاطون مع الدولار الشديد الحركة. فالكل يشعر أن المطبات لن تنتهي. وبالتالي يجفلون معا عند سماع أي نبأ. وحتى بعد أن تستقر الأوضاع ويصدر نفي من قبل المركزي الكوري، ومعه المركزي الياباني، بعدم النية ببيع قسم من مئات مليارات الدولارات التي بحوزتهما، لا يطول التقاط انفاس الدولار. ويعود ليهوي (إلى دولار و32.65 سنت لليورو أمس غير أنه عند كتابة هذا التقرير عاد وارتفع إلى 1.3220 لليورو.) باعتبار أن هذه المصارف لن تواصل على ما يبدو هواية جمع الدولار إلى ما لا نهاية.

بين البنوك المركزية الآسيوية الأربعة هناك نحو تريليونين و400 مليار دولار مجمعة في الخزائن. فلدى اليابان 841 مليارا، والصين 610 ملياريات، وتايوان 243 مليارا وكوريا الجنوبية 200 مليار، فضلا عن الهند واندونيسيا وماليزيا وتايلاند وسنغافورة. ولا نذكر هنا احتياطات العالم العربي الدولارية أو احتياط روسيا. كثير من هذه الأرصدة النقدية وضعت في سندات خزينة أميركية (على شكل قروض للحكومة الأميركية). وإذا خففت المصارف المركزية من شراء السندات، تعين على الولايات المتحدة زيادة الفوائد لتجد ما يلبي إدمانها المالي المقدر بملياري دولار في اليوم. لكن من يشتري دولارات غير مضمونة القيمة؟ سؤال حيّر الكثيرين، رغم أهمية العملة الأميركية التي لم تجد منازعا جديا لها بعد.

رئيس بنك كوريا المركزي قال أمس مطمئنا أن ليس لديه خطط لبيع الدولار لصالح عملات أخرى. لكنه أضاف ان «العملتين البريطانية والكندية من الاهداف المحتملة للاستثمار في المستقبل». وهي إشارة واضحة إلى أن كوريا الجنوبية ليست بصدد مراكمة المزيد من الدولارات أو شراء سندات أميركية إضافية. فيما اليابان لم تتدخل بشكل واضح دعما للدولار منذ ربيع 2004. حينها باعت بما يعادل 171 مليار دولار من الين للمحافظة على قيمة العملة الأميركية. وتزايد ضعف الدولار بالرغم من التزام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بالاستمرار في رفع الفائدة، ربما بمعدل يزيد عن ربع في المائة في كل مرة، كما حدث منذ أكثر من سنة. فعوارض التضخم بدأت تتفاقم مع ارتفاع تكلفة الطاقة، فضلا النمو الاستهلاكي المتزايد. بورصة نيويورك فتحت أمس متأثرة بارتفاع أسعار النفط. حيث اقترب سعر برميل نفط غرب تكساس الحلو الخفيف من 52 دولارا، أعلى مستوى له منذ أربعة شهور. ورأى المستثمرون أن أسعار النفط ستنعكس سلبا على كلفة الانتاج، وبالتالي تؤثر على ربحية الشركات. فهبطت أسهم الشركات الصناعية، قابله ارتفاع في أسهم شركات الطاقة التي تستفيد من ارتفاع أسعار النفط. كذلك هبط سهم شركة الإنترنت العملاقة «غوغل» عقب تخفيض تصنيف ملاءتها المالية من قبل «آر.بي.سي كابيتال ماركتس». وقلصت إحدى شركات مراقبة الاعلانات توقعاتها بالنسبة إلى مستوى إعلانات الإنترنت. وفتح مؤشر داو جونز الصناعي بارتفاع طفيف بلغ 1.7 نقطة عند مستوى 10675.56 فيما ارتفع مؤشر ناسداك المجمع (الغني بأسهم شركات تقنيات المعرفة) إلى 2033.27 مرتفعا 0.10 في المائة. استقرت أسعار الاسهم الاوروبية أمس يدعمها تقارير إيجابية من شركتي كاب جيميناي وأكسا وتعهد من شركة نستله برد مزيد من السيولة النقدية للمساهمين، وارتفاع كبير في ارباح رويال بنك أوف سكتلند الذي أعلن عن تحقيق أرباح اجمالية في 2004 الماضي بلغت 13.1 مليار دولار، بزيادة 14 في المائة عن 2003. ويأتي هذا النمو بالرغم من تنفيذ البنك مجموعة من عمليات الضم لمصارف بريطانية وأميركية.

على صعيد المعدن الأصفر أكد مجلس الذهب العالمي أمس ان طلب المستهلكين على الذهب قفز سبعة بالمائة في عام 2004 في أول زيادة منذ أربع سنوات. اذ لم يردع الارتفاع الحاد في أسعار المعدن النفيس المشترين. الا ان التوقعات لعام 2005 تشير الى نمو ابطأ مع اشتداد صعوبة الاحوال الاقتصادية وتراجع إمكانية شراء الحلي الذهبية.

وأظهرت أرقام قامت مؤسسة جي.اف.ام.اس الاستشارية بتجميعها لمجلس الذهب العالمي أن الطلب العالمي على الحلي الذي يمثل نسبة كبيرة من اجمالي الاستهلاك زاد 7.5 بالمائة في الربع الاخير من عام 2004 مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق.

ومن المتوقع ان يرتفع الطلب على الحلي في عام 2004 كله بنسبة ستة بالمائة عن عام 2003 ليصل الى 2673 طنا.

وقالت جيل ليلاند المستشارة الاقتصادية لمجلس الذهب العالمي لرويترز» ما رأيناه في الماضي هو انه عندما ترتفع الاسعار يميل الناس الى الابتعاد عن الشراء. والتقارير التي نتلقاها الان تشير الى ان اعدادا متزايدة من المستهكلين تتوقع ان تظل الاسعار عند مستوياتها الحالية على اقل تقدير وربما ترتفع.» واضافت» يتم شراء الكثير من الحلي على سبيل الادخار أو حتى الاستثمار.

واذا كانت هناك توقعات بأن يرتفع السعر فانها تعزز من جاذبية المنتج». وفي ديسمبر (كانون الاول) الماضي قفزت اسعار الذهب الى اعلى مستوياتها في 16 عاما ونصف العام مسجلة 456.75 دولار للاوقية نتيجة العلاقة العكسية مع الدولار الذي هبط الى مستويات قياسية أمام اليورو. ويتوقع محللون استطلعت رويترز اراءهم في يناير كانون الثاني ان يواصل سعر الذهب الارتفاع في عام 2005 . وزاد صافي استثمارات قطاع المفرّق في شراء الذهب 15 بالمائة في عام 2004. بينما سجل استثمار المؤسسات مبيعات اجمالية صافية قدرها 124 طنا في عام 2004 مقارنة مع استثمارات صافية حجمها 653 طنا في عام 2003 .

وقال التقرير «هذا يعكس الى حد كبير تفكيكا للاستثمارات خلال العام (باستثناء الزيادة في الفصل الاخير) من جانب المشترين بغرض المضاربة على المدى القصير الذين اشتروا في عام 2003 وباعوا ما لديهم عندما هبط السعر بعد المستويات المرتفعة التي بلغها في وقت سابق من العام». واضاف «كان حجم البيع أقل بكثير من حجم الشراء في عام 2003 مما يوحي بان كثيرا من المشترين اشتروا بمنظور ابعد مدى واحتفظوا باستثماراتهم». وعلى أساس اقليمي زاد طلب المستهلكين بما فيه الحلي واستثمارات المفرق 17 بالمائة في عام 2004 في الهند اكبر سوق للذهب في العالم. وتراجع الطلب على الحلي في الولايات المتحدة قليلا في عام 2003 من حيث الحجم وان كانت قيمة الطلب زادت 12 بالمائة.

من جانب آخر، أعلنت شركة الطيران الأيرلندية المنافسة «رايان آير» أنها طلبت طائرات جديدة من بوينغ الأميركية بقيمة اربعة مليارات دولار ضمن خطة لمضاعفة عدد مسافريها على الرحلات القصيرة حتى 2012. لكن ارتفاع أسعار النفط أثر سلبا على الأسواق الأوروبية. وقادت شركتا اكسا الفرنسية للتأمين ونستلة للمنتجات الغذائية الاسهم الرئيسية الصاعدة. وارتفع سهم أكسا اثنين في المائة بعد أن أعلنت ارتفاع أرباحه الصافية لاكثر من المثلين متجاوزة التوقعات واقترحت الشركة زيادة توزيعاتها النقدية بنسبة 61 في المائة الى 0.61 يورو للسهم.

ووعدت نستله برد مليار فرنك سويسري (858.4 مليون دولار) للمساهمين باعادة شراء أسهم من السوق كما وعدت بزيادة توزيعاتها النقدية بنسبة 11 في المائة مما رفع أسهمها 1.8 في المائة بعد أن تحسنت هوامشها في 2004 رغم انخفاض بسيط في اجمالي المبيعات. كما انخفض مؤشر يوروستوكس 50 الاضيق نطاقا بنسبة 0.1 في المائة الى 3025 نقطة.

وزاد مؤشر نيكاي القياسي لاسهم الشركات اليابانية الكبرى 30.97 نقطة ليغلق على 11531.15 نقطة بعد أن فقد في اخر ثلاث جلسات تعامل 1.4 بالمائة. وصعد مؤشر توبكس الاوسع نطاقا 0.40 بالمائة الى 1157.54 نقطة.