بدء أعمال مؤتمر التجارة العربية في أبوظبي بمشاركة 500 شخصية اقتصادية ومصرفية

المتحدثون يؤكدون على زيادة التجارة البينية وتعزيز خطوات الإصلاح الاقتصادي

TT

بدأت في أبوظبي امس اعمال مؤتمر التجارة العربية الذي تنظمه غرفة تجارة وصناعة أبوظبي بحضور حوالي 500 من الشخصيات الاقتصادية ورجال الأعمال، وكان بينهم عدد من الوزراء والفعاليات الرسمية والمصرفية. وقد افتتح اعمال المؤتمر الشيخ حامد بن زايد، رئيس دائرة الاقتصاد والتخطيط في امارة أبوظبي.

وقالت الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة الاقتصاد والتخطيط في دولة الإمارات، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية إن جميع عوامل التكامل الاقتصادي تتوافر لدى الدول العربية وإن الحكومات والشعوب العربية لديها الرغبة القوية لتحقيق هذا التكامل. وأشارت إلى أن دولة الإمارات تضع ذلك في قمة أولوياتها، إذ أنها تأتي في المرتبة الأولى من حيث مساهمتها في الواردات البينية العربية حيث بلغت حصتها 13.5%. كما أنها ثاني أكبر الدول من حيث حصتها في الصادرات العربية البينية حيث بلغت 17% لعام 2003. ورأت القاسمي أن هناك فرصا عديدة لزيادة حجم التجارة العربية البينية إلى نحو20% من مجمل حجم التجارة العربية الخارجية، مشيرة إلى أن التجارة الأوروبية البينية تبلغ نحو70% من إجمالي حجم التجارة الخارجية للدول الأوروبية. وشددت على ضرورة أن يشمل تحرير التجارة العربية البينية تحرير تجارة الخدمات والاهتمام بتوسيع قاعدة المنتجات العربية من خلال الاستثمار في الصناعة والزراعة وغيرها من المجالات الإنتاجية ذات الميزات التفاضلية في مختلف الدول العربية. مشيرة في هذا الصدد الى أن مساهمة الصناعات التحويلية العربية في الناتج المحلي الإجمالي لا تتعدى 11%، الأمر الذي يعكس ضعف القطاع الصناعي.

بعد ذلك ألقى الدكتور محمد خلفان بن خرباش، وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة في دولة الإمارات، كلمة شدد فيها على أهمية تعزيز التجارة البينية العربية بهدف إيجاد صيغة اقتصادية تكاملية تضمن مصالح الدول العربية كافة وتجعلها قادرة على منافسة التكتلات الاقتصادية الدولية وتحسن من موقعها التفاوضي معها. ورأى أن تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية ترتبط بإيجاد أدوات ووسائل توفر التمويل والضمان للصادرات العربية وبرامج ترويج الصادرات.

وحول منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى أكد بن خرباش أهمية أن تتوصل الدول العربية إلى اتفاق شامل لقواعد المنشأ بحيث تكون هذه القواعد قابلة للتطبيق وذات شفافية عالية. هذا إضافة إلى أهمية تعديل وتحديث التشريعات القانونية كون العديد منها لا يزال يؤكد أهمية الحماية والإغلاق، بالإضافة الى أهمية توفير بنية تحتية متطورة لقطاعي النقل والاتصالات وتأهيل الكوادر الإدارية العربية التي تتعامل مع القطاعات التجارية.

اما الدكتور جاسم المناعي مدير عام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي فقد اكد في كلمة له أن الدول العربية أيقنت اليوم ضرورة تغيير سياساتها الاقتصادية نحو الانفتاح وتبني اقتصادات السوق والتكامل مع الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن العديد من الدول العربية قد عملت على تجسيد قناعة التغيير من خلال تبني برامج الإصلاح الاقتصادي التي ساعدت على تحقيق استقرار مالي أفضل، كما أدت إلى تنفس أكبر لقطاعات اقتصادية هامة وعلى وجه أخص قطاع التجارة الخارجية. وبحسب المناعي فقد ترتب على هذه التطورات انفراج في الترتيبات الاقتصادية التي انتهجتها الدول العربية مع العالم وعلى صعيد الوطن العربي حيث تطور مشروع منطقة التجارة العربية الحرة على نحو مشجع. ولفت في هذا الإطار إلى تطور مستوى التجارة العربية البينية التي نمت خلال السنوات الخمس الماضية بمعدل%14 سنويا. وشدد المناعي على أن توزيع الأدوار بين القطاعين العام والخاص لا يزال غير منصف للقطاع الخاص حيث يستمر القطاع العام بالهيمنة إذ يمثل الإنفاق الحكومي نسبة مرتفعة من الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 40%. وثمّن دور مؤسسات التنمية العربية في مواكبة احتياجات الاقتصادات العربية وأبرزها، المؤسسة العربية لضمان الاستثمار والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الإسلامي للتنمية.

ثم القى سعيد عبد الجليل الفهيم، النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، كلمة قال فيها إن المؤتمر يكتسب اليوم أهمية استثنائية ناجمة عن الانعكاسات الملموسة المباشرة وغير المباشرة للمتغيرات العالمية المتسارعة التي يشهدها العالم مع الثورة التقنية والمعلوماتية الهائلة وفي ظل نظام اقتصادي عالمي جديد تحكمه قوانين العولمة التي تنظم وتتحكم في نشاطه. وأضاف أن الدول العربية كافة سعت إلى موائمة وإصلاح هياكلها الاقتصادية والإدارية والقانونية للإندماج في بوتقة هذا النظام بهدف المشاركة فيه وجذب المزيد من التدفقات الاستثمارية الأجنبية للمساهمة في رفع وتطوير مستوى الإنتاج وزيادة حجم المبادلات التجارية ودفع مستوى نمو الاقتصاد العربي. ولفت في الوقت نفسه إلى ضآلة المنافع التي حصلت عليها الدول العربية في هذا المجال حتى الآن حيث لم تزد قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول العربية عام 2002 عن 4.53 مليار دولار تشكل نسبة 0.7 % فقط من إجمالي التدفقات الاستثمارية في العالم التي وصلت إلى 653 مليار دولار و2.8% من إجمالي التدفقات الاستثمارية نحو البلدان النامية. ودعا الفهيم إلى تأسيس مؤسسة عربية لتشجيع الاستثمارات ومهمتها الترويج لفرص الاستثمار في البلاد العربية والتعريف بالإمكانيات المتوفرة فيها، على أن يتبع هذه المؤسسة وحدات متخصصة لتشجيع الاستثمار العربي ـ العربي وتكون لها السلطة والصلاحية لمعالجة كافة الشكاوى والعراقيل التي تمنع دخول وانسياب السلع والمنتجات العربية إلى الدول العربية مما يدفع التجارة العربية البينية خطوات إلى الأمام. وحث الفهيم الدول العربية على الإسراع في اتخاذ الخطوات الفعالة والاستثنائية من أجل استكمال خطوات الإصلاح الهيكلي والإداري والقانوني في إطار من الشفافية التامة، معتبرا أنها مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى التسريع في إتمام منطقة التجارة العربية الحرة والتعرفة الجمركية والالتزام بالمواصفات والمقاييس، لأن هذه العوامل من شأنها المساهمة في جذب المزيد من الاستثمارات العربية الموجودة في الخارج. ثم ألقى رؤوف أبو زكي، مدير عام مجموعة الاقتصاد والأعمال المشاركة في تنظيم المؤتمر كلمة استهلها بالإشارة الى دور رئيس لبنان الراحل رفيق الحريري وأكد فيها على أن لبنان خسر بفقدان الرئيس الحريري شخصية لبنانية عربية ودولية استثنائية وبكل المقاييس، مشيرا إلى أنه كان من أبرز الداعين باستمرار إلى انفتاح الأسواق والأجواء. وأكد أبو زكي أن هذا المؤتمر هو بداية لسلسلة من النشاطات التي تعتزم مجموعة الاقتصاد والأعمال القيام بها بالتعاون مع الهيئات والجهات المعنية بقضية التجارة العربية، بهدف تسليط الضوء عليها من كل جوانبها.

وتساءل في كلمته «لماذا التجارة البينية العربية ضعيفة نسبة إلى إجمالي تجارتنا ولماذا صادراتنا إلى الخارج ضعيفة كذلك، بل لماذا صادراتنا العربية لا تشكل أكثر من 4 في المائة من إجمالي الصادرات العالمية؟»، مشيرا إلى أن هذه الأسئلة هي السبيل الذي يقود إلى الوقوف على الأسباب والتعرف على المعوقات والعمل على معالجتها. ولفت أبو زكي إلى أن حجم الصادرات العربية لا يتوافق أبداً، لا مع حجم مواردنا الطبيعية ولا مع نواتجنا المحلية الإجمالية، كما لا يتناسب أبداً مع فاتورة المستوردات التي ننوء تحت أعبائها علماً أنها لا تقتصر على السلع التجهيزية، بل تشمل السلع الاستهلاكية الأساسية لا سيما الغذاء والدواء والتجهيزات المنزلية والكهربائية والتقنية والسيارات وغيرها الكثير. ثم ألقى بعد ذلك عدنان القصار، وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني كلمة اكد فيها، أن الدول العربية تقف على تحولات أساسية في إعادة توزيع مراكز الثقل في الاقتصاد العالمي وذلك في ظل صعود اقتصادات عديدة وتمحور تجمعات إقليمية للدفاع عن مصالحها والصراع المحتدم من أجل النمو المتوازن والحداثة مع جميع عوائقها والتوزيع العادل للثروات بين مجموعات الدول النامية والدول الصناعية وقضايا العولمة، لافتا إلى أن انعكاساتها وتحدياتها تمتد إلى منطقتنا العربية، ومن شأنها أن تؤثر تأثيرا مباشرا على الأداء الاقتصادي وحرية التجارة والخدمات ما لم تعمل الدول العربية على تجميع طاقاتها بشكل مشترك. وأشار القصار إلى أن البرنامج التنفيذي لإقامة منطقة التجارة العربية الحرة قد اكتمل وهو يبشر بالرغم من وجود بعض العقبات بالوصول إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية العربية المرجوة، مشدداً على ضرورة ألا تكون البلدان العربية انغلاقية في توجهاتها الاقتصادية. وعدد آليات التكامل الاقتصادي العربي بدءاً بربط شرايين التعاون والتكامل بين الدول العربية في مجالات التجارة والنقل والطاقة والاتصالات والتمويل والتأمين والسياحة بحيث يكون التكامل بينها حقيقيا وليس اتفاقات لا تنفذ، كما شدد على أهمية توحيد المعايير والمقاييس ونظم التعامل التي تحكم عمليات انسياب السلع والخدمات والأموال.