اليمن يتطلع لتنويع مصادر الدخل بإطلاق مشروع ضخم للغاز بكلفة بنحو 2.5 مليار دولار

بعد مؤشرات على قرب نضوب حقول النفط بحلول 2020

TT

صنعاء ـ ا.ف.ب: يواجه اليمن احد افقر دول العالم خطر نضوب قريب لحقوله النفطية المتواضعة التي تمثل الثروة الوحيدة في البلاد، ويجهد للعثور على موارد بديلة رغم ان مشروعا كبيرا في مجال الغاز يمنحها بعض الوقت.

وكان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قد دق بنفسه ناقوس الخطر في فبراير (شباط) الماضي حين اعلن ان احتياطي بلاده من النفط الخام يمكن ان ينضب بحلول سنة 2020.

واليمن البالغ عدد سكانه نحو عشرين مليون نسمة والواقع في جنوب غرب الجزيرة العربية ليس عضوا في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، منتج صغير للنفط ويشهد انتاجه تراجعا.

ولا يزيد انتاج اليمن عن 380 الف برميل من النفط يوميا، بحسب نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط اليمني احمد محمد صوفان. ورغم تواضع انتاج النفط اليمني الذي يصدر اكثر من نصفه مقارنة مع مستويات المنطقة، فقد شكل السنة الماضية تسعين في المائة من عائدات التصدير اليمنية واكثر من سبعين في المائة من عائدات الميزانية.

ويدور جدل حول الاحتياطي اليمني من النفط الخام. وتشير تقديرات منظمات دولية الى انه يوازي وفقا للوتيرة الحالية 20 سنة اخرى من الانتاج.

وبرر صوفان «ان التصريحات المتشائمة في فبراير للرئيس اليمني، برغبته في دفع المسؤولين الى البحث عن مصادر اخرى». وفي بلد يتوقع ان يتضاعف عدد سكانه خلال عشرين سنة بسبب معدل نمو سكاني سنوي عالي 3.6% ومعرض لنضوب موارده المائية في الفترة ذاتها، يثير احتمال نضوب الثروة النفطية مخاوف خصوصا اذا ما اضفنا اليه مستوى الدخل الفردي الذي يقدره البنك الدولي بـ 570 دولارا سنويا ونسبة الامية التي تزيد عن سبعين في المائة بين النساء.

وفي ظل هذه المعطيات كلها يستعد اليمن لاستغلال وتسويق احتياطيه من الغاز البالغ حوالي 300 مليار متر مكعب او 10.2 تريليون قدم مكعب، وتقع حقوله في منطقة حقول النفط نفسها اي منطقة مأرب شرق صنعاء، وللمقارنة فان احتياطي قطر يبلغ 900 تريليون قدم مكعب.

ويؤكد خبراء في صنعاء ان مشروع استغلال الاحتياطي من الغاز في اليمن وتصدير الغاز الطبيعي المسيل الذي سيطلق في الاشهر المقبلة، يمثل «اضخم مشروع يقام حتى الآن» في البلاد وتقدر كلفته بنحو 2.5 مليار دولار. وسيقام المشروع على موقع الغاز المعروف باسم «بلوك 18» في حقل «سفير» النفطي شرق مدينة مأرب (شرق البلاد).

وستنفذ هذا المشروع الشركة اليمنية للغاز المسيل «يمن ال ان جي» مع مجموعة شركات تضم شركة «توتال» الفرنسية (42.9%) والشركة الحكومية اليمنية «يمن غاز كومبني» (23.1%) و«هانت اويل» (18%) و«اس.كي.كوربوريشن» (6%) و«هونداي كوربوريشن» (6%).

وهو يتطلب بناء انبوب للغاز بطول 320 كلم لنقل الغاز الى مصنع لاسالة الغاز سيقام في بلحاف على ساحل خليج عدن.

ولا بد ايضا من بناء قطارين هما عبارة عن برادين كبيرين للتجليد يسال فيهما الغاز عند 161 درجة مئوية تحت الصفر. وستبلغ الطاقة الانتاجية السنوية لكل منهما 3.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، فضلا عن بناء ميناء لناقلات غاز الميتان.

ومن المتوقع ان يبدأ القطار الاول بالانتاج في ديسمبر (كانون الاول ) 2008، حيث سيبدأ تزويد «كوريا غاز كورب» (كوغاز) بالغاز، اول شركة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في العالم. وكانت هذه الشركة قد ابرمت في فبراير مع «يمن ال ان جي» عقدا يقضي بشراء 1.3 مليون طن من الغاز على الاقل لمدة عشرين عاما، وقد ترتفع هذه الكمية الى مليوني طن.

والزبونان الآخران اللذان سيتم تزويدهما بالغاز اعتبارا من ايار (مايو) 2009، هما شركتا «تراكتبل» (مجموعة السويس) و«توتال» اللتان ستشتري الاولى 2.5 مليون طن سنويا والثانية مليونين، وستخصص الكميتان للاسواق الاميركية. والعقود التي وقعتها هاتان الشركتان الشهر الماضي، مدتها 20 عاما ايضا. وقال المدير العام لشركة «يمن ال ان جي» جان فرانسوا داغانو لوكالة الصحافة الفرنسية ان مناقصات لبناء البنى التحتية للمشروع التي قد تبلغ تكاليفها نحو 2.5 مليار دولار طرحت من قبل. ويفترض ان يتخذ القرار النهائي بشأن الاستثمارات في الصيف المقبل، وان تبدأ الاعمال في سبتمبر (ايلول). وينصب احد اهتمامات القائمين على هذا المشروع على مسألة الأمن.

وتقع بلحاف على بعد مائة كيلومتر غرب المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت (جنوب شرق)، المرفأ الذي تعرضت قبالته ناقلة النفط الفرنسية «ليمبورغ» لاعتداء في أكتوبر (تشرين الاول) 2002 اسفر عن مقتل شخص واحد، ونفذ الهجوم انصار تنظيم القاعدة.

الا ان داغانو اشار الى ان الوضع تحسن بشكل ملموس منذ هذه الفترة، وقال ان «الاجراءات الأمنية في اليمن كانت معدومة عندما هوجمت ليمبورغ». واكد ان الأمن في هذا البلد «اصبح افضل بكثير مما هو عليه في اماكن اخرى حتى في فرنسا».

واضاف «سيتم تمديد انبوب الغاز تحت الارض وستتخذ كافة الاجراءات الأمنية اللازمة مع اليمنيين» ولم يعط مزيدا من التفاصيل، ولا بد من ان يؤخذ بالاعتبار عامل مهم آخر يتمثل بالعلاقات مع القبائل المقيمة في المنطقة التي سيمر بها الانبوب.