مصر: الأصول العقارية السياحية والتاريخية تخطف أبصار المستثمرين

بعد أن انطلق «قطار» الخصخصة

TT

انتهت وزارة الاستثمار المصرية من أعداد خطة لطرح أصول تتضمن فنادق واراض سياحية وشركات سياحية تابعة للشركة القابضة للإسكان والسياحة والسينما للبيع وفقا لأجواء السوق أو في حالة تقدم أي مشتر جدي بطلب الشراء. وتتجه الوزارة لطرح عدة فنادق كانت الحكومة السابقة قد أصبغت عليها حماية خاصة باعتبارها فنادق تاريخية تحمل بعدا اثريا حيث يرجع تاريخ بنائها إلى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وتتسم بطابع معماري مميز. وبهذا الطرح يتغير التوجه الذي حكم الوزارة السابقة والذي انطلق من خوفها بقيام المشتري لهذه الفنادق التاريخية بهدمها أو إساءة استخدامها، ورغم اجتياز هذه العقبة في العقلية الاقتصادية لإدارة ملف الأصول العقارية، فلا تزال هناك العقبة القانونية التي تتمثل في وجود منازعات قضائية حول بعض الفنادق وعقود إدارة قانونية لتلك الفنادق الكبيرة تنفذها شركات سياحية خاصة وتستمر عدة أعوام مثل فنادق فلسطين وماريوت وميناهاوس. لكن من الواضح ان اشارة البيع قد انطلقت، بالإضافة إلى وجود ارض وفندق وعمارة الكونتننتال بميدان الأوبرا الشهير بالقاهرة والذي يرجع تاريخ إنشائه الى عام 1865 والذي صدر بشأنه قرار رئيس الوزراء بتاريخ 31/8/2003 بنزع الملكية للمنفعة العامة واعادة تخطيط المنطقة، وذلك لعدم سلامة المبنى إنشائيا، حيث توجد عدة انهيارات بأجزاء من الفندق، لكن ما أوقف البيع هو منازعات قانونية كسبت فيها الشركة المالكة عدة جولات.

ومن المقرر ايضا طرح فندق موفنبيك الواقع بجزيرة الفانتين في أسوان الساحرة، ويرجع تاريخ إنشائه الى عام 1975 وعدد الغرف به 234 غرفة، بالإضافة الى عشر كبائن بمستوى خمسة نجوم وتديره شركة موفنبيك للمنتجعات السياحية التي ينتهي عقدها في عام 2014 وتبلغ حصة شركة أمون 4.1 مليون جنيه في عام 2003/2004.

كذلك فندق كوزموبو لبنان الواقع بوسط العاصمة ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1902 وعدد الغرف به 84 غرفة بمستوى ثلاثة نجوم وتديره شركة الأهرام لإدارة وتنمية الفنادق بعقد إدارة ينتهي في 2013 وتبلغ حصة شركة أيجوث 1.5 مليون جنيه عام 2003/2004 ، وهو الفندق الذي اعتاد الفنانون المصريون الليبراليون واليساريون ارتياده ويحمل عبق التاريخ بواجهته المعمارية المهيبة وجنباته، وقد صدم خبر طرح الفندق للبيع عددا كبيرا من المثقفين المصريين لكن يبدو ان قطار الخصخصة لا يقف عند مشاعر وذكريات بل يتوقف فقط عند كلمة «بكام».

كما تطرح وزارة الاستثمار عدة أراض متميزة منها ارض بميدان التحرير اكبر ميادين القاهرة ويقع في 2 و 4 شارع قصر النيل بمساحة 8567.40 متر مربع. وقد سبق ان طرحت عدة أفكار لاستغلال الموقع المتميز له بإقامة مركز تجاري كبير ويتم توصيله بموقف مترو الأنفاق القريب له، لكن لم يتم تنفيذ تلك الأفكار، وهناك اراض أخرى بكورنيش الأقصر هي ارض السلطانة ملك بمساحة 21383.87 متر مربع وارض منشأة العماري بالأقصر بمساحة 5950 مترا مربعا، وأرض مجاويش بالبحر الأحمر بمساحة 554375 مترا مربعا، وارض الهرم الواقعة بجوار ميناهاوس نادي الرماية بمحافظة البحيرة وتبلغ مساحتها 39260 مترا مربعا.

وتطرح الشركة القابضة للإسكان والسياحة والسينما، فندق «دهب» الواقع في محافظة جنوب سيناء والذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1993 ويبلغ عدد الغرف فيه 200 غرفة بمستوى خمسة نجوم وتديره شركة ميرديان العالمية للفنادق التي ينتهي عقد إدارتها في مارس (آذار) 2014 وتبلغ حصة شركة ايجوث فيها في 2003/2004 (569 مليون جنيه) كما تطرح أيضا فندق منتجع العريش بمحافظة شمال سيناء ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1981 وعدد الغرف 226 غرفة بمستوى خمسة نجوم ويدار ذاتيا بمعرفة الشركة، وقد حقق الفندق في النصف الاول من عام 2004/2005 أرباحا بلغت 387 الف جنيه حصة شركة ايجوث منها 11 ألف جنيه. كما يتم طرح فندق أيتاب الأقصر الذي يضم 338 غرفة بمستوى أربعة نجوم، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1977 وتديره شركة آكور للفنادق التي ينتهي عقدها في 2012 وتبلغ حصة شركة ايجوث 5.8 مليون جنيه من أرباحه في العام الأخير.

مع ذلك تواجه وزارة الاستثمار مشاكل قانونية تتعلق بأصول يتعذر طرحها للبيع الآن منها فندق سيسل وهو الفندق الأشهر في تاريخ مدينة الإسكندرية الذي اشتهر بكونه كان مقر إقامة النحاس باشا رئيس الوزراء الوفدي الشهير، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1929 وعدد الغرف به 86 غرفة بمستوى أربعة نجوم، وهو يواجه منازعات قضائية مع ورثة يهود حول ملكية الفندق، ومن المنتظر ان يتم حسمها قريبا. كما توجد منازعات قضائية مع الإدارة التي تدير فندق الأقصر التاريخي الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1930 وقد انتهت المنازعات بفرض الحراسة القضائية على الفندق وبقي خارجها جزء من أرضه مملوكا لهيئة الاستثمار.

أما الملف الأكثر إثارة في المنازعات القضائية فهو قصر عزيزة فهمي الواقع بمنطقة جليم بالإسكندرية على مساحة 14984.32 متر مربع وهو أحد اجمل القصور الأثرية التي طالبت وزارة الثقافة بتحويله إلى متحف ووضعت مخططا لذلك، ولاتزال هناك منازعات قضائية مثارة بين الورثة وبين شركة ايجوث التي قامت بتسجيل العقار لصالحها واصبح أصلا من أصولها تطبيقا لقرار أصدره وزير السياحة عام 1981 بنزع ملكيته للمنفعة العامة، وهناك عدة خطط لاستثمار هذا الموقع منها طرحه للبيع.

وتواجه فنادق ومبان تاريخية واثرية مشاكل ليست فقط قانونية وانما مشاكل ترجع إلى بعض القرارات الوزارية التي صدرت بالنص على الاحتفاظ بها باعتبارها فنادق تاريخية منها فندق فلسطين بالإسكندرية الذي انشئ في الستينات ليكون مقرا للقادة العرب الذين حضروا أول مؤتمر قمة عربي بالقاهرة وقد تم تطوير الفندق على مرحلتين الأولى بمبلغ 34 مليون جنيه، والثانية بمبلغ 325 مليون جنيه، وهو الفندق الأشهر على مستوى الإسكندرية ويرتاده الوزراء والضيوف الأجانب من المسؤولين الرسميين وفندق ميناهاوس اوبروي بمنطقة الأهرامات الذي انشئ عام 1898 ويضم 523 غرفة، وهو الأعرق في الفنادق المصرية وشهد نزلاء من اشهر الساسة العالميين خاصة في أعقاب الحرب العالمية الأولى والثانية وملوك وأمراء ورؤساء من قادة العالم. وهناك كذلك فندق وكازينو ماريوت بالقاهرة وهو القصر الضخم الذي أقامه الخديوي إسماعيل لاستقبال الملكة أوجيني في الاحتفالات التي أقامتها مصر بافتتاح قناة السويس، وقامت شركة ماريوت العالمية بإدارته بعد بناء أبراج للغرف الفندقية به.

ولاشك ان طرح تلك الأصول السياحية والفندقية ذات الجذور التاريخية ستجذب عددا كبيرا من المستثمرين، خاصة بعد التوجه الواضح من وزارة الاستثمار للتخلص من كافة عوائق الماضي والتحرر من سيطرة النزعة التاريخية أو «الاستراتيجية» بتعبير الوزير نفسه. ويرى البعض ان طرح هذه الأصول قد يقلل الإقبال نسبيا عن إقامة مشروعات سياحية جديدة حيث من الأفضل للمستثمر شراء مشروعات قائمة بالفعل ولها هذا الصيت ووضع سياسة إدارية جديدة لها، غير انه في المدى الأبعد فان الخصخصة ستدعم استمرار التطور في مجال الاستثمار السياحي وستستقطب عملاء جدد من مستثمري السياحة والآثار.