مشاريع الإنشاءات في دبي تتسع باستثمارات تتجاوز 100 مليار دولار

القطاع يخرج من دائرة الشك إلى التطور في مراكز تسويقية كبرى

TT

جيوش جرارة من عمال البناء، وأساطيل من الشاحنات الضخمة التي تجوب الطرقات، ومئات الرافعات العملاقة التي تنتصب في أنحاء المدينة باتت هي المعلم الرئيسي لدبي هذه الأيام. ورغم أن هذه المشاهد لا تسر كثيرا القاطنين في المدينة لأنها تؤثر بصورة أو بأخرى على تحركاتهم وتنقلهم في الشوارع التي أصبحت أزحم من شوارع وسط لندن في ساعات الذروة، إلا أن عشرات الأبراج وناطحات السحاب ومراكز التسوق الهائلة الحجم هي التي تثير خيال زائري المدينة التي لا تنام. وبحسبة سريعة للمشاريع الضخمة التي أعلنت دبي عنها منذ سنوات قليلة والتي لا يزال معظمها في طور البناء والإنجاز الذي يستغرق سنوات، فإن الرقم يصل بسهولة الى أكثر من 100 مليار دولار هي قيمة مشاريع تتجسد على أرض الواقع بنهاية العقد الحالي. ويرى عبد الرحمن المطيوعي مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي، أن حجم الأعمال العمرانية كماً ونوعاً الذي ستشهده دبي خلال السنوات السبع المقبلة يعادل ثلاثة أضعاف المشاريع التي نفذت منذ السبعينات.

هذه الفورة التي صاحبها عند تسارعها اواخر التسعينات شك بجدواها لدى المراقبين واعتبروها «فقاعة» سرعان ما تنفجر، أثبتت الآن أنها عامل أساسي في نمو اقتصاد الإمارة الذي حقق العام الماضي رقما قياسيا بلغ 16% فيما ارتفع الناتج المحلي لها الى نحو 27 مليار دولار. من جانبه، يرى الدكتور محمد رهيف حاكمي رئيس مجلس إدارة مجموعة «أرمادا» للاستثمارات العقارية ومقرها دبي، أن ارتفاع أسعار النفط عالميا وما صاحبه من تدفق المزيد من العوائد النفطية والتي يتم استغلالها بشكل أساسي في مشروعات الاستثمار العقاري على شكل إنفاق حكومي على البنى التحتية كان من ابرز عوامل النمو. كما يرى، ان انخفاض أسعار الفائدة كان له دور ايضا في منح المستثمرين دافعا قويا للحصول على قروض عقارية من البنوك والاستثمار بالقطاع العقاري، مشيرا الى ان تلك القروض هي ذات كلفة منخفضة جدا إذا ما قورنت مع الوضع السائد منذ سنوات ليست ببعيدة والى ان انخفاض سعر الفائدة الدائنة على العملة المحلية عامل جذب لبعض المستثمرين لاستخدام مدخراتهم المودعة في البنوك للاستثمار في القطاع العقاري والذي يمنحهم سنويا عائدا أعلى، خاصة إذا ما تم الاستثمار في مكان جذاب مثل دبي.

وتساهم الزيادة المتوقعة في عدد سكان دبي إلى 2.1 مليون نسمة بحلول عام 2010 والى اكثر من 4 ملايين في 2020 وزيادة عدد السياح إلى 15 مليونا بحلول عام 2015 في زيادة الطلب على المشروعات العقارية والسياحية في الإمارة. ودفعت هذه العوامل الأساسية كثيرا من المطورين من القطاع الخاص في دبي الى دخول هذه السوق الذهبية، والاهم ضخ استثمارات اكبر مما كان متوقعا. وكان من هؤلاء شركة الفطيم للاستثمارات التي تطور مشروع «دبي فيستيفال سيتي».

ووفقا لمسؤول في الشركة، فقد دفع توسع السوق العقاري في الإمارة واشتداد الطلب على الوحدات السكنية «بصورة غير طبيعية» الى رفع استثمارات المشروع من 4 مليارات دولار الى 10 مليارات دولار دفعة واحدة. ووصف مروان شحادة المدير المالي في الشركة، المشروع بأنه «واحد من اكبر المشاريع في العالم». وقال شحادة إن المرحلة الأولى من المشروع الذي أعلن عنه في عام 2001 ستكون جاهزة في أواخر 2006 او مطلع 2007 على اكثر تقدير، مشيرا الى ان ارتفاع الاستثمارات جاء بسبب ضغط الطلب على العقارات السكنية والتجارية ومراكز التجزئة والفنادق في دبي التي يناهز عدد سكانها المليون حاليا.

انتعاش القطاع العقاري دفع الى اشتداد الطلب على التمويل المصرفي وخاصة من جانب المستثمرين الراغبين بالاستفادة من الفرصة. ويرى مصرفيون أن حجم سوق القروض العقارية في إمارة دبي يصل حاليا إلى نحو 8 مليارات دولار، فيما يقول آخرون إن الطلب على القروض سيصل إلى 25 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. وما يدل على انتعاش حركة التمويل العقاري بدبي إعلان شركة «استثمار» التابعة لشركة «نخيل» العقارية توجهها لإصدار سندات عقارية في الأسواق العالمية لأول مرة بقيمة تتراوح بين 300 ـ 350 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الحالي في الولايات المتحدة وأوروبا.

ويعتمد الإصدار المرتقب على توريق القروض العقارية لجزيرة النخلة ـ جميرة فيما يورق الإصدار الثاني وقيمته تتراوح بين قروض جزيرة النخلة ـ جبل علي.