تقرير «الشال»: القلق من التضخم يقتضي تعاونا كبيرا من أوبك لخفض تكلفة الطاقة

مطلوب زيادة الشفافية حيال جهود زيادة الطاقة الإنتاجية

TT

لفت التقرير الاقتصادي الأسبوعي لشركة «الشال» للاستشارات الاقتصادية إلى أن تقرير المتابعة لحسابات الإدارة المالية لدولة الكويت لشهر فبراير(شباط) 2005 الصادر عن وزارة المالية الكويتية أشار إلى ارتفاع في جملة الإيرادات المحصلة إلى نحو 770.5 مليون دينار كويتي بزيادة بنحو 21.5% عن مستوى شهر يناير (كانون الثاني) ـ رغم فارق الثلاثة أيام، نحو 94.8% منها إيرادات نفطية. ومعها بلغت جملة الإيرادات المحصلة لـ 11 شهراً من السنة المالية الحالية 2004/2005 نحو 8 مليارات دينار كويتي، نحو 92.2% منها إيرادات نفطية، أو نحو 7.373 مليار دينار كويتي. وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي في فبراير رقماً قياسياً عند 37.2 دولار أميركي للبرميل بارتفاع بنحو 1.9 دولار أميركي للبرميل عن مستوى شهر يناير. وبينما بلغ المعدل الرسمي لحصة إنتاج النفط الكويتي في أوبك على مدى 11 شهراً ـ أبريل 2004 ولغاية فبراير ـ نحو 2.058 مليون برميل يومياً، بلغ معدل إنتاجها الفعلي نحو 2.342 مليون برميل يومياً أي بارتفاع بنحو 13.8%، بينما بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي على مدى الـ 11 شهراً نحو 34.3 دولار أميركي للبرميل.

وخلال شهر فبراير، انخفض رقم جملة المصروفات الفعلية إلى نحو 364.3 مليون دينار كويتي من مستوى 654.2 مليون دينار كويتي في شهر يناير، ليبلغ رقم جملة المصروفات الفعلية لـ 11 شهراً نحو 4287.2 مليون دينار كويتي. يذكر أنه لا يفترض الاعتداد برقم المصروفات لأنها ستقفز بشكل كبير في شهر مارس (آذار) بعد تعلية كل المصروفات المستحقة عليها، وسيرتفع الرقم لجملة المصروفات الفعلية إلى مستوى 6 مليارات دينار كويتي. ومع المستوى الحالي لأسعار النفط من المتوقع أيضاً أن ترتفع الإيرادات العامة ليلامس مجموعها حافة 9 مليارات دينار كويتي.

وفيما يخص أسعار الفائدة، قال التقرير إنه تمت زيادة سعر الخصم على الدينار الكويتي لسبع مرات متصلة من 3.25% إلى 5.25% أي بإجمالي بلغ نحو 2%، والدولار الأميركي لسبع مرات أيضا من 1% إلى 2.75% أي بإجمالي بلغ نحو 1.75%. وجاءت الزيادة الأخيرة مباشرة بعد إعلان بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي لزيادتها على الدولار الأميركي، ولعل الأهم هو قراءة ما بين سطور البيان الأميركي، والذي يوحي بالشعور بعدم الثقة حيال المستقبل مما فسر على أنه تأكيد على الاستمرار في تلك الزيادات. ومع بقية العالم السائر في نفس الاتجاه، واضح بأن السياسات النقدية انكماشية، والتبرير المنطقي هو التحوط من ضغوط تضخمية محتملة. والكويت حالة خاصة، فالتضخم كان عالياً في أسعار الأصول، ورغم بعض التبريد الذي طال سوق العقار المحلي في بعض مكوناته، كان الشهر الفائت ـ منذ 19 فبراير ـ ساخناً جداً في سوق الكويت للأوراق المالية. وبنك الكويت المركزي رغم تدخله غير المباشر لحماية القطاع المالي والاقتصادي، لا يملك خياراً سوى استغلال الظرف والتبعية للدولار الأميركي، وتقديرنا أنه ربما يرغب في أن يكون أكثر هجومية ويزيد أسعار الفائدة المحلية بمعدلات أعلى من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. ولدى المصارف المحلية حتى يونيو المقبل للالتزام بزيادة ودائعها أو تخفيض قروضها إلى سقف لا يتعدى 80% للقروض إلى الودائع، وهو إجراء احترازي آخر وصحيح.

رغم أن السوق بدأ في التباطؤ في نموه بعد اليوم الأول من الأسبوع الفائت، إلا أنه سوق ساخن وجرعة المضاربة فيه كبيرة، ونعتقد أنه يأخذ منحى خطرا من حيث تأثيره على المتداولين. ويبدو أن البعض لازال يحاول التأثير على تداولات الدقيقة الأخيرة ـ الإقفالات ـ والجدول المرافق يرصد تلك الحركة للفترة الثانية هذا العام أو لنحو 27 يوم عمل، وواضح أنه حتى في أحوال الارتفاعات أو الانخفاضات الشديدة، لا تسلم الإقفالات من التلاعب. وحول أداء الاقتصاد العالمي تثير بعض المتغيرات قلقاً حول أداء الاقتصاد العالمي، فمن جانب هناك ارتفاع في أسعار النفط بلغت اسمياً مستوى قياسيا جديدا عندما كسر الخام الأميركي حاجز الـ 57 دولارا أميركيا للبرميل، وإلى جانب أثره على النمو الاقتصادي للدول التي تعتمد بشدة على النفط المستورد، ومعظم آسيا كذلك، يثير مخاوف تضخمية. ويدعو البعض إلى احتواء الآثار التضخمية احتياطياً باتباع سياسات نقدية انكماشية أكثر هجومية أي زيادة أسرع لأسعار الفائدة، وهو إجراء رغم مبرراته الصحيحة قد يؤثر سلباً أيضاً في احتمالات النمو، وأوروبا التي تعاني من انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وقرار وزراء أوبك في حينها التسامح قليلا مع عجز الموازنات ـ السقف 3% من الناتج المحلي الإجمالي ـ يصبح تهديد السياسة النقدية الانكماشية أكثر احتمالا. وحقق الاقتصاد الصيني أعلى معدلات النمو في الربع الرابع من عام 2004 عند مستوى 13% .

ويبقى حال أكبر اقتصادات العالم أي الاقتصاد الأميركي محل تساؤل، فالنمو لا يزال يوحي بأنه أسرع من شركائه في الدول المتقدمة تحديداً أوروبا واليابان، ولكن للاقتصاد الأميركي مشكلاته الكامنة والتي قد تؤثر سلباً في أدائه وأداء الآخرين. ففي عام 2004 حقق الحساب الجاري الأميركي عجزاً قياسياً جديداً، والحساب الجاري هو حصيلة تعاملات الولايات المتحدة السلعية والخدمية وحركة رأس المال مع العالم الخارجي. يحدث ذلك رغم افتراض تحسن تنافسية الاقتصاد الأميركي نتيجة الانخفاض الحاد لسعر صرف الدولار الأميركي أمام العملات الرئيسية عامي 2003 و2004، وبلغ عجز الحساب الجاري لعام 2004 نحو 665.9 مليار دولار أميركي أو 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي. ومع عجز الموازنة القياسي والتردد الأميركي في مواجهته، يبدو القلق من أن يقطر الاقتصاد الأميركي شركاءه في دورة ركود أخرى قلقا مشروعاً ومحتملاً.