الرئيس التنفيذي لبنك آركابيتا: استثمارات البنوك الإسلامية تصل إلى 200 مليار دولار

عاطف عبد الملك لـ«الشرق الأوسط»: طرح البنوك الأجنبية للمنتجات المالية الإسلامية مؤشر إيجابي

TT

قدر عاطف أحمد عبد الملك الرئيس التنفيذي لبنك «آركابيتا» نمو حجم الأموال التي تديرها المؤسسات البنكية الإسلامية وغيرها بحسب الشريعة الإسلامية بنحو 200 مليار دولار، مفيدا أن الاستثمار في المجال الإسلامي نما بشكل كبير خلال الثلاثة عقود الماضية بعد أن حققت نجاحات كبيرة شجع العملاء على الاستثمار فيها بشكل واسع.

وأشار عبد الملك في حوار أجرته معه «الشرق الاوسط» في الرياض إلى أن طرح بعض البنوك الأجنبية لمنتجات إسلامية مؤشر إيجابي يؤكد تجربة البنوك الإسلامية الناجحة، التي شهدت توسعا في استثماراتها من خلال توجهها نحو غير المسلمين الذين بدأوا يقبلون على المنتجات الإسلامية بشكل لافت.

وافاد، نحن نرى مؤسسات أجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي تطرح منتجات إسلامية وتقدم خدمات أفضل وأن تنافس البنوك الإسلامية المحلية، فهذا مؤشر جيد والأجمل من هذا أن نرى اشخاصا غير مسلمين يتعاملون مع المنتجات الاسلامية. وأكد ان هذا ما نشاهده في بنك «آركابيتا» حيث ان جزءا من الاستثمارات موجه لغير المسلمين، وهذا يبين ان المنتجات التي يقدمها مربحة. وكشف الرئيس التنفيذي، أنهم حققوا نجاحات واضحة من خلال فروع البنك المنتشرة في أميركا وأوروبا، مشددا في الوقت نفسه على أن أحداث 11 سبتمبر لم تؤثر على استثمارات البنك في الخارج. وهذا نص الحوار:

* ما هي أسباب التوجه الكبير من البنوك لطرح منتجات إسلامية؟ ـ إن الاستثمار في المجال الإسلامي نما خلال الـ 30 سنة الماضية والآن التقديرات لحجم الأموال المدارة من قبل المؤسسات الإسلامية أو غير إسلامية بحسب الشريعة الإسلامية تقدر بـ200 مليار دولار، وهذا التوجه نابع من المستهلك ولا شك أن المنتج المتطور يزداد عليه الطلب من المستهلكين، وقد زاد الوعي لدى المستهلكين حول تحقيق استثماراتهم الربح عبر صيغة شرعية من ناحية التمويل والاستثمار، وبالفعل بدأت هذه الاستثمارات تتوسع وتنمو ولا يتوقف هذا النشاط على المؤسسات الإسلامية، بل يمتد أيضاً إلى غيرها من المؤسسات، إضافة إلى إن هذه المصارف تريد الربح والحفاظ على العملاء وينظرون على أنه ليس نوع من المنتجات الإسلامية، ولكنه قطاع مربح وقطاع ينمو، ولهذا السبب بدأوا يؤسسون شركات لطرح منتجات ترضي هذه الشريحة من المستثمرين.

* هناك من يرى أن البنوك الأجنبية تخطط للاستحواذ على أموال إسلامية تقدر بنحو 500 مليار دولار، كيف ترى ذلك؟ ـ المستهلك نظرته مختلفة ونحن نتأمل منه أن يرى وجود مؤسسات أجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي تطرح منتجات إسلامية وتقدم خدمات أفضل وأن تنافس البنوك الإسلامية المحلية، فتكون بنوك أجنبية تطرح منتجات إسلامية، فهذا مؤشر جيد والأجمل من هذا أن نرى أناسا غير مسلمين. وهذا نراه في بنك «آركابيتا» جزء من الاستثمارات موجه لغير المسلمين، وهذا يبين أن السوق يمر بمرحلة وان المنتجات التي ينتجها مربحة لان بعضهم ينظر إليها لأنها مربحة أكثر من أنها شرعية، فأنت لا تبيع لشخص وتقول له اشتر هذا المنتج وهو استثمار، لأنه حلال وهو يفضل أن تكون عائداته حسب الشريعة الإسلامية، فكثير منتجات البنك الآن يستثمرون فيها أجانب غير مسلمين.

* وما هي الأسباب وراء هذا التوجه إذا كانت الضوابط الشرعية غير متوفرة؟

ـ غير المسلمين لا يهتمون بالضوابط التي يهتم بها المسلمون فهو يشتري لأنه ينظر إلى الربح والجودة، فمثلاً عندي صفقة شركة قهوة في أميركا اشتريت حصة تقدر بـ80 في المائة، فالمستثمر ينظر إلى الربح وأن هذه الشركة لها توجهاتها واستراتيجياتها وأنه بعد 5 سنوات ينظر لها أنها مربحة وهو أكثر من 20 في المائة وهذا الذي يراه، وأن الشركة مجالها حلال حسب الشريعة وتمويل الشركة عن طريق المرابحة.

* في رأيك، ما الفرق بين التمويل العادي والتمويل الإسلامي؟

ـ التشكيك دائما موجود، خاصة من الأشخاص الذي لا يرغبون أن تنجح هذه الصناعة، وأنا مدير بنك لا استطيع ان اخوض في قوانين الشريعة، لكن في البنك أشخاصا معنيين شيوخا وعلماء هم الذين يجلسون على الهيئة الشرعية الإسلامية، ويطلعون على كل منتجات البنك، ويدققون على جميع الصفقات، ويحددون مدى التزام الإدارات. وأنت كمستثمر تحكم رأيك، فقبل 30 سنة لما بدأت الفكرة كانت بسيطة ليست من قبل رجال أعمال أو رجال بنوك، لكن بسبب الوازع الديني، وكان هناك تشكيك في تلك الفترة، انظر إلى البنوك السعودية الآن يطورون منتجاتهم وأصبحت جميع منتجاتهم إسلامية، كذلك في الإمارات والكويت وقطر، فهذه لم تأت من فراغ، لكن من الاقتناع في الطلب، هناك أخطاء كثيرة ولا بد أن نعترف بها، الا ان ذلك لا يعني أن نقتل الفكرة أو المجال، فالبنوك الإسلامية تنمو أكثر وتدخل مجالات أكثر والمهم أن تركز على العنصر البشري، وذلك بسبب الإقبال الشديد من قبل المستثمرين والسيولة الكبيرة في المنطقة والمطلوب من المؤسسات الإسلامية أن تعزز الكوادر الإدارية وتعزز المنتجات وتكون حريصة أكثر من البنوك العادية، ونحن نتمنى أن تكون المؤسسات الإسلامية واعية وان تطرح منتجات تعزز الصناعة الإسلامية.

* بالمناسبة ما هي مرجعية البنوك الإسلامية؟

ـ لكل بنك إسلامي هيئة شرعية ونفس الشيء من الناحية الحسابية. عندما بدأت البنوك الإسلامية لم تكن هناك هيئة رقابة حسابية عليهم، لم يكونوا لا يعرفون أين يتوجهون وعندما يتوجهون إلى هيئة المحاسبة العادية هناك أمور مثل المرابحة والإيجارة لا يعرفون عنها شيء، فقبل 10 سنوات كانت هناك هيئة محاسبة إسلامية معترف بها من العديد من المؤسسات الدولية التي تملك مستشارين، وهناك اجتماعات سنوية في البحرين والخارج تعمم هذه الأسس الحسابية علي البنوك الإسلامية، ونحن نتوقع خلال 5 إلى10 سنوات المقبلة أن تشكل هيئة شرعية موحده متكاملة وكل البنوك مرجعيتهم إلى هذه الهيئة الشرعية.

* السعودية وماليزيا تؤسسان بنكا مركزيا في كوالالمبور، هل مرجعيتكم هذا البنك؟ ـ بنك آركابيتا يعتبر مؤسسة بحرينية وله فروع في أميركا وأوروبا ومرجعيتها لمؤسسة نقد البحرين، ومن خلال تقريبا 7 ـ 10 سنوات أخذت المؤسسة ريادة في محاولة إنشاء هيكلة متكاملة بطريقة رقابة البنوك الإسلامية، والآن في دبي وماليزيا ينظرون إلى تجربة مؤسسة نقد البحرين في مجال مراقبة البنوك الإسلامية التي كانت سباقة في عملية الرقبة علي البنوك الإسلامية.

* هل هناك انعكاسات جراء أحداث 11 سبتمبر على نمو قطاع المصارف الإسلامية؟ ـ إن بنك أركابيتا له استثمارات في أميركا تقدر قيمتها 5 مليارات دولار وفي أوروبا 3 مليارات دولار، توقعنا بعد الأحداث أن تكون هناك ردة فعل كبيرة، ولكن لم نواجه مشاكل كثيرة، بالعكس نحن كمؤسسة في البحرين أخذت نوعا من المبادرة والبنوك الإسلامية ليست لها علاقة اقتصادياً أو سياسياً والبنوك الإسلامية لم تتأثر كثيرا بتلك الأحداث نظرا لاتساع شرائح العاملين فيها وبعدها عن موقع الحدث وتأقلمها مع الوضع الاجتماعي وأيضا لعودة سيولة مالية عالية اتجهت في غالبها إلى استثمارات داخلية كانت البنوك والمنتجات الإسلامية المصرفية احد أوعيتها الملائمة مع اتساع دائرة وأعمال المنتجات المصرفية الإسلامية.

* بعد أحداث 11 سبتمبر عادت أموال الخليجيين التي كانت في أوروبا وخاصة في أميركا. فلماذا أصبح البنك أكثر استثماراته في الخارج؟

ـ الاستثمار لا تدفعه العاطفة، بل يدفعه قرار يتخذ حسب مجلس اقتصادي معين، بنك آركابيتا استثمر في مشروع سكني متكامل محيط بملعب غولف يقدر بـ 400 مليون دولار وفيه كثير من الأنشطة التعليمية والرياضية، وكذلك استثمرنا في البحرين. وفي عام 2004 تقريبا خمس استثماراتنا في منطقة الخليج والباقي في الخارج وأكبر اقتصادات العالم هي اقتصاد أميركا، حيث يشكل 40 في المائة من اقتصاد العالم وأوربا 35 في المائة واليابان 10ـ 15 في المائة والخليجي 2 ـ 3 في المائة من اقتصاد العالم فلا بد من توزيع هذا النوع من الاستثمارات بطريقة أن تحافظ على مخاطرتها ومردودها. إن نجاحات البنك السابقة التي تمثلت في تملك أصول واحدة من أكبر شركات الرعاية الصحية المنزلية على مستوى الولايات المتحدة الأميركية «تندر لفنك كير»، إضافة إلى شراء حصة كبيرة من شركة «فوجيكا» الفرنسية التي تعتبر من اكبر صناعة وتوريد المطابخ وتجهيز الحمامات، إضافة إلى تنفيذ أكثر من 30 صفقة استثمارية وإصداره لسندات إسلامية بنحو 190 مليون دولار في السوق الأوروبي مع رفع رأسمال البنك إلى أكثر من 300 مليون دولار ستؤسس لأعمال ونشاطات استثمارية تضع البنك في وضع استثماري قوي على المستوى الإقليمـي والـعالمـي.