عبد العزيز الغرير يؤكد أهمية اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا لكنه طالب باستثناء القطاع المصرفي في الإمارات 10 سنوات

الرئيس التنفيذي لبنك المشرق: 2005 سيكون عاما «ماسيا» للبنوك الإماراتية

TT

توقع الرئيس التنفيذي لبنك المشرق عبد العزيز الغرير، ان يصدر المصرف المركزي الاماراتي قانونا خلال الشهرين المقبلين يتيح للبنوك التقليدية الحصول على تراخيص لممارسة النشاط المصرفي الاسلامي. مشيرا الى ان 10 بنوك اماراتية، بما فيها بنك المشرق، تنتظر مثل هذا القانون لاطلاق عملياتها المصرفية الاسلامية. وقال في حديث مع «الشرق الأوسط» في مكتبه بدبي، انه طالب باستثناء القطاع المصرفي لمدة 10 سنوات في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، مشيرا الى ان العام الحالي سيكون عاما «ماسيا» للبنوك الاماراتية بعد ان كان «ذهبيا» العام الماضي، متوقعا نمو ارباحها بنسبة تتراوح بين 30 ـ 40 بالمائة.

* انتهى الربع الاول واظهرت معظم المصارف نتائج ممتازة، كيف ترى الفترة المقبلة بالنسبة للقطاع المصرفي؟ ـ ربما نسمي عام 2005 عاما ماسيا للبنوك، بعد ان كان ذهبيا العام الماضي. والواقع ان نتائج البنوك هي محصلة للنشاط الاقتصادي القوي في البلد، وآمل في ان تستفيد البنوك من هذه النتائج القوية لتكون جاهزة للمنافسة الاقليمية والعالمية، لا أن تستمر فقط في توزيع الارباح على المساهمين او الاستفادة من ارتفاع اسعار اسهمها في البورصة. يجب ان تكون البنوك مستعدة من خلال تعزيز مركزها التنافسي والاداري.

* كم تتوقع نسبة النمو للقطاع في 2005؟

ـ ما بين 30 ـ 40% وهذه نسبة قياسية شهدناها العام الماضي ونتوقعها العام الحالي.

* أين كانت القطاعات الاكثر نموا في البنوك؟

ـ في قطاع الشركات او القطاع التجاري، فهذا القطاع كان الافضل على الاطلاق، بسبب الطفرة الاقتصادية والاصدارات الجديدة. لقد جنت البنوك عوائد ممتازة من الدخل الآخر الذي تفوق على عوائد الفوائد. لقد كان النمو كبيرا في هذا المورد، وربما يحصل هذا لأول مرة، الا ان مثل هذه الطفرة قد لا تستمر. فعوائد الفوائد تعتمد على قاعدة من القروض وحجم عمل ثابت، انما الدخل الآخر يعتمد على انتهاز الفرص.

* هناك خوف على القطاع المصرفي في الامارات مع دخول الدولة في مفاوضات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. ـ لا يمكن مقارنة درجة نضوج بنوك الامارات بالبنوك الاميركية، ولا توجد مقارنة بين الطرفين في القوة التنافسية. اما بين الدول العربية فالبنوك الاماراتية تعتبر في افضل مركز تنافسي على الاطلاق، لأن اقتصاد الامارات حر وفيه من البنوك الاجنبية ما هو أكثر عددا من البنوك المحلية، مما يعني وجود قطاع تنافسي قوي. هل نحن مستعدون لمنافسة البنوك الاميركية الضخمة؟ لا أظن انه لدينا القدرة على ذلك. لهذا السبب طالبت الجهات المفاوضة مع الجانب الاميركي باستثناء البنوك لمدة 10 سنوات، حيث نستغل هذه الفترة لتعزيز تنافسية البنوك وقدراتها بالافكار الجديدة والتقنيات والارتقاء بمستوى الموظفين والاندماج وما شابه. حتى نكون مستعدين للدخول في «المباراة» يجب ان يكون «فريقنا» جاهزا، ولا اظنه كذلك لأننا لم «نتدرب» جيدا، فنحن فوجئنا بهذا القرار (دخول المفاوضات) بهذه السرعة. كان بودي لو كنا مستعدين لهذه المفاوضات، فهذه هي اول مرة ندخل فيها مثل هذه المفاوضات ودخلناها كفريق ناشئ ضد فريق اوليمبي. الاميركيون دخلوا عدة مفاوضات وهم متمكنون ومتمرسون ولهم نفوذ تجاري وسياسي ويخلطون بينهما ويفرضون ما يشاءون.

* هل سيقبل الاميركيون استثناء القطاع المصرفي كما طالبت؟ ـ ليس لدى الجانب الاميركي الخيار الا قبول هذا الاستثناء. هم لديهم قائمة طويلة جدا من الاستثناءات.

* هل استفدتم من تجربة البحرين في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة بالنسبة للقطاع المصرفي؟ ـ الاستفادة لا تكون الا عندما تكون انت المفاوض. وبالنسبة لمفاوضات الدول الاخرى فأنت مجرد مشاهد للمباراة لا طرف في اللعبة. يجب ان تكون متمرسا وتعرف كيف تفاوض وتحاور، وتحتاج الى الوقت لقراءة الملفات (الخاصة بالمفاوضات) وفهمها، وان يصبح لديك طاقم متخصص ومتفرغ للبنوك التجارية وفريق متخصص في كل قطاع من القطاعات المختلفة. لقد كنت اطالب دائما بتخصيص فرق متفرغة.

* هل لبيت هذه المطالب؟ ـ ليس لدينا بعد الفريق المتخصص والمتفرغ.

* السعودية فتحت باب المصارف وشركات التأمين امام الاستثمارات الاجنبية فكيف ترى هذه الفرصة؟ ـ كنت اطالب دائما بأن تنفتح الدول العربية والخليجية على بعضها البعض، قبل ان ننفتح امام الدول الأخرى. فلو انا تنازلت لصالح رجل اعمال في السعودية او مصر او الكويت فهذا لا يضرني، لأن المصلحة مشتركة. هم يستفيدون وانا استفيد. البادرة السعودية جيدة ويا ليت تبادر بقية الدول العربية الى اتخاذ مثل هذه الخطوات.

* هل تعتقد ان الخطوة السعودية تلك جاءت متأخرة؟ ـ ان تكون متأخرة افضل من لا شيء. الوضع سيكون كارثيا لو فتحنا الابواب دفعة واحدة، وسيؤدي الى اهتزاز الاقتصاد. اما اذا ارادت دولة ما الانضمام الى منظمة التجارة العالمية والدخول في مفاوضات تجارة حرة مع دول، فمن الافضل تحرير القطاعات تدريجيا، بدون ذلك لا يمكن التحكم بالنتائج.

* وماذا ترى من فرص لكم كقطاع مصرفي في السعودية الآن؟ ـ السعودية سوق كبير وهناك تكامل بين القطاعات التجارية بين الامارات والسعودية. كثير من المستثمرين السعوديين يستثمرون بمبالغ كبيرة في الامارات، وكثير من تجار الامارات يصدرون للسعودية. هناك تكامل اقتصادي. وأنا مع انفتاح السعودية وأود ان تنفتح أكثر، ولا تزال هناك بعض العراقيل التي تقف امام الاستثمارات المباشرة في السعودية.

* مثلا؟ ـ اللوائح تقول شيئا والواقع شيء آخر. نحن تعودنا في دبي على سبيل المثال استخراج الرخصة التجارية في يومين او اربعة ايام. والبضاعة تخرج من الميناء الى المخازن في نفس اليوم، واي زيادة عن ذلك نسميها هنا «عرقلة». ما أتمناه هو ان يتمكن كل مستثمر صغير أو كبير في المملكة، من الحصول على رخصة ما من دون ان تكون هناك ضرورة لمعرفة تاجر كبير او مسؤول في الدولة. اما كبنك فلدينا النية، وحسب ما عرفنا فإن السعودية سمحت بفتح بنك واحد لكل دولة خليجية للتجربة، ومن ثم اطلاق المجال امام مزيد من البنوك.

* بنك الامارات الدولي حصل على رخصة؟ ـ نعم واعطوه فرعا واحدا. هذا لا يكفي في بلد كبير كالسعودية، بل يجب ان يكون لديك 20 او 30 فرعا. المهم انه من الافضل فتح المجال امام البنوك الخليجية حتى نعتاد على المنافسة التي تعززها وتقويها، ويجب ان نستعد للفرق الكبيرة المقبلة من الولايات المتحدة واوروبا واليابان.

* كيف ترى اداء المشرق خلال الارباع الثلاثة المقبلة من العام بعد النتائج القوية للربع الاول؟ ـ لا اريد الاعلان عن تقديراتنا من ناحية الارباح المتوقعة لبقية العام، لكن المؤشرات طيبة. واذا كانت النتائج الربعية مؤشرا، فأتوقع ان نستمر على نفس المنوال.

* الى أي مدى من الممكن ان يستمر هذا النمو القوي؟ ـ بالمعايير العالمية فإن أي نمو فوق 20 ـ 25% يسمى طفرة. وهناك مؤسسات حققت نموا بين 30 ـ 40%.

* هل تستمر الطفرة؟ ـ انها تستمر مع استمرار حجم العمل الجديد في البلد، الا انني اتوقع ان تعود الامور الى ما كانت عليه بحلول 2006 ـ 2007، ليصبح النمو عاديا بين 10 ـ 20% وهذا هو المعقول. اما المعدلات الكبيرة التي نراها الآن فلا يمكن ان تستمر. قد تستمر سنة او ثلاثا ولكن ليس اكثر من ذلك.

* هناك عوامل اساسية في اقتصاد الامارات تساهم في دفع قاطرة النمو، الى أي مدى سيستمر هذا الدفع؟ ـ الدخل الاضافي للامارات جراء ارتفاع اسعار النفط لم يكن بالحسبان حينما وضعت الميزانية. هذا الدخل يساعد الحكومة على دفع عجلة النمو وتنفيذ المشاريع الكبيرة والبنى التحتية. هناك ارتفاع في الانفاق العام، وشعرت بهذا من كلامي مع المسؤولين. كما ان القطاع العقاري اصبح الآن محركا قويا للاقتصاد وأنعش معه قطاعات الانشاءات ومواد البناء وارتفع عدد السكان فانتعشت قطاعات التجزئة والسياحة والطيران. وساهمت الاصدارات الجديدة للشركات العامين الماضي والحالي، في ادخال ارباح كبيرة للمؤسسات المالية وللذين اشتروا الاسهم.

* لكن هناك انتقادات لهذه الاصدارات فهي لشركات لا تزال على الورق وهذا اجراء يعتبر غير قانوني في دول مثل السعودية وقطر؟

ـ اظن انها ظاهرة خطيرة لكن هذا ما يحصل، وأعتقد ان طفرة اسعار اسهم هذه الشركات ستتجه للانخفاض. هناك شركات عملاقة اليوم استغرق منها الامر خمس او عشر سنوات منذ تأسيسها حتى تضاعف سعر سهمها ضعفا او ضعفين. الا ان الاسهم خلقت من جهة أخرى وعيا استثماريا فالناس الآن مولعون بالاسهم.

* هل ترى لتحرك اسعار الفائدة تأثيرا محتملا في جاذبية الاسهم؟ ـ لا أعتقد ذلك، فعوائد الاسهم كبيرة جدا قد تصل الى 30 او 40% وستظل الاسهم اكثر جاذبية من الودائع، حتى تتقارب نسب العوائد بينهما. وأنا انصح المستثمرين بالدخول في الصناديق الاستثمارية التي يديرها خبراء متمرسون، فالسوق مليئة بوحوش تفترس المستثمرين الجدد.

* قطاع المصارف الاسلامية ينتعش بصورة متصاعدة فهل في نية بنك المشرق فتح نافذة اسلامية قريبا؟ ـ البنك يسوق منتجات مرابحة، وتمويل المشروعات الكبيرة بالمرابحة، الا اننا ننتظر الآن صدور قانون يسمح به المصرف المركزي بإنشاء شركات اسلامية منفصلة تابعة للبنوك التقليدية ونتوقع صدور القانون في غضون شهرين. وحسبما علمت فهناك عشرة بنوك اماراتية تقدمت بطلبات لتأسيس شركات اسلامية في الامارات.

* السوق سيكون مزدحما اذا؟

ـ لا شك في ذلك، وهذا يعني منافسة كبيرة. الواقع كان يجب وضع هذا النظام منذ زمن وندع البنوك تعمل بالنظامين (التقليدي والاسلامي)، كما في السعودية وقطر. هنا صعبوا المسائل ولا أدري لم!.