خبراء: مشاريع أميركا لمعالجة أزمة تكرير النفط لن تكبح جماح الاستهلاك قريبا

سباق «محموم» على طرح البدائل وإغراء الشركات بمنح ضريبية لإقامة مصاف في مناطق الاسكا المحمية

TT

طرح الرئيس بوش أخيرا أفكارا قديمة وجديدة لمعالجة موضوع الطاقة وجاء هذا الطرح بعد ايام قليلة من لقائه ولي العهد السعودي الأمير عبد الله في مزرعة الرئيس بوش في كروفورد تكساس. وتصدّر موضوع الطاقة جدول المفاوضات والمباحثات بينهما وطمأن الأمير عبد الله بن عبد العزيز مضيفه الرئيس بوش ان المملكة العربية السعودية تسعى لزيادة القدرة الانتاجية لـ 12.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2009 لتلبية نمو الطلب العالمي.

وتشمل الخطة التي تحمل اسم «خطة بوش وتشيني للطاقة» منح تخفيضات ضرائبية لشركات الطاقة لتحفيزها في تطوير مصادر طاقة بديلة والسماح للشركات بالتنقيب والانتاج في المناطق الطبيعية المحمية في الاسكا القطبية. وفي هذا الإطار وافق الكونغرس على اصدار قانون طاقة جديد شامل يسمح باستغلال مناطق في الاسكا كانت محظورة سابقا لحماية الطبيعة. وتم إعادة طرح مقترحات قديمة مثل الاستثمار في طاقة بديلة. وتم تخصيص 6.2 مليار دولار كتحفيزات ضرائبية للشركات. ويعتقد المحللون أن هذا الاجراء لن يحقق النتائج المرغوبة في تخفيض أسعار النفط للمستهلك. وفي هذا الصدد يؤكد فرانك فيراسترو مدير برنامج الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن «الاحظ ان الادارة تحاول أن تأتي بحلول خلاّقة ولكنها لم تعالج المشكلة الأساسية وهي مشاكل الامدادات المتناقصة». وقال ايضا «يتعين على الحكومة أن تكبح جماح استهلاك الطاقة بدل التركيز على تلبية شهية المستهلك للمزيد والمزيد من الطاقة».

ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تعاني من مشاكل نقص في الامدادات المقطّرة ولم يتم بناء أي مصاف جديدة منذ عام 1976. والسبب في ذلك هو معارضة لوبيات حماية البيئة والطبيعة وكذلك وطأة الانظمة والقوانين التي تعمل كرادع ضد الاستثمار في مصافي التكرير. ومن اللافت للانتباه هو اقتراح الرئيس بوش أن يتم بناء مصاف جديدة قرب مناطق عسكرية مغلقة لتفادي الصدام مع جماعات حماية البيئة. ولإغراء الشركات بالاستثمار في مصافي تكرير جديدة تقترح الحكومة منح امتيازات ضرائبية وتخفيف حدة الاشتراطات البيروقراطية والقانونية المفروضة. وكتحفيز للاقتصاد في استهلاك الطاقة سيتم منح تخفيضات في الضرائب تبلغ 2.5 مليار دور للسائقين الذين يستعملون سيارات اقتصادية في استهلاك وقود البنزين. وفي هذا السياق قال البروفسور وليام لاوري من جامعة واشنطن في ولاية ميسوري «إن حقيبة بوش تحتوي نفس المواد السابقة وليس فيها من جديد ولكن الادارة الاميركية تحاول الحصول على نتائج سريعة في مجال الطاقة». ومن المقترحات الأخرى المشمولة في القانون الجديد هو الاستثمار في بناء محطات خزن وتوزيع الغاز الطبيعي المسال. ويتواجد في الولايات المتحدة الآن 4 محطات من هذا النوع رغم أن خبراء الطاقة الاميركيين يقدرون أن هناك حاجة إلى 36 محطة لخزن وتوزيع الغاز الطبيعي المسال. وتستهدف المقترحات إلى تقليل الاعتماد على النفط الخام المستورد من الخارج لا سيما من دول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك). والقانون الجديد يتعرض الآن لحملة مكثفة من قبل الديمقراطيين لاسباب سياسية لانهم ينظرون لصناعة الطاقة كحليف للجمهوريين.

ويرى الخبراء أنه من غير المتوقع أن تنفيذ مقترحات الرئيس بوش ستؤثر على الأسعار على المدى القصير والمتوسط. ويعود ذلك للفترة الزمنية الطويلة التي يستغرقها تخطيط وتنفيذ أعمال التنقيب في الاسكا والحفر والانتاج بكميات تجارية. ويرى وودرو كلارك اقتصادي في مركز ميلكين للدراسات في سانتا مونيكا كاليفورنيا أن بناء مصاف جديدة في مناطق نائية سيخلق فرص عمل في المناطق الأكثر فقرا».

ولكن جيري تايلور مدير الموارد الطبيعية في مركز دراسات كاتو المستقل في واشنطن يرى «أنه يتعين على الحكومة وضع القواعد لسياسة منطقية متكاملة. وفي السنوات السابقة ترك موضوع الطاقة بيد شركات استثمار خاصة». وفي بيان تم توزيعه على وسائل الإعلام الاسبوع الماضي قال تايلور «من الخطأ ان يظن الرئيس بوش أن مقترحاته ستعالج كل العلل التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي». بعبارة أخرى سيترك الرئيس بوش البيت الأبيض وتبقى المشكلة قائمة.

ودخل المعمعة السيناتور جون كيري المرشح السابق للانتخابات الرئاسية قائلا «نحن بحاجة الى قدرات تكريرية إضافية وتدخل حكومي أقل في اختيار مواقع التنقيب عن النفط والابحاث بمصادر طاقة بديلة». ومن جهة أخرى فقد دعمت هيلاري كلينتون التي تمثل ولاية نيويورك في مجلس الشيوخ حرق إطارات السيارات القديمة لتزويد مصنع للورق يقع في ولاية نيويورك بالطاقة اللازمة ولكن هذا الدعم قوبل باحتجاجات شديدة من قبل لوبيات حماية البيئة من التلوث واتهمت هيلاري كلينتون بالنفاق لانها قبل سنتين كانت من أكبر الداعمين لجماعات حفظ البيئة والهواء النقي وكانت تشن حملة ضد ملوثي البيئة.