هل نستفيد من 222 مليون دولار في اليوم؟

TT

تحقيق أكبر ثلاث شركات طاقة عالمية مدرجة في البورصات لما مجموعه 222 مليون دولار أميركي كصافي أرباح في اليوم الواحد يعكس دور منطقة الخليج العربي في رسم خريطة الاقتصادات الدولية المستقبلية. فبنظرة سريعة على أداء هذه الشركات، نجد ان صافي أرباح اكبر شركة طاقة متداولة أسهمها على البورصة (اكسون موبيل) بلغ 7.8 مليار دولار للربع الأول من هذا العام، بينما حققت ثاني اكبر شركة طاقة عامة (بريتيش بتروليوم) 6.6 مليار دولار، بينما حققت شركة (شل) للطاقة 5.5 مليار دولار. هناك عدة تساؤلات تثار متى ما يتاح للإنسان الفرصة للتفكير بحجم فائض السيولة المتراكمة لهذه الشركات سنة بعد أخرى، وهل تستفيد الشعوب العربية من أرباح هذه الشركات؟ أم كل الفائدة هو بيع النفط خاما والسلام. فمعدلات الأمية والبطالة والسكان في المنطقة العربية في تزايد كبير وضمن معدلات مخيفة، مهمة خلق وظائف جديدة تصبح أكثر صعوبة عاما بعد آخر، فالنظام الإداري الحديث يعتمد على أشخاص اقل بإنتاجية أعلى، بالأخص مع التطور التقني الذي لم نشهد سوى بدايته لغاية الآن. الدوائر الحكومية التي كانت تخلق وظائف جديدة باتت تتجه نحو نظام الإدارة الحديثة الذي يتم تقييم أعمالها على مفهوم الربح والخسارة، بالتالي فان مفهوم المدير المحاط بحاشية من السكرتارية، السواق، المنظفين، البواب، وغيرها من التسميات بدأت بالانحسار. لافتات التوزيع الحكومي أو الأسعار المدعومة بدأت تتوارى عن الأنظار يوما بعد آخر مع تزايد عدد السكان العرب ضمن معدلات هي الأسرع في العالم بدون قدرة الاقتصادات على مواكبة هذا الارتفاع السكاني. ولا بد من الإشادة، بالتجارب الناجحة لبعض دول المنطقة بالشراكة مع مؤسسات الطاقة مثل تجربة مكتب (المبادلة) في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن اعتقد ان تغيير مفاهيم مستقبل الطاقة ودخول الغاز الطبيعي إلى حلبة السباق تحتم الاستفادة أكثر من تواجد هذه الشركات في المنطقة. فبعد عشرين عاما تقريبا، يتوقع خبراء الطاقة ان الغاز سيحل محل النفط كمصدر رئيسي للطاقة على الصعيد العالمي، بالتالي لن يكون مستغربا أن تنفق قطر أو إيران المليارات من الدولارات في الوقت الراهن لتطوير بنيتها التحتية في قطاع الغاز حيث ستلعب هذه البنية دورا مهما في تغيير خريطة الطاقة العالمية في المستقبل. كما يشعر المستثمرون الخليجيون بأهمية الاستثمار في كل ما يمكن أن تصله أيديهم في شركات الطاقة أو تفرعاتها، بالتالي رأينا الإقبال قبل اشهر في اكبر عملية إصدار في تاريخ الكويت عندما قامت شركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية بطرح 990 مليون سهم من أسهم شركة القرين لصناعة الكيماويات البترولية للاكتتاب العام وهو ما يعادل 90 % من رأس مال الشركة بسعر 103 فلوس للسهم الواحد.

كذلك في ابريل الماضي خلال الاكتتاب العام في أسهم شركة آبار للاستثمار البترولي والبالغة قيمتها 495 مليون درهم اماراتي والذي تم على شريحتين الأولى بقيمة 170 مليون درهم اماراتي مفتوحة لكل مواطني دولة الامارات والثانية بقيمة 325 مليون درهم اماراتي مخصصة بين مواطني الامارات والشركات على أساس نسبي، وتمثل نسبة الأسهم المطروحة للبيع 55% من رأس مال الشركة، إلا إن حجم الاكتتاب قارب 400 مليار درهم، وإذا ما تغاضينا عن حجم تمويل المصارف من قيمة الاكتتاب، فان الرقم يظل شاهدا على اقتناع المستثمرين ورجال الأعمال بقدرات المنطقة على الاستفادة أكثر من موارد الطاقة.

* خبير اقتصادي ومالي في دبي [email protected]