محللون يرون في ارتفاع أسهم الشركات قناعة باستمرار أزمة أسعار الإسمنت في السعودية برغم إزالة الحماية الجمركية

TT

عكست ردة فعل المستثمرين في سوق الأسهم السعودية أمس وصعود أسهم شركات الاسمنت الثماني المدرجة في سوق الأسهم قناعة بعدم قدرة قرار مجلس الوزراء السعودي الأخير بإعفاء واردات الاسمنت من الرسوم الجمركية حتى نهاية العام على مواجهة الصعود الكبير في الطلب، وأنه لن يؤدي بالضرورة الى خفض الأسعار وإيجاد حل جذري، وان هناك قناعة بأن أزمة أسعار الاسمنت عالمية وأن الدول المحيطة بالسعودية لا تتوافر لديها كميات كافية من الاسمنت القابل للتصدير ما يؤذن باستمرار الوضع الحالي لحين توافر طاقة إنتاجية جديدة كما هو متوقع بنهاية العام الحالي أو انخفاض الطلب موسميا مع حلول الصيف. وكان وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف قد أوضح في بيان أن نص قرار مجلس الوزراء يعفي واردات الإسمنت التي تصل السعودية من الرسوم الجمركية على أن تتحمل الحكومة الرسم الجديد اعتبارا من الثلاثاء حتى بداية عام 2006، وقال انه توضيحاً لما نشرته الصحف المحلية حول قرار مجلس الوزراء المتعلق بتخفيض الرسوم الجمركية على الاسمنت فإن قرار مجلس الوزراء يقضي بتطبيق الرسم الجمركي المتفق عليه مع دول مجلس التعاون الخليجي وقدره 5 في المائة ابتداء من 17 مايو الجاري بدلا من الرسم الحمائي السابق وقدره 20 في المائة، إلا انه حرصاً من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز على تخفيف الأعباء على المستهلكين للاسمنت خاصة أولئك الذين يشيدون منازلهم، فقد قررت الحكومة أن تتحمل الرسم الجديد 5 في المائة حتى نهاية العام الميلادي ليتمشى مع قرار مجلس التعاون الخليجي أي أن الاسمنت سيفسح من الجمارك بدون دفع رسوم جمركية حتى نهاية العام الجاري، وبعد هذا التاريخ سوف يستحصل رسم جمركي قدره 5 في المائة على الواردات من الاسمنت. وكان وزير التجارة والصناعة الدكتور هاشم بن عبد الله يماني قد أكد في بيان مماثل أن إعفاء الاسمنت المستورد من خارج السعودية من الرسوم الجمركية ابتداء من تاريخ الثلاثاء الماضي حتى نهاية العام المتضمن تحمل الدولة خلال هذه الفترة الرسم الذي كان مطبقا على الاسمنت المستورد قبل صدور هذا القرار والبالغ 20 في المائة، وذلك يكون الرسم الجمركي الفعلي المطبق خلال هذه الفترة صفر في المائة. وتوقع الوزير يماني في تصريح له أن يؤدي هذا القرار الى تدفق كميات أكبر من الاسمنت للأسواق المحلية لمواجهة الطلب المتزايد على هذه السلعة الاستراتيجية، مشيرا إلى أن الرسم الجمركي على الاسمنت المستورد سيكون خمسة في المائة بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل. ومن جانبه قال محمد الصحيان، مدير عام مركز الصحيان للاستشارات المالية والخبير في سوق الأسهم السعودية لـ«الشرق الأوسط» إن ارتفاع أسهم شركات الاسمنت له عدة عوامل بينها أن غالبية أسهم شركات الاسمنت مملوكة من قبل مساهمين يفضلون الاحتفاظ بها من يرفع حساسية أسهم الاسمنت للمضاربات نتيجة لانخفاض نسبة سيولتها في السوق خصوصا أسهم شركات اسمنت الجنوبية والسعودية والعربية.

وأضاف الصحيان أن قرار إزالة الرسوم الجمركية لن يكون صاحب اثر كبير نتيجة لعدم توافر اسمنت بكميات كبيرة وبجودة مطلوبة في الأسواق المجاورة، كما أن أسعار الاسمنت مرتفعة على المستوى العالمي ما يتيح لشركات الاسمنت المحلية مواصلة جنيها أرباح تشجع المستثمرين على توجيه رأسمالهم لها.

ومن جانب آخر قال محمد السويد، المحلل المالي السعودي، إن السبب في ارتفاع أسعار أسهم الاسمنت يرجع لإخراج عدد كبير من المستثمرين لجزء من أموالهم من أسهم قطاع الصناعة وسط مخاوف من بدء تراجع أسعار البترول في السوق العالمي، حيث نتجت عن ذلك إعادة توزيع المستثمرين لأموالهم من قطاع الصناعة للتوجه الى قطاعات الاسمنت والاتصالات والخدمات. من جانب آخر، ارتفعت أمس أسعار جميع أسهم شركات الاسمنت الثماني المدرجة في سوق الأسهم السعودية، حيث ارتفع سهم اسمنت العربية 5.9 في المائة، واسمنت اليمامة 2.9 في المائة، واسمنت السعودية 5.3 في المائة، واسمنت القصيم 3.8 في المائة، واسمنت الجنوبية 10 في المائة، وهي نسبة التذبذب القصوى المسموح بها، واسمنت ينبع 5.4 في المائة، واسمنت الشرقية 3.8 في المائة، واسمنت تبوك 4.7 في المائة، وبذلك يكون مؤشر هذا القطاع قد ارتفع 25.6 في المائة منذ بداية العام.

وكان عدد من مسؤولي شركات تصنيع الاسمنت قد أكدوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ان إزالة رسم الحماية الجمركية تستدعي رفع القيود على تسعير مصانع الاسمنت لمنتجها، فيما قال الدكتور زامل المقرن، مدير عام شركة اسمنت المنطقة الشرقية، إن الطلب المتزايد دفع الشركات للإنتاج بكامل طاقتها، مشيرا الى أن شركته التي تبيع 9 آلاف طن يوميا ستضيف 1.1 مليون طن الى طاقتها الإنتاجية بنهاية العام الجاري. يشار الى شركات أخرى بينها اسمنت ينبع والقصيم ستضيفان طاقة إنتاجية جديدة بنهاية العام الجاري تبلغ مليون طن ومليون ونصف طن للشركتين على التوالي.

كذلك يشار الى أن مبيعات الاسمنت في السعودية بلغت 23.8 مليون طن العام الماضي، وشهد الطلب ارتفاعا بواقع 400 ألف طن خلال الربع الأول من العام الجاري ما أسهم في دفع الأسعار للارتفاع وسط كثافة في تنفيذ المشروعات في عدة مناطق بينها المنطقة الغربية.