مصانع الأقاليم الجنوبية للصين تعاني من نقص في العمال

TT

دونجوان (الصين) ـ رويترز: قبل عشرين عاما لم يكن يتسنى لاصحاب المصانع الانتقال الى جنوب الصين بسرعة كافية، لكن رجل الاعمال الصيني تشوك شيانج قرر الانتقال في الوقت الراهن. كانت الاقاليم الساحلية الجنوبية للصين تشتهر بتوريد عمال مهاجرين بتكاليف زهيدة، مما حول المنطقة الى واحدة من مناطق التصنيع الكبرى في العالم، لكن مثلما انتقل الازدهار الاصلي من هونج كونج الى جوانجدونج في الجنوب، فانه ينتقل الان الى مناطق ابعد داخل البلاد، والعمال بدأوا يزدادون وعيا ويتركون الاقليم في وضع غريب في أكثر دول العالم ازدحاما بالسكان، وأصبح الاقليم يعاني من نقص في العمال يزيد على مليوني عامل. وقال شيانج في مكتبه في مدينة دونجوان المتربة، «في السابق كنت تبني وكان شخص ما يأتي وكنت تفتح المصنع».

وشيانج وهو رجل اعمال من تايوان يعمل في جوانجدونج منذ 15 عاما، حيث ينتج مصنعه كل شيء من اطارات الصور وسلاسل المفاتيح المتجهة الى السياح الاميركيين الى الصور المصغرة المرسومة على العاج للسيد المسيح على الصليب. لكن العوامل التي اجتذبته الى هنا تتغير مثلما تتغير استراتيجية العمل لدى شيانج. وقال «انني اقيم مصنعا اخر في هونان»، في اشارة الى الاقليم الذي يقع في وسط البلاد ويقع على مسافة عشر ساعات بالسيارة. واشار شيانج الذي يخطط لتوظيف 1000 عامل هناك مع تقليص حجم نشاطه في جوانجدونج «الكهرباء والمرافق ستكون أرخص كثيرا هنا». ومع وجود سكان في الريف يصل تعدادهم الى نحو 800 مليون نسمة يوجد العديد من الاشخاص الذين لديهم الاستعداد للعمل في مصانع الصين حيث يتوجه واحد من بين كل ثمانية للعمل في المدن. لكن المعادلات التي تدفقوا بموجبها على جوانجدونج بدأت تتغير. وعن طريق الاشاعات افتضح امر الاحوال السيئة للعمال وانخفاض الاجور ووصلت الى البلدات التي خرج منها هؤلاء العمال مثل هونان وسيشوان. ومع بدء تطور هذه المناطق أدرك العمال ان بوسعهم العثور على عمل مماثل في مكان قريب من محل اقامتهم. وفي نفس الوقت بدأ أصحاب المصانع يدركون ان ثمن الارض وتكاليف التشغيل في المناطق الداخلية أرخص وان الحكومات الاقليمية تقدم حوافز لاجتذابهم. ومع انتشار مصانع الاجهزة الالكترونية على امتداد الساحل الشرقي قرب شنغهاي التي تقدم أجورا أعلى بدأ العمال يدركون ان لديهم خيارات. وقالت يانج ميمي، 22 عاما، التي تعمل في مصنع لصناعة مواد الاثاث «المصانع الان تفتح في اماكن اخرى في الصين. الاجور أفضل هنا في الداخل. لكن في زيانج وفوجيان يمكن الحصول على اموال أكثر». ووصلت يانج الى دونجوان منذ عام من اقليم هينان مسقط رأسها، حيث تزرع اسرتها القمح وهو مصدر عمل ثان لها. وفي المرة الاولى أمضت أربع سنوات في مصنع في بلدة شينجين القريبة على الحدود مع هونج كونج، لكنها توجهت الى بلدتها لتتزوج وتنشئ اسرة. وهذه المرة تركت طفلا عمره عام واحد. وقالت وهي تعكس معادلة الفقر والفرصة الشائعة لدى العديد من العمال المهاجرين «انني افتقده. لكن من الافضل ان اكسب اموالا بينما هو صغير لم يصل الى سن المدرسة». ويقول محللون ان الايام التي كان اصحاب المصانع قادرون على ابقاء الاجور راكدة لعشر سنوات مثلما كان الحال في جوانجدونج انتهت، ويدرك العمال انه توجد اماكن يمكنهم الذهاب اليها. وقال ارثر كرويبر مدير تحرير مجلة «تشاينا ايكونوميك كوارترلي»، المسألة ليست ان هناك نقصا في العمال وانما ان هذا النقص يوزع بالتساوي بدرجة أكبر، بحيث ان هذا المكان الذي كان يحتل مكانة مرموقة فقدها». واشارت وسائل الاعلام الصينية الى ان متوسط الاجر الشهري للعمال المهاجرين في جوانجدونج ارتفع بمقدار 68 يوان فقط (8.22 دولار) في السنوات الاثنتي عشرة الماضية، حيث تدفع معظم المصانع أقل من 1000 يوان (120 دولارا). وقال كرويبر «جوانجدونج... ما زالت تستفيد من الفهم الشائع، بعد ان تغيرت الحقائق بأن هذا هو المكان الوحيد الذي يجب الذهاب اليه». وشيانج الذي يتنقل بين غرف العرض الممتلئة باطارات الصور وسلاسل المفاتيح، من بين رجال الاعمال الذين استيقظوا على الاقتصاديات المتغيرة وحقيقة ان العمال يريدون المزيد. وقال «في مرة فقدت اعصابي في المصنع وقال لي عامل سوف أبلغ عنك مكتب الضرائب والصحافة». واضاف «وعندها أخذ قلبي يخفق بسرعة كبيرة». واشار الى ان مزيدا من العمال أصبح في حوزتهم هواتف جوالة وبإمكانهم الدخول على شبكة الانترنت، وقال ان سياسة الصين بأن يكون لدى الاسرة طفل واحد يجعل الوالدين أقل استعدادا لان يروا ابنهم يتنقل في انحاء البلاد، بينما الازدهار في المناطق الداخلية يبقي مزيدا من العمال قرب مسقط رأسهم. وقال شيونج دونج، 20 عاما، من اقليم هوبي «كثير من الاصدقاء لا يريدون ان يأتوا الى هنا». ويتفق معه في الرأي زملاؤه العمال في مصنع الالكترونيات وهم يتناولون الغداء حيث يقولون انهم يحصلون على دخل يتراوح بين 700 و800 يوان شهريا.