رئيس شركة «القدرة الإماراتية القابضة»: لا مخاوف من تراجع أسعار الأسهم الإماراتية ومطلوب صناع للسوق

الشامسي: الاكتتابات الجديدة دليل على تعطش السوق .. وتحويل الشركات العائلية إلى مساهمة تفرضها معايير المنافسة

TT

أبدى صلاح الشامسي رئيس شركة القدرة القابضة الاماراتية تفاؤلا بأداء السوق الاماراتية، مشددا على ان التراجع الاخير في اسعار الاسهم هو تراجع محدود في مصلحة المستثمرين. وقال ان التراجع الطفيف يقوي السوق ويزيد من كفاءتها ويجنبها خطر الانهيار الحاد. ودعا الشامسي في أبوظبي في حديث لـ«الشرق الأوسط» الى ايجاد ما يعرف بصناع السوق الذي يعملون على تحقيق التوازن في حركة الاسعار. وتوقع الشامسي ان تشهد ابوظبي طفرة عقارية غير مسبوقة تنعكس على مختلف اوجه الحياة الاقتصادية.

* لنبدأ من حالة التراجع الراهنة التي تمر بها السوق المالية الاماراتية، كيف تنظر الى هذا التراجع؟ ألا تعتقد انه طال اكثر من اللازم؟ ـ حركة التذبذب في الاسعار امر طبيعي في الاسواق المالية، وهي حركة صحية لتصحيح الاسعار وفق المعطيات الموضوعية المؤثرة في اداء الشركات او في ضوء ما يتوقعه المتعاملون من نتائج. ومثل هذه الحركة تهدف اساسا الى كبح جماح عمليات المضاربة او لجني ارباح قصيرة الاجل. وأنا لا اعتقد ان التراجع في سوق الامارات كان حادا كما ان فترته كانت معقولة وطبيعية ولا تستدعي التخوف. علينا في تحليل اداء السوق ان ننظر للمعطيات الكلية المرتبطة بحركة الاقتصاد الوطني ومستويات النمو في مختلف القطاعات، فضلا عما يتوفر من معلومات عن المشاريع والخطط الموضوعة او تلك التي يتم تنفيذها في مختلف المجالات. يضاف الى ذلك ان التراجع التصحيحي من حين لآخر امر ضروري للسوق لان استمرار الحركة التصاعدية الطويلة قد تنتج عنه انتكاسة وتراجع طويل، ولذلك من الأسلم ان تكون هناك عملية تصحيح بين فترة وأخرى لضمان استقرار السوق.

* هل شملت عملية التصحيح كافة القطاعات وهل كان هناك تفاوت في نسب التراجع؟

ـ الحركة التصحيحية تشمل في العادة مختلف الشركات، ومن الطبيعي ان تتفاوت نسب التراجع حسب التفاوت في نسب ارتفاع الاسعار.

* هل التصحيح مرتبط باقتراب موسم الإجازات؟

ـ لا، ليس هناك علاقة للتصحيح بالاجازات او الصيف، خاصة اننا نعيش عصر الإنترنت بكل تجلياته، وبالتالي فإن المستثمر يستطيع المتابعة بنفسه في أي مكان يكون فيه فضلا عن ان كبار المستثمرين لديهم ادارات متخصصة تتابع حركة السوق وتضع اصحاب الاستثمارات في صورة ما يجري أولا بأول، ولذلك لا ارى ان الاجازات يمكن ان تشكل عنصر تأثير على حركة السوق سعرا او تداولا.

* ولكن ألا يمكن ان تتراجع وتيرة الاكتتابات الاولية في فصل الصيف؟

ـ الفيصل في الموضوع نوعية الشركات التي تطرح وليس توقيت طرح الاكتتابات، فإذا توفرت في الاصدار عوامل الجذب المناسبة، فإن التوقيت يظل عامل هامشيا لا تأثير له.

* ما رأيك في الحجم الحالي للاكتتابات الأولية، ألا تجد في ما يطرح من اصدارات نوعا من المبالغة؟

ـ لا، فالأسواق عطشى، خاصة ان السوق الاماراتية انقطعت فترة طويلة عن الاكتتابات الاولية. وبالنهاية عدد الاكتتابات وحجمها لا تحكمه الانطباعات المتسرعة بل عوامل العرض والطلب. فاذا كانت السوق قادرة على هضم الاكتتابات الجديدة، فإن الطلب سيكون مرتفعا على الاصدارات الاولية. اما في الحالة المعاكسة فإن طرح الاكتتاب في ظل طلب ضعيف يصبح مغامرة لا اعتقد ان المستثمر الحصيف يمكن ان يقدم عليها.

* ألا تعتقد ان هناك نوعا من التكرار في بعض الاصدارات الاولية الجديدة فعلى سبيل المثال طرحت في وقت متزامن عدة شركات عقارية في ابوظبي؟ ـ ما طرح حتى الآن في ابوظبي شركتان عقاريتان هما الدار وصروح. ولا اعتقد ان شركتين من هذا النوع اكثر من حاجة ابوظبي، خاصة ان التوقعات تشير الى طفرة كبيرة في سوق العقارات بابوظبي بسبب فترة الجمود التي مرت بها هذه السوق بسبب عدم وجود حركة للبيع والشراء. اما الآن فإن السوق مهيأة لمرحلة جديدة تنشط فيها البيوع والاستثمارات العقارية.

* هل الطفرة العقارية المتوقعة في ابوظبي تلبية لحاجة محلية أم محاولة لجذب استثمارات من الخارج؟

ـ القطاع العقاري هو القطاع المرشح لقيادة عملية التنمية في مجملها. ومن خلال الشركات العقارية يمكن ان توجه الاستثمارات المحلية وكذلك يمكن ان تستقطب استثمارات اجنبية.

* هل تعتقد ان هناك ضرورة لإطلاق الملكية العقارية بحيث تشمل الاجانب ايضا؟

ـ الملكية الأجنبية لا تتعلق بالعقارات فقط بل بالأسهم ايضا ولكن يجب ان يوضع لهذه النوعية من الملكية نظام يعطي الاجانب حق التملك ضمن ضوابط معينة.

* ما هي هذه الضوابط؟

ـ الضوابط المتعارف عليها في الدول الاخرى، والتي تصدر على شكل لوائح تنظم العملية كلها وليس مجرد اصدار قرار بالسماح بالتملك، فقد تجاوزنا الحديث عن المبدأ لأننا نعرف الآن ان هناك فائدة من استثمار الاجانب في العقارات والاسهم ولكن يجب وضع المبدأ ضمن قالب تنظيمي واضح.

* استقطب التحسن الكبير في اداء سوق الاسهم شرائح كبيرة من صغار المستثمرين، هل تعتقد ان هناك حاجة الى صناديق ومؤسسات مالية لإدارة اموال هؤلاء المستثمرين وتشغيلها بشكل رشيد؟

ـ طبيعي، فالمحافظ المالية المنظمة ضرورة ملحة في السوق، وهذا ما تقوم به العديد من البنوك، اما عدد وطبيعة هذه المحافظ فيتوقف على حجم ونوعية الطلب. فبعض البنوك قامت على سبيل المثال بإنشاء محافظ اسلامية لوجود طلب على هذه النوعية من المحافظ.

* لكن الملاحظ ان الاستثمار المباشر حتى من قبل صغار المستثمرين غالب على الاستثمار من خلال المحافظ المالية والصناديق الاستثمارية؟

ـ هذا عائد لقلة التسويق وضعفه. فالبنوك لا تبذل جهدا كافيا في تسويق هذه المحافظ ولا تصرف بما فيه الكفاية للترويج لها. واعتقد ان هناك حملات تسويقية منظمة لإطلاع الجمهور على مزايا المحافظ المالية ومقارنة هذه المزايا بمخاطر الاستثمار المباشر يمكن ان يوجد اهتمام اكبر بالمحافظ المنظمة.

* ألا تعتقد ان هناك هوة كبيرة بين عائد الاستثمار المباشر وبين عائد الاستثمار من خلال المحافظ، وان هذه الهوة هي التي تجعل العديد من المستثمرين يترددون في توظيف مدخراتهم في محافظ مالية؟

ـ القضية ليست عائدا بل في النسب التي تتقاضاها ادارات المحافظ نظير ادارتهم للأموال. واعتقد ان البعض الذي يتوفر له خيار الاستثمار المباشر ربما يتردد في دفع تلك النسب.

* هل لأن النسبة التي تتقاضاها المحافظ عالية؟

ـ لا، هذا الأمر نفسي لكن بعد ان يجرب الانسان مخاطر الاستثمار المباشر يدرك فوائد الاستثمار من خلال المحافظ. وهذا الامر يحتاج الى وقت وتوعية وحملات تسويقية كما قلت لك.

* مع الانتعاش الحالي في سوق الامارات وتوفر سيولة عالية فيه، هل تعتقد ان هناك حاجة لمراجعة حصص الحكومة الاتحادية او الحكومات المحلية في رأس مال بعض الشركات المساهمة وبعض البنوك؟

ـ مثل ما اشرت من قبل، فالمسألة عرض وطلب، فإذا كانت هناك حاجة يمكن للحكومة ان تسيل جزءا من حصصها لكن من الصعب ان تقوم الحكومة بإغراق السوق بأسهم من حصصها بشكل يؤدي الى الإضرار بالمساهمين الآخرين.

* لكن الواضح ان السوق عطشى وهناك طلب على الأسهم بدليل الارتفاع الحالي في الأسعار؟

ـ ارتفاع الاسعار احد المؤشرات لكن ذلك ليس كافيا لتقدير حاجة السوق ولذلك فإن أي قرار من الحكومة بتسييل جزء من استثماراتها في البنوك والشركات المساهمة يجب ان يخضع للدراسة لتقدير الخطوة وتحديد آثارها الاقتصادية على جميع الأطراف.

* هل تعتقد ان الاسعار الحالية للاسهم الاماراتية أعلى من اللازم، وان هناك مبالغة في الارتفاع الذي تشهده اسعار العديد من الاسهم؟

ـ في العادة، الاسعار تعكس التدفقات والارباح النقدية للشركات. لكن السوق لا يتحرك وفق هذا العامل فقط بل بسبب المضاربة، وهي مضاربة إما مبنية على ارقام وتحليلات مالية وإما مبنية على توقعات عن الاوضاع المستقبلية للشركات. في ضوء ذلك يتحدد السعر. وما شهدته السوق في الامارات كان مبنيا على عوامل صحيحة وتوقعات معقولة تدعمها وقائع على الارض سواء على شكل نمو في الارباح او على شكل زيادة في حجم الاعمال، فإن اعمال الشركات وخططها تستند الى حركة الاقتصاد الوطني ككل وهناك آمال عريضة في استمرار وازدياد نمو هذا الاقتصاد، وبالتالي استمرار التحسن في أداء الشركات.

* هل تعتقد ان المستثمر في السوق الاماراتية مستثمر طويل النفس أم ان الصفة الغالبة عليه هي المضاربة؟

ـ حاليا هناك نسبة كبيرة من الذين دخلوا السوق يمكن وصفهم بأنهم قصار النفس وهو عكس ما كان معروفا عن السوق الاماراتية التي كانت الاسهم بالنسبة للكثير من المستثمرين اوعية ادخار قلما يتداولونها.

* هل ساهمت موجة تجزئة الاسهم وتفتيتها في زيادة حركة التداول وبالتالي تراجع المدة التي يحتفظ بها المستثمرون باسهمهم؟

ـ هذا صحيح الى حد كبير والدليل ان حجم التداول في السوق الاماراتية زاد بشكل واضح بحيث اصبحت السوق الاماراتية ثاني الاسواق الخليجية بعد السعودية. وتجزئة السهم زادت ايضا في جذب صغار المستثمرين وشرائح من المستثمرين الاجانب التي اصبحت امامهم فرصة لشراء الاسهم المحلية بعد توفر كميات معروضة منها.

* ألا تعتقد ان الاقبال على الاستثمار في سوق الاسهم اثر على القطاعات الاخرى؟

ـ لا، واعتقد ان هناك موارد كافية لتشغيل مختلف القطاعات سواء كانت عقارية او صناعية او سياحية او غيرها. وهنا لا بد من الاشارة إلى ان حجم التداول في السوق الاماراتية لا يزال صغيرا رغم انه تجاوز ملياري درهم. ولكن الناس تقيس الانتعاش الحالي عما كان عليه الامر في السابق حيث كانت احجام التداول اليومية لا تزيد على 300 مليون درهم. واعتقد ان مبلغ ملياري درهم لا يشكل عبئا على القطاعات الاقتصادية الاخرى التي تتوافر لها سيولة عالية لتشغيلها.

* مع الانتعاش المتوقع في سوق العقارات بعد قرار السماح ببيع وشراء العقارات بإمارة ابوظبي، وبعد السماح المتوقع بتملك الاجانب للعقارات هل تخشى ان يؤدي ذلك الى نوع من المضاربة في هذه السوق؟

ـ صيغة السؤال توحي بأن المضاربة عملية سلبية. لكن المضاربة في عرف الاقتصاديين ظاهرة صحية كانت مبنية على توقعات وتحليل صحيح، ولذلك لا أجد أي سبب للتخوف، خاصة اننا ندخل مرحلة الاستثمار الكبير من خلال مؤسسات وشركات عقارية عملاقة.

* ألا تجد ان هناك نوعا من المنافسة بين الاسواق العقارية في المنطقة؟

ألا تؤدي مثل هذه المنافسة الى نوع من حرب الاسعار، وبالتالي الى تراجع عوائد الاستثمار العقاري؟

ـ المنافسة عامل ايجابي وصحي. وبصفة عامة اعتقد ان كل استثمار عقاري له خصوصية نابعة من طبيعة المكان الذي توجد فيه. فالسوق في ابوظبي غير السوق في دبي او رأس الخيمة. فالاستثمارات العقارية في ابوظبي لها اهداف تختلف عن اهداف الاستثمارات في دبي او الشارقة او رأس الخيمة.

* هناك شكوى من الوسطاء سواء من حيث مستوى التأهيل الذي يتحلى به هؤلاء الوسطاء او من حيث العمولة التي يتقاضونها، ما تقييمك لهؤلاء الوسطاء ودورهم؟

ـ النسب التي يتقاضاها الوسطاء محددة من قبل هيئة الاوراق المالية. وهذه النسب كانت معقولة عندما كانت احجام التداول ضعيفة لكن مع تحسن حجم التداول يجب مراجعة النسبة بحيث تؤخذ بالاعتبار المعطيات الجديدة في السوق.

* رغم تحسن مستوى الافصاح والشفافية في السوق الاماراتية إلا ان البعض يرى انه لا يزال يتحرك احيانا بفعل الشائعات. ما المطلوب لضبط تأثير الإشاعات؟

ـ سوقنا مثلها مثل الاسواق الاخرى عرضة للإشاعات والتوقعات، وهذه ليست مشكلة خاصة بل مشكلة عامة تجد مظاهر لها في الاسواق المجاورة والأسواق العالمية.

* من خلال تجربتك العريضة في السوق، ما الذي تعتقد ان سوق الامارات بحاجة إليه؟

ـ اعتقد اننا نفتقر الى ما يعرف بصناع السوق، على شكل مؤسسات تعمل باسلوب الاستثمار الطويل الاجل التي تتدخل عند الحاجة لتصحيح مسار السوق والمحافظة على توازنه. وهذا الدور يجب ان يتولاه الوسطاء بحيث لا يظل دور الوسيط سلبيا ومقتصرا على التوفيق بين اطراف المعادلة.

* هناك حديث عن تحويل الشركات العائلية الى شركات مساهمة عامة هل تعتقد ان الانتعاش الحالي يوفر فرصة لمثل هذا التحول؟

ـ التغيير نحو الكيانات الكبيرة ضرورة تفرضها المعايير الجديدة للمنافسة فالشركات العائلية التي لا تستطيع ان تحافظ على وجودها في السوق او تخشى منافسة غير متكافئة مع الكيانات الكبيرة من مصلحتها إعادة هيكلة نفسها سواء كان ذلك من خلال توسيع قاعدة المساهمة الخاصة او التحول الى شركات مساهمة عامة.

* تم الإعلان عن تأسيس شركة اتصالات ثانية في دولة الامارات هل تعتقد ان هذه الشركة تؤثر على مكانة مؤسسة «اتصالات» الحالية؟

ـ لا، المنافسة من العوامل الصحية التي تحسن الاداء وتدفع للابداع والتطوير المستمر. والتراجع الذي شهده سعر السهم عند الاعلان عن تأسيس الشركة الجديدة تراجع طبيعي لكن مع الاعلان عن البيانات المالية والخطط والتوسعات والتطويرات الجديدة ستدفع سهم المؤسسة لاستعادة مكانته التي تتلاءم مع الاداء، وحصة المؤسسة ليس في السوق المحلي فقط بل في الاسواق المجاورة والاسواق العالمية التي اصبحت مصدر دخل وموارد جديدة للمؤسسة.

* هل تعتقد ان المناطق الحرة بدأت تفقد اهميتها مع تزايد انفتاح الاسواق وتطبيق قواعد تحرير التجارة؟

ـ كل شيء يكمل بعضه بعضا، المناطق الحرة لها دور تلعبه وتخدم شريحة معينة من المستثمرين وتنوع الخدمات، وتنوع المناطق يخدم الاقتصاد ويترك للمستثمرين خيارات ويعطيه امتيازات قد لا يحصل عليها في مناطق اخرى. واعتقد ان دور المناطق الحرة يمكن ان يتغير على ضوء قانون الشركات الجديد الذي ينتظر ان يسمح بالملكية الأجنبية بالكامل.

* في ضوء تجربتك السابقة كرئيس لمجلس ادارة شركة تطوير المنطقة الحرة بالسعديات، هل تعتقد ان هذه المنطقة صفحة وانطوت ولن يتم إحياؤها.

ـ لا المشروع تم تنفيذه بدولة الإمارات. صحيح اننا كنا ننوي تنفيذه في ابوظبي لكن ما لم ينفذ في ابوظبي نفذ في دبي، والمحصلة ان المشروع نفذ على ارض الامارات، وهذا هو المهم، وهنا أتكلم عن سوق دبي العالمي للاوراق المالية وكذلك سوق السلع في دبي.