رئيس «أوبك»: الحوار مع الدول المستهلكة وأولها الاتحاد الأوروبي بهدف التشاور بشأن استقرار أسواق النفط

الشيخ أحمد الفهد في حديث لـ «الشرق الاوسط»: قضية تزويد الأسواق العالمية بالنفط ليست المشكلة الوحيدة وندعم عودة العراق للسوق بكامل إنتاجه

TT

أنهى الشيخ أحمد الفهد الصباح، وزير الطاقة الكويتي، زيارة إلى بروكسل، شارك خلالها في أعمال أول لقاء للحوار بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والتي يتولى الفهد رئاستها الحالية. وقبل مغادرته العاصمة بروكسل، أمس، تحدث الشيخ أحمد لـ«الشرق الأوسط» حول أهمية اللقاء بين «أوبك» وأوروبا.

* ما هي أهمية هذا اللقاء، وهذا الحوار بين «أوبك» والاتحاد الأوروبي، وماذا يمكن أن يحقق للجانبين؟

ـ الأسواق النفطية في المرحلة الحالية بدأت تعيش أجواء القلق بقضايا مختلفة، ولم تعد قضية تزويد الأسواق بالنفط هي القضية أو القلق الوحيد، الآن أصبحت هناك حقائق كثيرة تلعب دورا أساسيا في الأسواق العالمية للنفط، منها على سبيل المثال، الآن أصبح استمرار تزويد العالم بالنفط الخام، وزيادة الطلب العالمي، وإمكانية الدول المنتجة تزويد العالم بمثل هذا النوع من النفط، والقضايا الجيوسياسية التي تتسبب في ارتفاع الأسعار، والقضايا البيئية، وغيرها من الأمور الأخرى، لقد وجدنا أن هناك مخاوف كثيرة أثرت بشكل ومباشر في الأسعار في الأسواق العالمية، والتي تعكس حقيقة حاجة الأسواق، ومدى تزويد الأسواق. ولهذا رأت «أوبك» خلال الفترة الأخيرة، أنه يجب علينا في هذه المرحلة أن نتوسع في حواراتنا، ليس فقط مع الدول من خارج «أوبك» والمنتجة للنفط، كما فعلنا من قبل خلال الثمانينات عندما كانت الأسعار منخفضة، ولكن علينا الآن أن نتشاور ونتحاور مع الدول المستهلكة وجميع المستفيدين من هذا السوق.

وأحد أهم الزبائن والمستهلكين في العالم هو الاتحاد الأوروبي، ولهذا نعتقد أن تلك هي الخطوة الأولى في بداية حوار أوروبي مع «أوبك» لكي نضع النقاط فوق الحروف، ولكي نعرف من جانبنا ما هي تخوفات الدول المستهلكة، وما هي طلباتها للمستقبل، وما هو المطلوب من الدول المنتجة، للمساعدة في بناء تنميتها ونمو اقتصادياتها، كما اننا نحتاج أيضا، ونحن نستثمر أموالا طائلة في هذه الفترة، إلى أن نعرف ما هو مستقبل هذه الأسواق في استمرار الطلب العالمي، وما هي بدائل الطاقة التي سيتعامل معها المستهلك في المرحلة القادمة بعد ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى أننا يجب أن نكون قريبين من الاستراتيجيات العالمية. كل هذه القضايا مجتمعة جعلت من الوضع ضرورة الآن أن تكون هناك حوارات، وأحد هذه الحوارات بدأناه مع الاتحاد الأوروبي، وأتمنى أن يكون بداية لعلاقة حوار مستقبلي يجمع «أوبك» والاتحاد الأوروبي.

* أسعار النفط فوق مستوى 50 دولارا، وإنتاج «أوبك» عند أعلى مستوياته خلال آخر ربع قرن، وهناك مبادرة لزيادة سقف الإنتاج 500 مليون برميل لمصلحة من كل هذه التطورات، هل «أوبك، هي الوحيدة المستفيدة، وإذا كان الأمر كذلك لماذا يتم طرح مبادرات لزيادة الإنتاج لخفض الأسعار؟

ـ «أوبك» من المنظمات التي كانت دائما تنادي بوضع مستقر في الأسواق والأسعار وتزويد الأسواق بالنفط، ولذلك عندما بدأ الطلب بصورة غير عادية العام الماضي، استطاعت «أوبك» أن تلعب دورها البارز لتثبت للعالم أنها تملك نوايا حسنة لضمان استمرار تزويد الأسواق بالنفط الخام، وكذلك استقرار الأسعار، ونجحنا في ذلك. أما الآن في عام 2005، واستمرار الوضع على ما هو عليه وزيادة الطلب العالمي بعد دخول دول جديدة مثل الصين والهند، وبداية تغيير ثقافة السوق بالنسبة لمواسم النفط وبيع النفط والأسعار. أعتقد أن هذه اللحظة بدأت «أوبك» تغير سياستها في اتخاذ القرارات ليس اعتمادا فقط على العرض والطلب كما كان يحدث في السابق وإنما بدأت تتجاوز ذلك لتصل إلى مراحل أخرى، وهي استقرار الأسعار، وبناء المخزون الاستراتيجي والتجاري، وبهذا نستطيع أن نصنع نوعا من الثقة في الأسواق ولدى المستهلكين الذين يخشون على النمو الاقتصادي العالمي، والذي نحن أيضا حريصون عليه. إذن هذه الآلية الجديدة أعتقد أنها في مصلحة الجميع وليست في مصلحة طرف على حساب طرف آخر، لأن ارتفاع الأسعار ربما تكون له مصلحة مؤقتة للدول المنتجة، ولكن لا ينعكس إيجابا على الاقتصاد العالمي ولا على الدول المستهلكة ولا على الدول النامية، ولهذا نحن حريصون كل الحرص على العمل بكل جهدنا لكي نزود الأسواق العالمية بالنفط الخام من خلال ما نملكه من طاقة إنتاجية وطاقة احتياطية، أو من خلال استثماراتنا، حيث بدأت كثير من الدول الأعضاء ودول أخرى خارج المنظمة من الدول المنتجة، بناء استثمارات عالية لزيادة إنتاجها، وذلك من أجل أن يطمئن السوق العالمي اليوم بعد أن كان يخشى القضايا الجيوسياسية والبيئية والمناخية والاضطرابات والقضايا الأخرى التي تلعب دورا مهما في الأسعار. كما أن العالم بدأ يخشى إمكانية تزويد السوق بالنفط الخام، خاصة أن هناك نموا طرديا كبيرا يحدث هذه الأيام بعد دخول دول جديدة كالصين والهند تحاول أن تجد لها مساحات في الأسواق العالمية.

إذن خلاصة القول، نحن نرى أن مثل هذه القرارات سوف تعمل على تهدئة الأسواق وخاصة في الربع الأخير من العام، حيث هناك قلق شديد من أن كميات الطلب عالية، وأن «أوبك» لا تستطيع أن توفرها، ولكن نحن على قناعة بأننا نملك هذه القدرة وهذه الطاقة من أجل تفادي حدوث زيادة في الأسعار تنعكس سلبا على الجميع.

* العراق دولة داخل «أوبك»، ولكن نظرا للظروف التي مرت بها البلاد، تأثر مستوى إنتاجها من النفط وتأثرت الأسواق تبعا لذلك، فهل أصبحت الظروف الآن ملائمة لكي يعود العراق إلى مستوى من الإنتاج أفضل مما يقدمه الآن؟

ـ العراق الآن بعد أحداث تحرير الكويت، أصبح من الدول خارج حصص في «أوبك»، ولذلك كان يعمل في إنتاجها بناء على إمكانياته، وبعد سقوط النظام العراقي السابق، أصبحت بغداد تتعامل مع الوضع بحرية كاملة، ففي عام 2005 كان متوسط ما أنتجه العراق يقارب مليوني برميل، وهي تصعد وتهبط. ولا شك أن العراق يملك طاقة أكبر من ذلك، أعتقد ما بين 2.8 مليون برميل إلى ثلاثة ملايين، ولكن بسبب الأوضاع الأمنية لم يستطع أن يصل إلى هذا الرقم الأخير، ولكن لديه الحرية الكاملة في إنتاجه ويملك قراره. ونحن نتمنى أن يسود الاستقرار العراق ويعود إنتاجه من النفط بشكل طبيعي، وأن يعود إلى نظام الحصص المعمول به في «أوبك». ونحن بدورنا ندعمه ونسانده من أجل زيادة إنتاجه حتى يساهم معنا في استقرار الأسواق والأسعار.

* هل هناك اتجاه داخل حكومة الكويت لكي يكون هناك تنوع وتعدد لمصادر الطاقة، أم أن الأمر سوف يظل مرتبط فقط بالاعتماد على النفط بشكل أساسي، وما هو دور القطاع الخاص في تنفيذ تلك السياسات؟

ـ الآن، ومن خلال رسالة رئيس الوزراء، الشيخ صباح الأحمد، تنادي بعودة ريادة الكويت الاقتصادية لتكون مركزا ماليا، وخاصة بعد أن ابتعدنا عن الهاجس الأمني في الفترة الأخيرة، ولذلك نحن نعتقد أن القطاع النفطي يمكن أن يلعب دورا كبيرا في هذا الجانب، وتنوع الايرادات هو مطلب أساسي، ومن أجل الاقتصاد الكويتي على جميع العناصر المالية في الكويت أن تلعب هذا الدور سواء على مستوى الصناعة أو التجارة وغيرهما من أجل أن تعود الكويت كمركز مالي وتجاري، ولكن لاعتقادنا بأن قطاع النفط يستطيع أن يلعب دورا كبيرا في هذا الاتجاه، بدأنا فعليا نتجاوز مرحلة الإنتاج والتصدير فقط، وبدأنا نبحث عن فرص تساعد على نمو الاقتصاد الكويتي وتكون مساهمة فيه بعيدا عن النفط الخام ولا تكون أيضا فقط في التكرير، ولذلك دخلنا في مشاريع البتروكيماوية من خلال العطريات وغيرها، وأصبحنا نبحث الآن عن صناعات مصاحبة وصناعات القيمة المضافة، حتى نستطيع أن نلعب دورا في الاقتصاد المحلي ونمو الناتج المحلي. وهناك خطوات ايجابية تتمثل في أن يكون جزء كبير من الصناعة القادمة في الكويت مرتبطا بمشتقات ومخرجات النفط، وأن تكون لهذه الصناعات قيمة مضافة إلى الاقتصاد الذي تبحث عنه دولة الكويت والذي يتماشى مع منهجية رئيس مجلس الوزراء لعودة الكويت كمركز مالي. وبدأنا أيضا نبحث عن دخول القطاع الخاص في مجال قطاع النفط بعد أن كان لفترات طويلة مبتعدا عنه بل ممنوعا من دخوله، والآن أصبح القطاع الخاص شريك معنا في كثير من المشاريع منها مثلا في المصافي والصناعات البتروكيماوية والمصانع الإضافية، ونحن نحاول خصخصة جزء كبير قادم بدأناه في قطاع تسويق النفط المحلي كمحطات الوقود والزيت، ونتجه الآن إلى الأسمدة والناقلات وعناصر أخرى، وسيكون ذلك إضافة إلى الاقتصاد المحلي، وأقصد هنا دخول القطاع الخاص كشريك للدولة في مثل هذا النوع من الصناعات. إذن يمكن القول بأننا فعلا نسير بخطوات قوية ومحسوبة على طريق تحول الكويت وعودتها كمركز مالي ريادي في المنطقة.