الطريق إلى باكستان

TT

جميعنا يدرك حجم المكاسب التي قدمتها أسواق المال الخليجية إلى المستثمرين خلال الفترة القليلة الماضية. فكانت الأسواق كريمة جدا للجميع وبدون استثناء، ولم يكن يشترط لأحد أن يكون ملما بأبجديات الاستثمار ليتمكن من تحقيق المكاسب. وهو الوهم الذي ستحمله شريحة واسعة من المستثمرين الجدد للفترة القليلة المقبلة ولا يصحو إلا مع بدء موجة تصحيحية متوقعة مقبلة، يدرك خلالها دخلاء السوق ضرورة عدم الاستهانة والاستخفاف عند التعامل مع الأسهم، خاصة إذا ما غضبت الأسواق. بالنسبة إلى المستثمرين المتمرسين ذوي الخطط الاستراتيجية، الذين وضعوا استثماراتهم في الأسواق الخليجية قبل سنوات عديدة، فهم ينتظرون هذه اللحظة التي تمثل موسم الحصاد لهم. فقد ضخوا استثماراتهم عندما كانت الأسواق هادئة، فيها فرص استثمارية وقيم أسهم متدنية لا تتناسب مع حجم ازدهار ونمو الشركات، لكن الأسواق بنفس الفترة لم تكن مستعدة للانطلاق بعد، فانتظروا طويلا، ولكن النتيجة في النهاية كانت تستحق الانتظار. والآن، وقد ازدحمت قاعات التداول، وبات من الصعب جدا إيجاد حتى موقف لسيارتك على مدار محيط مبنى البورصة. وباتت جدران صالات التداول لا تتسع لحجم الإشاعات التي تنطلق على مدار الساعة، وبقدرة قادر، البعض منها يتحول إلى حقيقة بعد أيام قليلة، مما يتطلب بعض التشدد من إدارات البورصات حيال هذا الأمر، وتعزيز مستويات الشفافية ومحاربة تسريب المعلومات الداخلية. وماذا بعد، والأسعار باتت مرتفعة؟ معظم أسهم الشركات تفوق قيمها العادلة، حتى سوق مسقط الذي كان يضم صفقات استثمارية مربحة نتيجة تدني مضاعفاتها بالمقارنة مع أسواق الجوار، فقد تجاوز مستوى 5200 نقطة بينما لم يتعد حاجز 3200 عند بداية العام الحالي. على الرغم من اعتقادي بأنه هو السوق الوحيد الذي لا يزال فيه فرص يمكن اقتناصها إذا ما تم احتساب المضاعفات الربحية كمقياس رئيسي لخريطة مستقبل الاستثمار، فهو يظل جذابا حتى عند مستوياته القياسية الحالية. بنفس الوقت، هناك أمر ما، لست مدركا لخفاياه لغاية الآن، فبينما تدور رحى المضاربات وتقلبات الأسعار في منطقتنا، يتوافد العديد من المستثمرين ورجال الاعمال إلى باكستان!! أدرك بان هناك ما يقارب 163 مليون نسمة يشكلون بمفردهم سوقا استهلاكيا ضخما، وإنها تجاور الصين التي يصل عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، بالإضافة إلى الهند بتعداد سكانها الذي يتعدى المليار بقليل. صحيح إن باكستان قد عانت الكثير من الاضطرابات السياسية والنزاعات العسكرية، لكن يبدو انها تحاول قلب صفحة الماضي وبدء صفحة الاقتصاد الحر من الصفر، فهل يقوم المستثمرون ورجال الاعمال الخليجيون بنثر بذور الاستثمار في باكستان؟

* خبير مالي واقتصادي ـ دبي [email protected]