مجموعة الثماني تضغط على الصين للتحول إلى عملة ذات قيمة صرفية تتميز بالمرونة

الصين تدرس تفكيك ارتباط اليوان مع الدولار

TT

تتعرض الصين لضغوط من الولايات المتحدة واليابان لفك الربط بين اليوان والدولار الأميركي، وفي الوقت ذاته تدرس لجنة الحزب الشيوعي الصيني فك الارتباط بين العملة الصينية والدولار التي مضى عليها 11 عاما وربط اليوان بسلة عملات رئيسية مختلفة تشمل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني والدولار.

وهذا سيسمح لليوان بالارتفاع والهبوط ضمن حدود تستند إلى معدلات قيمة الدولار والين واليورو. ومن المتوقع أن يكون سعر الصرف الأولي لليوان قريبا من السعر الحالي الذي يبلغ 8.277 يوان للدولار. ويسعى أعضاء لجنة الحزب الشيوعي الصيني المسؤولة عن قرار من هذا القبيل للعمل على منع قيمة اليوان الصرفية من الصعود الكبير للحفاظ على تنافسية اليوان. ويعتقد الخبراء أن ربط اليوان بسلة عملات عالمية بدل الدولار سيعطي اليوان مرونة في الحركة ويقلل احتمال تعرضه لصدمات كبيرة في حالة هبوط أو صعود حاد للدولار وهذا سيفيد اليوان والاقتصاد الصيني. ويستغرب بعض المراقبون تردد الصين في أخذ الخطوات اللازمة لا سيما أن الحكومة الصينية تتعرض لضغوط شديدة من قبل الإدارة الأميركية وأعضاء الكونغرس لرفع قيمة اليوان الصرفية، لذا يبدو أن الضغوط الأميركية ستستمر حتى لو تم فك الربط مع الدولار.

ومن المتوقع أن تخضع الصين لضغوط جديدة من قبل مجموعة الثماني التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا واليابان وروسيا وإيطاليا والتي بدأت اجتماعاتها في لندن أمس وتنتهي اليوم.

وإذا استجابت الصين للضغوط ورفعت القيمة الصرفية لليوان، سترتفع أسعار البضائع الصينية في الولايات المتحدة والبضائع الأميركية ستبدو رخيصة في الصين. والنظرية تقول إذا حدث ذلك فهذا يؤدي إلى تقلص عجز الولايات المتحدة التجاري مع الصين، وهذا ينطبق على منطقة اليورو إلى حد ما.

ولكن ليس من الواضح حتى الآن متى سيتم اتخاذ القرار النهائي في التحول إلى سلة عملات ومتى سيتم التنفيذ. ولكن المراقبين يعتقدون أن الصين تنظر للأمر بجدية وعجالة.

ومن الجدير التنويه إلى أن اليوان الصيني تم ربطه بالدولار عام 1994 وبقيمة صرفية 8.7 يوان للدولار، وهذا استمر لأربع سنوات وتم تعديل القيمة الصرفية إلى 8.27 يوان للدولار عام 1998 أثناء الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت آسيا في ذلك الوقت. ولم تسمح الحكومة الصينية لليوان بالصعود والهبوط بأكثر من هامش لا يتعدى 1 في المائة. وفي هذا السياق قال ألن غرينسبان رئيس الاتحاد الاحتياطي (البنك المركزي) أن الدول الآسيوية الأخرى تستطيع زيادة صادراتها للولايات المتحدة لتحل محل الصين في حالة ارتفاع أسعار المنتجات الصينية. وفي نفس السياق قال جون سنو وزير المالية الاميركي في مقابلة تلفزيونية مع محطة «بلومبيرغ» للمال والأعمال «إنه يضغط على الصين لكي تتحول إلى سياسة العملة التي تتميز بالمرونة وهذا سيكون جيدا للصين وللاقتصاد العالمي ونريد أن تتحول آسيا بأجمعها إلى عملات تتميز بالمرونة الصرفية وعدم التمسك بالدولار». وأضافت اليابان صوتها بحث الصين على رفع قيمة اليوان الصرفية، وفي هذا الإطار قال وزير المالية الياباني ساداكازو تانيغاكي «إن الصين والعالم سيجنيان الفائدة من عملة صينية تتمتع بالمرونة الصرفية مقابل العملات الأخرى». وإذا نفذّت الصين هذا التحول فستستفيد من نمو قوي كنتيجة لعملة قوية وسيعزز ذلك إنفاق المستهلكين. ومن المعروف أنه لسنوات طويلة عاش الصينيون بحالة من التقشف ويعتقد بعض المراقبين أنه حان الوقت لأن يستمتع الصينيون بالاستهلاك الناتج من عملة قوية ومستوردات رخيصة. وفي الوقت ذاته دعا اقتصاديون صينيون الحكومة إلى اتخاذ إجراء موازي لفك اليوان من الدولار وربطه بمجموعة من العملات يتمثل في رفع قيمة اليوان بنسبة 3 إلى 5 في المائة مما يجعل الاستيراد رخيصا، الأمر الذي سيساعد في السيطرة على التضخم السعري. ولكن المسؤولين في الحكومة الصينية عبروا عن مخاوفهم من أن ارتفاع قيمة اليوان الصرفية سيقلل جاذبية البضائع الصينية في الأسواق الخارجية لا سيما الولايات المتحدة. وهناك مشاكل أخرى تتعلق بالبطالة في الصين. ولاستيعاب العمالة الوافدة من المناطق الريفية والزراعية يتعين على الاقتصاد الصيني أن ينمو بنسبة 7 في المائة سنويا وهذا النمو يعتمد على التصدير للخارج، ويعتبر التصدير الدينامو الذي يحرك النمو الاقتصادي في الصين. وفي هذا الإطار من المعتقد أن ارتفاعا حادا في قيمة اليوان الصرفية مقابل الدولار والعملات الرئيسية سيؤدي إلى زيادة البطالة ولكن بنفس الوقت تصبح المواد المستوردة مثل المواد الغذائية أكثر رخصا مما سيأتي بالضرر للمنتجات الزراعية المحلية مثل الرّز. ولكن الخبراء يشيروا إلى احتياطات الصين من العملة الصعبة التي تبلغ 650 مليار دولار التي يمكن اللجوء لها لتساعد البنوك في منح تسهيلات وقروض للشركات والمستهلكين. وهناك شبه إجماع بين الاقتصاديين ورجال الأعمال في هونغ كونغ أن تفكيك الربط بين اليوان والدولار وإعادة الربط مع سلة عملات سيأتي بالفائدة للصين على المدى البعيد ولكن لا أحد يعرف متى سيتم أخذ الخطوات اللازمة في هذا الشأن. ومن المرجح أن يتم ربط اليوان بسلة من العملات ولكن مع الاحتفاظ بقيمة صرفية منخفضة لليوان.

وقد يكون هناك تداعيات سلبية في الأمد القصير ولكن على المدى الطويل سيكون مفيدا للصين والعالم. وفي هذا الخصوص قال فيليب سواغل الخبير الاقتصادي في معهد إنتربرايز الأميركي للدراسات الاستراتيجية «المصدرون الصينيون اعتمدوا على التكلفة القليلة للتصنيع والإنتاج والحصول على التمويل بسهولة وقد يجدون من الصعب التنافس في الأسواق العالمية إذا فقدوا ميزة التكلفة المنخفضة في حالة ارتفاع اليوان. وسيناريو من هذا القبيل قد يحفز الصين على أن تزيد من الكفاءة والفعالية ولا تعتمد على الرخص في التكلفة الإنتاجية.