رفيق الحريري الغائب ـ الحاضر في منتدى الاقتصاد العربيمشاعر الحزن.. والدموع طغت على جلسته الخاصة

TT

في مشهد مؤثر وعلى بعد عشرات الامتار من موقع تفجير 14 فبراير (شباط) الذي اودى بحياة الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما، احتشد ما يربو على الف شخصية رسمية واقتصادية في المنتدى الاقتصادي العربي، يتقدمهم رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي واكثر من 15 وزيراً للمال والاقتصاد والاتصالات والصناعة من 11 بلداً عربياً وتركيا.

وعلى غير مألوف المؤتمرات الاقتصادية التي تتسم بالجدية من بدايتها الى نهاية اعمالها، طغت مشاعر الحزن بصورة واضحة قبيل بدء الجلسة الاولى للمنتدى، مع نشر عشرات الملصقات الكبرى التي تحمل صور الرئيس الحريري خلال مشاركاته على مدى سنوات في مؤتمر الاستثمار واسواق المال العربية (قبل تحوله الى المنتدى)، ليتفاعل هذا الحزن حسرة ودموعاً غلبت مشاعر معظم المشاركين مع استهلال الجلسة الاولى المخصصة لاحياء ذكرى الحريري، من خلال عرض فيلم لمحطاته السابقة. ثم من خلال كلمات من اصدقاء عرفوه تقدمهم وزير المالية الكويتي بدر الحميضي ووزير المواصلات البحريني الشيخ علي بن خليفة آل خليفة والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الطاقة القطري عبد الله العطية، ومدير عام مجموعة الاقتصاد والاعمال رؤوف ابو زكي. ووزير المال اللبناني السابق فؤاد السنيورة (القى كلمة باسم عائلة الشهيد).

وازدادت وتيرة التفاعل مع الكلمات التأبينية ليبلغ اشده مع تسليم جائزة الريادة في الاستثمار التي اصبحت تحت مسمى جائزة رفيق الحريري، الى ابنته هند، وتسليم جائزة باسل فليحان للقيادات الشابة الى زوجته يسمى حيث بدا للجميع ان الحريري حاضر في المنتدى رغم غيابه المفجع.

وعبر ابو زكي عن حال المؤتمرين بالقول: «ما من احد كان يصدق بأن رفيق الحريري يصبح اليوم شهيداً بعدما ظل ولأكثر من عشر سنوات بيننا رئيساً وراعياً ومتحدثاً ومحاوراً ومكرماً ومضيفاً وناصحاً وصديقاً ورجل خير وعطاء. لكن الصغار ينتصرون للحظة على الكبار الكبار لكنهم دائماً منهزمون. وها هو الرئيس الحريري ينتصر ولا نقول ينتقم، وهو في ضريحه. فالكبار يبقون احياء وان ماتوا. فيا رفيقنا على هذه المنصة، وجليسنا في هذه القاعة، وكبيرنا في هذا الحضور، ايها الاخ والصديق والرئيس والقائد تفتقدك اليوم هذه القاعة. يفتقدك هذا الحضور. نخالك معنا تقرأ في عيون مستمعيك ما يريدون وفي افكارهم ما يعانون. كم مرة قلت لنا ونحن معاً على هذه المنصة سأترك هذا الخطاب المكتوب جانباً اذ ان الناس تريد اشياء اخرى. تريد حواراً من القلب، فترتجل وتخلق الامل والتفاؤل حتى في اشد اللحظات صعوبة وقساوة. كنت دائماً تشحذ الهمم وتدعو العرب ليمزقوا الاتفاقات ويفتحوا الحدود والاجواء والاسواق والعقول والقلوب».

وجاء رد الوزير السنيورة باسم العائلة مؤكداً على استمرار مشروع الحريري وقال: «نحن مقتنعون انه لا بد من اصلاح سياسي يستند الى ارادة واضحة وخيارات كبرى واضحة، ولا شك عندنا في المسار الذي ينبغي ان تتخذه الامور: تطبيق اتفاق الطائف والدستور المستند اليه بحذافيره، بحيث تجري وتستكمل انتخابات حرة تشكل اكثريات سياسية تستطيع ان تتولى مقاليد الامور في ظل الفصل الدستوري للسلطات، وممارسة كل سلطة لصلاحياتها من دونما خوف او تجاوز. وهذا الامر ليس ضرورياً لاستقامة الوضع الاقتصادي فقط، بل هو مقتضى الدستور والحياة الديمقراطية التي تعني ممارسة الناس لحقهم في السلطة والمشاركة والقرار بعيداً عن التسلط وعن توجيه الاجهزة الأمنية للشأن العام وتدخلاتها وبعيداً عن الشعبوية».

وقال السنيورة: «مع العودة لاستكمال بناء النظام السياسي الدستوري والمتقدم تندفع مجموعة من المسائل الى مقدمة الصورة من جديد، وهي تتمثل في امرين كبيرين، التركيز الواعي على الميزات التفاضلية للبنان، والبناء على ما انجزه الرئيس الشهيد، باعتباره رجل دولة وصاحب مشروع للنهوض اللبناني والعربي».

اضاف: «ان الميزة البارزة للبنان تكمن في تجربته العريقة في مجال الحريات والديمقراطية، والتجربة الحرة الاخرى في عوالم الاقتصاد والاعمال. لبنان، بعيشه المشترك، والمبادرات الفردية والخاصة فيه وبكونه نموذجاً للتعددية الغنية وللقدرة على التجدد والتطوير. وقد حدثت بعد الطائف عدة تحولات كبرى وايجابية ابرزها: البنى التحتية الحديثة والثورة التعليمية التي اعانت فيها من جهة مؤسسة الحريري، ومن جهة اخرى القطاعات التعليمية الخاصة والجامعات العريقة، اضافة الى الانفتاح العربي من جديد على لبنان مع ظهور المبادرات الجديدة والاسواق الجديدة».

وقال: «لقد انجز في لبنان عمل كثير على مدى السنوات الماضية في مجالات فتح الابواب على العالم من الناحيتين الاقتصادية والتجارية، واستعادة ثقة العرب والعالم بنا، لكن لا بد من استكمال ما انجز بالسير على طريق الاصلاح الحقيقي وتبنيه في شتى وجوهه السياسية والاقتصادية والادارية والاجتماعية. كذلك وبالعمل على اعادة الاعتبار الكامل للقطاع الخاص، وبناء العقد الجديد مع فرقاء الانتاج بما يسمح بتحقيق المزيد من فرص النمو المستدام والتنمية في شتى المناطق اللبنانية وفي ايجاد فرص العمل للشباب ليتمكنوا من المشاركة في صنع المستقبل الذين هم عدته وهم المستفيدون الحقيقيون من تحسن الفرص فيه».