«الشال»: مشروع تطوير حقول النفط في شمال الكويت مقبول إذا كان القصد منه الاستكشافات

تخصيص «الكويتية» بين الرفض.. والقبول المشروط

TT

استعرض تقرير شركة «الشال» للاستشارات الاقتصادية، جملة المتغيرات التي شهدها الاقتصاد الكويتي خلال الأسبوع الماضي، وكان أبرزها موضوعات مشروع حقول النفط الشمالية، وتخصيص الخطوط الجوية الكويتية، وتطورات السوق العقاري. ففي مسألة تطوير حقول النفط الشمالية، ذكر التقرير أنه في تطور غير متوقع، أقرت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الكويتي مشروع حقول الشمال. وصرح وزير الطاقة الشيخ أحمد الفهد بأن مناقصة المشروع قد تطرح قبل نهاية العام الجاري، ولكن قبل ذلك يجب تمرير المشروع في جلسة عامة لمجلس الأمة، وعدلت اللجنة على مشروع الحكومة بأن سمت الحقول الأربعة التي يشملها المشروع، وكانت الحكومة تريده قانوناً عاماً يغطي هذا المشروع وأي مشروع محتمل. وعدلت على حق الشركات بالإنتاج بالطاقة القصوى للحقول مهما كانت حصة الكويت، وثبتت رقم العمالة الوطنية بـ80% من عمالة المشروع. كما شددت على احترام البيئة وأوقفت حق الحكومة بإضافة 10 سنوات أخرى إلى الـ20 سنة الأولى، وهي تعديلات بمحلها جيدة. ويعتقد أن قيمة المشروع قد تبلغ نحو 7 مليارات دولار أميركي، والأهداف الإستراتيجية له هي المساعدة على الإنتاج من النفوط الصعبة ومضاعفة إنتاج الشمال وتوفير فرص عمل للكويتيين.

وأكد التقرير أمرا أساسيا، وهو أنه ليس ضد مبدأ الإستعانة بالشركات الأجنبية في أي موقع ما دام هناك اتفاق على الأهداف والمزايا والتكاليف، ومشروع حقول الشمال لا يحقق ذلك. ونؤكد أن الحوار يترك هامشاً كبيراً من التساؤلات، رغم أنه حوار بالأرقام، أي لا يحتمل الجدل، ونعيد تكرار بعضه من باب التوثيق فقط. فالإنتاج من حقول الشمال لن يتضاعف، ولن يرتفع من 450 ألف برميل يومياً إلى 900 ألف برميل يومياً كما ذكر، وإنما من معدل إنتاج لشركة نفط الكويت بحدود 545.2 ألف برميل يومياً إلى معدل إنتاج لشركات النفط الأجنبية بحدود 689 ألف برميل يومياً، والفارق بين الاثنين في الإنتاج على مدى 20 عاماً هو في المتوسط 143.8 ألف برميل يومياً، أو نحو 4.8% من جملة الإنتاج المستهدف في عام 2010، ويهبط إلى 3.9% من جملة الإنتاج المستهدف في عام 2020. والقول إن الكويت ستحقق وفرة مالية تتراوح بين 20 ـ 100 مليار دولار أميركي ـ يعتمد على سعر برميل النفط المنتج، حال الاتفاق مع شركات النفط الأجنبية ـ كلام معيب ولا يدل على وعي مهني، وفارق الإنتاج إذا بقي النفط في باطن الأرض وكانت أسعار المستقبل أعلى من معدل أسعار السنوات العشرين المقبلة، قد يعني تحقيق خسائر. والحديث عن فرص عمل بحدود 80% من عمالة المشروع لن يحقق سوى 500 فرصة عمل، معظمهم أو كلهم من العاملين في قطاع النفط حالياً، وعددهم لن يتعدى 3.33% من حاجة الكويت إلى فرص عمل في سنة واحدة وليس 20 سنة. ورغم كل ما تقدم، يؤكد التقرير أنه ليس ضد المشروع، ولكن علينا أن نتداول الحقائق حول الأمر، فنحن سنقبل المشروع إذا ثبت ـ وهو مؤلم ـ أن قطاع النفط الكويتي سوف يتسبب في تخريب المكامن إذا استمر في الإنتاج بطرقه حتى في حدود الإنتاج العادي. وسنقبل المشروع إذا كان المقصود به هو استنهاض قطاع النفط بمعنى إعادة بنائه باستخدام المشروع كبؤرة حميدة معدية لنقل تقنيات الإنتاج الحديثة، والأهم أسلوب الإدارة. وسنقبل المشروع إذا كان القصد منه زيادة كمية النفط من المكامن بزيادة نسبة الاسترداد أي زيادة الاحتياطيات، أو إذا كان القصد منه تنفيذ مشروعات أخرى لاستكشاف نفوط جديدة في أراضي شمال الكويت ـ بوبيان ـ ومياه الخليج الشمالية الضحلة. كل ما نريده هو الصدق ومن حقنا ذلك، ونحن نتوق إلى العمل كفريق واحد متى ما كان هدفنا واحدا، وهو الحفاظ على الثروة أو تنميتها أو حتى حسن استخدامها، ولتحقيق ذلك علينا احترام عقول بعضنا البعض.

وتطرق تقرير الشال إلى تخصيص مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، حيث أوضح أنه في يونيو (حزيران) من عام 1999 تبنت الحكومة قانون التخصيص التدريجي بمرسوم، وأثناء حقبة الحل الدستوري لمجلس الأمة ـ ضمن 15 مرسوما بقانون، واستخدام حق الضرورة كان يوحي بأن الحكومة تضعه ضمن أول أولوياتها. وبعد 6 سنوات طويلة من هذا التاريخ ناقش مجلس الأمة تحويل المؤسسة الحكومية إلى شركة حكومية، الأسبوع الفائت، وهو إجراء متواضع جداً، وحتى ذلك لم يتحقق إذ ساهمت الحكومة في سحبه وإعادته إلى اللجنة المختصة. وأمام عملية التحويل فترة انتقالية حتى تصبح الشركة، إن تم تمرير القانون، قابلة للتخصيص مثل تقويم مستقل لأصولها بعد إجراءات تأسيس الهيئة العامة للاستثمار لها، وكانت الحكومة قد قدرت هذه المدة بنحو 5 سنوات أخرى. وتحويلها إلى شركة ضمن مشروع قانون يحل الحكومة من التزامها بتغطية خسائر المؤسسة، طبقاً لقانونها القديم رقم 21 لسنة 1965، والمؤسسة تحقق خسائر مستمرة وسبق لها الاقتراض لتحديث اسطولها بعد التحرير بنحو 1.4 مليار دولار أميركي. وفي المؤسسة نحو 5500 موظف، وتقدر نقابة العاملين، الكويتيين من الموظفين المحتمل تضررهم من التحويل بنحو 2200 موظف، ومشروع القانون يضمن مجموعة من المزايا للعاملين. أولاها استمرار عقودهم مع الشركة بنفس المزايا لمدة 5 سنوات على الأقل، والثاني إضافة خدمة 3 سنوات للمدة الاعتبارية للموظف، الذي يرغب بالتقاعد خلالها، والثالث منح الموظفين الحق بالاكتتاب في الشركة ليصبحوا مساهمين بشروط تفضيلية. وكانت الحكومة قد سمحت بتأسيس شركات خاصة للنقل الجوي في خطوة مستعجلة، ولكن تأسيس شركات نقل منافسة وفتح سماء الكويت تدريجياً يعني تقليل أثر شبهة الاحتكار.

المحزن أن مشروع تخصيص الكويتية قدم ضمن تقرير لفريق من البنك الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1993، وأن الحكومة استعجلت مرسوم تخصيصها في يونيو (حزيران) من عام 1999، وأن الحكومة قدمت مشروعا متواضعا لتحويلها إلى شركة حكومية في يونيو 2005، وأنها ساهمت في عملية سحبه وإعادته إلى اللجنة، أي أننا نحتاج إلى جيل كامل (30 سنة) لننجز أمرا صغيرا جداً اتفقنا أو اختلفنا معه.

والنقل الجوي بشكل عام ليس خدمة استراتيجية، وهو خدمة لا تجيد الحكومات تقديمها، ونماذج تحويلها إلى القطاع الخاص منتشرة حول العالم، ويفترض أن لا يستغرق تحويلها أي وقت شاملاً مراعاة مشكلتي الاحتكار وفائض العمالة. ولكن الحكومة التي تنادي بالإصلاح ولا تملك رؤية لتحقيقه، والحكومة التي تزايد على ذكر بؤر الفساد ولا تحاربه، والحكومة التي توزع المنافع بما لا يتفق والجهد أو العدالة، لا يمكن أن يكون للوقت قيمة لديها، ولا يمكن أن يكون الإنجاز سلعة رائجة لعملها، ويبقى أن الأصل هو تغيير جوهري في الإدارة مضموناً ومنهجاً، وأهم مكوناتها الحكومة.

وعن سوق العقار المحلي أشار التقرير إلى آخر البيانات المتوفرة من وزارة العدل، إدارة التسجيل العقاري والتوثيق، ولغاية نهاية مايو (ايار) 2005، إلى أن جملة قيمة بيوعات العقود والوكالات بلغت نحو 1000.4 مليون دينار كويتي وهي أدنى بنحو 33.2% عن مستوى نفس الفترة من العام الفائت (فترة انتعاش السوق العقاري) التي بلغت نحو 1497 مليون دينار كويتي، منها نحو 647.1 مليون دينار كويتي عقود ونحو 353.4 مليون دينار كويتي وكالات. وبلغ نصيب السكن الخاص، عقود ووكالات، من الإجمالي نحو 64.8% والاستثماري نحو 28.8% والتجاري نحو 6.2% والمخازن نحو 0.2%.

وعند مقارنة تداولات شهر مايو من العام الحالي بشهر مايو من العام الفائت، نلاحظ أيضا انخفاضها بنحو 34.5%، حيث بلغت بيوعات شهر مايو من العام الحالي 248.2 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 378.8 مليون دينار كويتي في العام الفائت، التي كانت أعلى قيمة تداول شهري لعام 2004.