مصر: جدل حول مستقبل أسعار الفائدة والتداعيات المحتملة على معدلات الاستثمار والادخار

المصرفيون يتوقعون مزيدا من الانخفاض وضخ استثمارات جديدة ويستبعدون عودة «الدولرة»

TT

أثار تفعيل لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري لأدوات جديدة لاول مرة في السوق المصري كمؤشر لاسعار الفائدة على الجنيه كبديل لسعر الخصم والإقراض المحدد حاليا بسعر 10% والذي سيظل قائما بشكل مؤقت نظرا لارتباط سندات في السوق به، ردود أفعال متباينة في الأوساط المصرفية وبين خبراء الاستثمار في مصر، حيث أكد المصرفيون أن قبول المركزي ودائع من البنوك لمدة ليلة واحدة وبسعر 9.5% مقابل إقراض البنوك لمدة ليلة واحدة بسعر 12.5% فضلا عن تدخله في السوق وإجراء عمليات سحب لسيولة بلغت قيمتها نحو 2.6 مليار دولار (15 مليار جنيه) من العملة المحلية وتحديده لسعر الانتربنك خلال الشهر الحالي بين 9.5% و12.5% يعزز احتمالات الاتجاه نحو مزيد من خفض أسعار الفائدة على الجنيه خلال العام الحالي.

وأشاروا إلى أن تزامن إجراءات البنك المركزي مع قرار بنكي الأهلي المصري ومصر تخفيض عائد الشهادات البلاتينية والمتميزة من 12% إلى 11% يكرس توقعات الانخفاض لاسيما في ظل عدم منطقية بقاء السعر المرتفع للفائدة مع انخفاض معدل التضخم حسبما تشير التقارير الحكومية الرسمية لنحو 4.5% وأيضا تضخم حجم الودائع وتباطؤ نمو عمليات الائتمان والاستثمار في مشروعات جديدة، وتابع الخبراء أن بقاء السعر المرتفع للفائدة يتناقض مع اتجاه الحكومة نحو توسيع دور القطاع الخاص في استثمارات الموازنة المقبلة البالغة 110 مليارات جنيه (19.9 مليار دولار) كما أن الافراط في خفض الفائدة حسبما يقول رئيس مجلس إدارة البنك التجاري المصري المهندس محمد عبد الوهاب يعرض أصحاب الدخول المحدودة الذين يعقدون على ما يحصلون عليه من فائدة على مدخراتهم في البنوك لخطورة بالغة، الأمر الذي يجب مراعاته، في حين أشار إلى أن وجود فائدة مسألة غير منطقية في وقت تشير فيه التقارير الرسمية الحكومية إلى هبوط في معدلات التضخيم بدرجة كبيرة، وأوضح أن الاتجاه المتوازن والمدروس نحو سعر فائدة مناسب يعزز الاستثمار ولا يؤثر على معدلات الادخار المحلية، مؤكدا أن الاستثمار يتناسب عكسيا مع أسعار الفائدة. ويرى عبد الوهاب أن اتجاه بنكي مصر والأهلي المصري اللذين يستحوذان على حوالي 30% من السوق المصرفي المصري يعد مؤثرا قويا لاتجاه أسعار الفائدة بالسوق إلى الانخفاض، غير انه لن يكون دافعا للبنوك لاتخاذ نفس الخطوة، خاصة أن الفائدة في معظم البنوك المصرية منخفضة بالفعل وتتراوح بين 8.5 في المائة و10.5 في المائة، ومن جهته يرجع مدير البنك المصري المتحد طارق الدفراوي استقرار سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن السياسات النقدية التي يتبعها البنك المركزي لن تتسرع في اتخاذ إجراءات أخرى رغم أنها تسعى نحو خفض الفائدة وذلك حتى لا تعرض السوق لأية مفاجآت غير متوقعة تفقد العملة المحلية مكاسبها التي حققتها الفترة الماضية على حساب العملات الأجنبية الأخرى لاسيما الدولار واليورو والريال السعودي.

وذكر أن تجنب أية تداعيات سلبية من جراء مزيد من خفض أسعار الفائدة يتطلب الإبقاء على معدلات الاستيراد كما هي من دون زيادة والتزام البنوك بضبط أسعار صرف الدولار، وكذلك الحرص على تفعيل واع لآلية الانتربنك الدولاري تشجع حائزي الدولار على التخلص منه لضمان عدم بروز ظاهرة الدولرة مجددا.

واستبعد رئيس غرفة المعاملات الدولية والخزانة ببنك المشرق ـ مصر ايهاب الليثي تأثر معدلات الادخار بالعملة المحلية بانخفاض أسعار الفائدة أو الاتجاه مجددا للادخار بالعملات الأجنبية على حساب الجنيه، موضحا أن انخفاض معدلات التضخم والفارق الذي مازال كبيرا بين الفائدة على الجنيه ونظيرتها على الدولار علاوة على نجاح السياسات النقدية في سحب كميات ضخمة من السيولة المحلية وامتصاص معظم المدخرات الفردية خارج نطاق البنوك يحول دون حدوث نتائج سلبية، حيث أن كل المؤشرات تصب في اتجاه مزيد من دورات العجلة الاقتصادية وزيادة حركة السوق وجذب كميات اكبر من الاستثمارات الأجنبية وكذلك ضخ استثمارات جديدة في مشروعات حديثة.

وأشار إلى أن منظومة العمل الاقتصادي الحالية تشجع البنوك على إنعاش الائتمان، خاصة أن الحكومة باتت تعتمد على القطاع الخاص في تنفيذ الجانب الأكبر من الاستثمارات في الموازنة العامة للدولة. وقال رئيس اتحاد الصناعات المصرية السابق الدكتور عبد المنعم سعودي ان خفض أسعار الفائدة سوف يكون في مصلحة الاستثمار، حيث ستحاول البنوك تدوير الودائع المتراكمة لديها والتي تجاوزت 551 مليار جنيه (95 مليار دولار) في مشروعات جديدة، موضحا أن خفض أسعار الفائدة سيؤدي لخفض مواز في الإقراض مما سيحرض القطاع الخاص علي الاقتراض من البنوك لاسيما في ضوء الإجراءات الحكومية الرامية إلى تنظيم الاستثمار سواء المحلي والعربي والأجنبي، وتابع أن ارتفاع مستوى الشفافية في العملية الاقتصادية سوف يجذب المزيد من الاستثمارات الوافدة، مشيرا الي مواءمة التشريعات الاقتصادية لمتطلبات هذه الاستثمارات وخفض معدل الإقراض والسماح بالاستثمار في مختلف المجالات وأيضا علاج اختلالات العملية التصديرية والحفاظ على استقرار سعر الصرف، كل هذه المعطيات سوف تحفز على انتظام دولاب العمل الاقتصادي واستقطاب رؤوس أموال مصرية وعربية وأجنبية جديدة.