مشروع القانون يطالب بوقوف الدول المنتجة أمام المحاكم الأميركية

الكونغرس يطالب بـ«محاسبة» أوبك بتهم التلاعب بالأسعار

TT

وافق مجلس الشيوخ بشكل مبدئي على السماح لوزارة العدل الأميركية بمقاضاة منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) بتهمة التلاعب بالاسعار، وذلك كجزء يتم مناقشته في قانون أميركي جديد يهدف الى تقليل الاعتماد الأميركي على النفط العربي. ويعتبر هذا هو اول تعديل في قانون الطاقة يستهدف دولا ذات سيادة من قبل الكونغرس الأميركي الذي يقوم بالتشريع داخل الولايات المتحدة. وقال السيناتور الجمهوري مايك ديوين الذي يمثل ولاية اوهايو، والذي قدم التعديل: «ان اسعار النفط والغاز مرتفعة جدا وقد حان الوقت لفعل شيء بخصوص ذلك». واضاف: «اذا كانت أوبك مجموعة من الشركات الخاصة بدلا من حكومات اجنبية، فان اعمالها لا تمثل اكثر من خطة غير قانونية للتلاعب بالأسعار».

«الشرق الأوسط» اطلعت على نص التعديل الذي أطلق عليه اسم «لا أوبك» او «نو اوبك» بالانجليزية، وقد تقدم برعايته 12 سيناتورا، منهم اعضاء كبار ومؤثرون مثل السيناتور تشك شومر. ويقول القانون انه من غير القانوني ان دولا مجتمعة او فروعا لها تقوم بالتالي: أولاً الحد من انتاج او توزيع النفط او الغاز الطبيعي او اي منتج نفطي آخر. ثانيا تحديد السعر او الحفاظ على سعر النفط او الغاز الطبيعي او اي منتج نفطي آخر. وثالثا اتخاذ اي موقف يحد او يقلل من تجارة النفط.

وقال مشروع القانون «ان اي دول تقوم بذلك لن تكون في حصانة تحت بند حصانة السيادة من المساءلة أمام المحاكم الأميركية». ويأمر القانون المقتضب المحاكم الأميركية بعدم الامتناع عن النظر في القضايا المرفوعة ضد اوبك بحجة عدم أحقيتها في النظر.

وقال مصدر في الكونغرس، على صلة بأحد رجال مجلس الشيوخ الذين مرروا مشروع القانون، انه اذ تم تمريره بشكل نهائي «فانه اذا لم تتراجع اسعار النفط فانه يمكن اتخاذ اجراءات عقابية ضد اصول بعض تلك الدول في الولايات المتحدة لتلاعبها بالأسعار وانتهاكها التشريع الأميركي». ويأتي التعديل الحالي ايضا بعد تقديم مشروع قانون اسمه «مشروع محاسبة اوبك» في ابريل، ولكنه لم يتقدم للأمام نتيجة عدم وجود عدد كاف من الأعضاء لرعايته.

يذكر ان التعديل الذي تم يوم الثلاثاء لابد ان يتفق مع قانون مشابه مرره مجلس النواب، الذي يمثل الغرفة الأدنى في الكونغرس قبل ان يصبح قانونا ساري المفعول.

لكن القانون الصادر عن مجلس النواب لم يشمل بنودا عقابية لأوبك، وانما سعى فقط. كما ينتظر ان يلاقي التعديل معارضة من بعض اعضاء الكونغرس، اذ قال السيناتور بيت دومينشي ان القرار «ليس أقل من قرار مجنون». وذكر السيناتور ان اعضاء اوبك هم دول ذات سيادة.

ويأتي هذا التعديل ضمن عدد من التعديلات والقوانين الأميركية ضد دول خارجية; منها الصين والاتحاد الاوروبي والآن مجموعة اوبك. وقدم اعضاء في الكونغرس مشروع قانون يوم الثلاثاء يسمح بعقاب الصين نتيجة ربط عملتها القومية (اليوان) بالدولار الأميركي، مما يجعل صادرات الصين الى أميركا رخيصة، وهو ما اكتسح الاسواق الأميركية وضرب بعض المنتجات الأميركية المحلية. وفي الأسبوع الماضي، قدم عضو في الكونغرس أيضا مشروع قانون يلزم شركة صناعة الطائرات «ايرباص» الاوروبية ان تركب نظاما مضادا للصواريخ باهظ التكاليف في طائراتها التي تحمل اكثر من 800 راكب، مما أثار ردودا ساخرة من الاتحاد الاوروبي على هذا الطلب الذي قد يرفع كلفة الانتاج الاوروبي ليخسر امام شركة «بوينغ» الأميركية.

من جانب آخر، في وقت أكدت مصادر مطلعة أن اوبك لن تتخذ أي رد تجاه موافقة مجلس الشيوخ الاميركي بالسماح للحكومة الاميركية بمقاضاة المنظمة بناء على قوانين مكافحة الاحتكار في احتجاج على ارتفاع أسعار النفط الخام لمستويات قاربت حاجز الـ 60 دولارا للبرميل وأن هذه الخطوة لا تتطلب أي خطوة من اوبك او من دولها الإحدى عشرة التي تربطها جميعا علاقات تصدير للنفط الخام مع اميركا فقد قلل خبراء اقتصاديون وقانونيون من أهمية هذه الخطوة التي تلي إقرار مجلس النواب لهذا المشروع في ابريل (نيسان) الماضي حيث سيتم التوفيق بين مشروعي القانونين اللذين اقرهما المجلسان. ويمنح هذا الإجراء الذي أضيف الى تشريع شامل لقطاع الطاقة وزارة الطاقة أو لجنة التجارة الاتحادية مقاضاة الاوبك معتبرين أن العامل السياسي المحلي الاميركي هو الذي دفع المشرعين في مجلس النواب والكونجرس لاتخاذ لإقرار هذه الخطوة. وفي هذا السياق قال الدكتور سعيد الشيخ, كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري, أن هناك العديد من التساؤلات الخاصة بهذا التشريع فمثلا أين سيتم التقاضي, وما هي نوعية التهم وما هي الفترة التي تغطيها الدعوى القضائية. كما أن من المهم النظر بعين الاعتبار الى أن الوضع يثبت أن أوبك ليست مسؤولة عن الارتفاع الحالي للأسعار, فدولها تنتج بكامل طاقتها الإنتاجية عدا بعض الدول كما ان اوبك وضعت لمدة ثلاث سنوات نطاقا سعريا مستهدفا ما بين 22ـ28 دولار للبرميل أي متوسط سعر 25 دولار للبرميل ووضعت آلية لحماية السعر في هذا النطاق ما يعني أن اوبك تعمل على استقرار اسعار النفط, كما ان السوق متأثرة بشدة بعوامل خارجة عن سيطرة اوبك. وقال الدكتور عبد العزيز العويشق, الخبير الاقتصادي السعودي حيث قال ان الادارة الاميركية ليست بحاجة لتفويض جديد لرفع دعاوى ضمن نطاق مكافحة الاحتكار والسؤال هو هل ستقوم الادارة بالعمل وفقا للتخويل الذي يمنحه لها هذا التشريع الذي أصدره مجلس الشيوخ, فمن المعروف ان الكثير من التفويضات التي يعطيها المجلس للإدارة لا تعني بالضرورة قيام الادارة بالعمل بما فوضه إياها مجلس الشيوخ وتبقى الخطوة رهن لتقدير الادارة.

وقال براد بورلاند، كبير الاقتصاديين في مجموعة سامبا المالية ان الخطوة التي قام بها الكونجرس الاميركي لا تكتسب أي أهمية فهي بمثابة رسالة سياسية للداخل الاميركي بأن المشرعين قاموا بخطوة ما لحمايتهم من ارتفاع الاسعار وأيضا هي رسالة لأوبك لبذل مجهود أكثر لتهدئة السوق ولكن فان القناعة لدى الادارة الاميركية وأيضا لدى المراقبين بأن اوبك تنتج بكامل طاقتها وأنها تقوم بما يجب لضمان امدادات كافية من النفط.