انفجار أم هبوط تدريجي آمن؟

TT

قيم الأسهم لا تزال في ارتفاع، هذا الارتفاع يتم بمعدلات متسارعة ضمن فترات زمنية قصيرة. فماذا يمكن أن نصف ارتفاع سهم شركة أملاك للتمويل، التي تمتلك اعمار العقارية 45% منها، التي ارتفعت من مستويات 5.5 درهم عند مايو (آذار) الماضي إلى مستويات 13 درهما حاليا، أي أكثر من 100% في غضون شهر واحد تقريبا، او سهم أعمار نفسه، الذي حلق من مستويات 25 درهما قبل شهر واحد ليصل الى 40 درهما حاليا. هذا الارتفاع الكبير المبني على ارتفاع كبير أصلا، يثير الحيرة بين العديد من الأطراف، فإذا ما تبعنا المعادلات الحسابية العالمية المستخدمة في مجال التقييم، فإننا سنجد أن قيم الأسهم مرتفعة وفوق قيمها العادلة. أما إذا اتبعنا نمط السوق وشهية المستثمرين، فإن الكلام سيكون مغايرا، فهناك قناعة بأن حجم الأرباح المستقبلية المتوقعة ومعدلات النمو الاقتصادية تبرر هذه الارتفاعات الكبيرة. وإذا ما فصلنا ما بين الآراء النظرية والعملية، فإن هناك حقيقة واحدة، وهو إن الأسواق لا يمكن أن ترتفع إلى ما لا نهاية. وان حالة الارتفاع الحاصلة اليوم، ما كانت لتحدث بنفس الوتيرة والمدة، لولا حجم السيولة التي تدخل إلى الأسواق، والتي تدعم الأسهم وتضيف المكاسب. قبل سنوات قليلة فقط، كان بإمكان أحد المستثمرين الكبار من تغيير اتجاه وإيقاع التداولات، بينما أصبحت اللعبة اليوم أكثر تعقيدا، وتتطلب تنسيق مواقف ما بين كبار المستثمرين وهو أمر لا نجيده في عالمنا العربي وعلى كافة الأصعدة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. وبالتالي تمكنت الأسواق من ازاحة خطر التحالفات الكبيرة في الوقت الراهن. الكثير لا يريد سماع بأن الأسواق قد تهبط، وله الحق في ذلك، فبينما كنا نناشد المستثمرين بأن يسحبوا استثماراتهم في الخارج، وإعادة استثماراتهم في السوق المحلي، ها نحن اليوم نقول لهم بأن الأسواق مرتفعة الثمن وعليهم الخروج من السوق. فما هي الحلول التي يمكن أن نحافظ على حالة الانتعاش هذه، هل نقول بأن القيمة العادلة لسهم أعمار للعام المقبل يندرج ضمن حاجز 90 درهما؟ ام سهم «سابك» عند حاجز 1500 درهم؟ هل نتمكن من تشريع قوانين تستقطع نسبة من الأرباح لدعم قطاعات التعليم والمستشفيات ومحو الأمية، التي تزخر بها امتنا العربية منذ قرون، وهي كالأسهم ترتفع معدلاتها يوما بعد آخر. لا وقت لدى السوق لسماع نصائح خبراء الاقتصاد، بخطورة تعميق الفجوة بين فئات المجتمع. فالأغنياء يزدادون ثراء والفقراء يزدادون فقرا.. هذا الفراغ يولد مطبا مؤثرا، كما هو حال المطبات الجوية التي تشعر الركاب بالخوف، والذي سرعان ما يبدو بتلاوة آيات القرآن الكريم. فهل نتمكن من أن نجعل المطبات طفيفة من خلال إيجاد قنوات توزيع، تربط مفاصل اقتصاد المجتمع المتشعبة ونقلل من حجم الفجوات الموجودة، أم ننتظر الدورة الاقتصادية المقبلة لتحكم وتأخذ قرارها العادل نتيجة ما اقترفناه من تهميش لطبقات الدخل المحدود والطبقات المعدومة؟

* خبير اقتصادي ومالي ـ دبي [email protected]