سوق الإمارات المالية تمر «بحالة تصحيح عميقة» وسط قلق المستثمرين

المبالغة في علاوات الإصدار على زيادات رؤوس الأموال أحد التفسيرات

TT

سجلت أسعار الاسهم الاماراتية أمس تراجعا حادا، وسط حالة من عدم اليقين ازاء اتجاهات السوق، التي كانت تعطي في تداولات اليومين الماضيين اشارات متناقضة. وفيما اعتبر كثيرون ان التراجع هو حالة تصحيحية عميقة. قال متعاملون ان المستويات التي وصلت اليها الاسعار تذكر بأزمة السوق عام 1998، رغم وجود ظروف مختلفة تمنع تكرار حدوثها.

وعلى خلاف المرات السابقة فإن نتائج الشركات والبنوك نصف السنوية لم تترك أي اثر في اتجاهات السوق، التي ظلت تميل الى الانخفاض. فعلى سبيل المثال فإن اعلان بنك ابوظبي الوطني امس عن تحقيق ارباح قياسية خلال الأشهر الستة الاولى من العام الجاري وصلت إلى مليار و338 مليون درهم بزيادة 166 بالمائة عن الفترة المماثلة من العام الماضي، البالغة 503 ملايين درهم، لم يترك أي اثر في سعر السهم الذي ظل يتذبذب حول المستويات التي كان عليها في الاسبوع الماضي والتي تراوحت بين 47 و53 درهما، بل ان اعلان بنك الاتحاد الوطني في ابوظبي عن ارباحه نصف السنوية والتي فاقت ما حققه البنك طوال العام الماضي لم تمنع اسعار السهم من التراجع الحاد من 21 درهما، قبل حوالي اسبوعين الى اقل من 16 درهما في تعاملات الاسبوع الحالي. وسجلت اسعار اسهم اتصالات تراجعا هي الاخرى، لتغلق امس عند حوالي 36 درهما مقابل اكثر من 40 درهما في الاسبوعين الاخيرين، وذلك رغم فوز المؤسسة بعقد في باكستان. وحدث تراجع مماثل لسهم شركة تبريد التي وصل سعر سهمها الى 45 درهما في تعاملات يوم امس، رغم ان السهم كان قد سجل ارتفاعات كبيرة في الشهر الماضي، اثر قرار بتجزئة السهم ورفع رأسمال الشركة بدون فرض أي علاوة اصدار.

وقد انعكست حالة عدم اليقين، التي تعيشها السوق نفسها، على سهم شركة اعمار العقارية، التي تعد اكبر الاسهم من حيث حجم التداول، ومن حيث رأس المال، اذ وصل سعر السهم الى اقل من 40 درهما، رغم انه تجاوز في الآونة الاخيرة سعر 50 درهما. واظهر بنك دبي الاسلامي هو الآخر تراجعا حيث وصل الى اكثر قليلا من 210 دراهم، رغم انه وصل في اوقات سابقة الى ما يقرب من 230 درهما. وقد تباينت التفسيرات ازاء ما تظهره السوق من تناقض، فثمة من يرى ان التراجع كان متوقعا وطبيعيا، بعد ان وصلت الاسعار الى مستويات مرتفعة جدا بفعل عمليات مضاربة محمومة ومن دون ان يكون لتلك الارتفاعات مبررات منطقية.

وثمة من فسر التراجع بأنه ردة فعل على قرار بعض الشركات والبنوك، التي قررت زيادة رؤوس اموالها، علاوات اصدار كبيرة مثل بنك الخليج الاول، الذي فرض علاوة اصدار على الزيادة في رأسماله بلغت 10 دراهم، وبنك الاتحاد الوطني الذي فرض علاوة اصدار مماثلة. وهذا ما فسر تراجع السهمين في السوق، بالرغم من ان ارباح بنك الاتحاد الوطني نصف السنوية بلغت 530 مليون درهم، وكان الجميع يتوقع ان تنعكس هذه الارباح على اسعار السهم، لكن الاسعار اخذت اتجاها معاكسا وسجلت انخفاضا غير متوقع. ويعزز هذا التفسير ان بنك ابوظبي الاسلامي الذي قرر هو الآخر زيادة رأسماله الى 3 مليارات درهم من المستوى الحالي البالغ مليارا واحدا، تراجع عن علاوة الاصدار التي فرضها على الزيادة والتي بلغت 30 درهما عن كل سهم، بعد ان سجلت اسعار السهم في السوق تراجعا وصل بالسهم الى 75 درهما، مقابل اكثر من 86 درهما في وقت ما قبل اعلان زيادة رأسمال البنك. ويقول اصحاب هذا التفسير ان المبالغ التي يحتاجها المستثمرون لتمويل الزيادات الجديدة في رؤوس الاموال اصبحت تمثل عبئا واضحا على المستثمرين، وبالتالي فإنهم باتوا اكثر ترددا في اقتناء اسهم من هذا النوع، وهم يفضلون الاستثمار في اسهم شركات جديدة تملك فرصا اكبر في تحسن اسعارها.

اما التفسير الثالث لحالة التراجع، فيكمن في تحسب المستثمرين لاحتياجاتهم من السيولة اللازمة للدخول في الاكتتابات الجديدة التي تتطلب منهم اعادة هيكلة محافظهم المالية بالشكل الذي يمكنهم من الاستفادة من مزايا الاكتتاب بالسوق الاولي الذي تتضاعف فيها الاسعار بتسارع اكبر.