دول الخليج مازالت تعتمد على العمالة الوافدة

رغم ارتفاع أسعار النفط

TT

دبي ـ رويترز: تشهد منطقة الخليج ازدهارا اقتصاديا بسبب ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية، لكن هدف هذه الدول احلال مواطنيها محل العمالة الاجنبية مازال بعيد المنال.

فقد حولت الثروة النفطية مراكز سكنية صغيرة مثل جدة ودبي والدوحة الى مدن حديثة مثل المدن الأميركية تنتشر فيها المراكز التجارية والمطاعم والطرق السريعة والمباني الادارية والفنادق، لكن هذه المباني العالية التي تغطي الافق شاركت في بنائها عقول وسواعد مستوردة من دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا والهند. وفي دبي يعمل فلبينيون في متاجر السوبر ماركت وسري لانكيون في المطاعم، ويسيطر المغتربون العرب على صناعة الاعلام ويعمل أجانب في الجامعات، وبدأت السعودية تسعى لابدال العمالة قبل نحو ربع قرن. ويتذكر أحد قدامى المغتربين ان حملة «السعودة» بدأت عام 1980 بهدف اخراج العاملين الاجانب من شركاتها في غضون خمس سنوات.

ولا يمكن ان تنجح مثل هذه الخطط الا اذا كان الموظفون الجدد مدربين ولديهم حافز للعمل، الا أن الحكومات مالت لاستخدام دخلها الكبير من النفط في الحفاظ على قوة العمل المحلية في مراكز وظيفية بمرتبات عالية.

ومع اقتراب أسعار النفط من مستوياتها القياسية فوق 60 دولارا للبرميل، يتوقع أن تحقق السعودية فائضا في الميزانية يبلغ 35 مليار دولار هذا العام، لكن النمو السكاني السريع يعني أن الحكومة لن تتمكن على الدوام من حل مشاكلها باغداق المال على مواطنيها.

وردا على ذلك تعمل الحكومة على زيادة انفاقها على خطط التدريب والدعم لتشجيع الشركات على توظيف السعوديين، لكن منتقدين يقولون ان هذه الحملة لا تعالج المشكلة الحقيقية، وقليلون من أبناء البلد من يقبلون ترك منصب حكومي من أجل وظيفة في القطاع الخاص بدخل وأمان وظيفي ومكانة أقل.

وسرعان ما يشعر العديد من الموظفين الجدد من المواطنين بخيبة أمل لانهم يفتقرون الى المهارات التي تساعدهم في الارتقاء الى منصب يطمحون اليه. واستهدفت الحكومة قطاعات معينة «لسعودتها» من سائقي سيارات الاجرة الى وكلاء السفر، لكنها حققت نجاحا محدودا واضطر وزير العمل غازي القصيبي الى تمديد أكثر من مهلة لانهاء العمالة الاجنبية في هذه المجالات.

وعندما انتهت المهلة في فبراير (شباط) لسعودة أساطيل سيارات الاجرة بنسبة 100 في المائة، اضطر الوزير الى تحديد حصة أكثر تواضعا بنسبة 30 في المائة، وأثار القرار احتجاجا من السائقين السعوديين الذين قالوا انهم يخسرون لصالح المنافسة الاجنبية.

وفي فبراير عام 2004 ألقت الشرطة القبض على عدد من الاجانب أغلبهم هنود وباكستانيون في حملة لتضييق الخناق على وكالات السفر التي توظف غير السعوديين. واضطر العديد من الوكالات الى اغلاق أبوابها مؤقتا. لكن الصورة الشائعة عن السعوديين الذين يقضون ساعتين في احتساء القهوة في مقر العمل والتحدث عبر الهاتف الجوال تنقل صورة غير واقعية وتتجاهل محنة ملايين السعوديين من أصحاب الدخول المحدودة الذين يحرصون على العمل لكنهم يشعرون بالاحباط لنقص فرص التدريب.

وبدأ الكثيرون منهم العمل في وظائف كانوا يعتبرونها متدنية قبل بضع سنوات مثل المحصلين في متاجر السوبر ماركت. ويقول بعض المراقبين ان الثروة النفطية تسمح للحكومات بتجنب تطبيق السياسات التي قد تدفع المواطنين من غير ذوي المهارات الى العمل.

ويقال انه في الدول التي تتناقص فيها احتياطيات النفط مثل عمان والبحرين تحقق برامج احلال العمالة المحلية محل المغتربين نجاحا، ولم تحقق الكويت وقطر والامارات التي يرتفع فيها نصيب الفرد من الدخل النفطي نجاحا أفضل مما حققته السعودية.