محللون: بات من الضرورة أن تتحرك الكويت لاستعادة مكانتها التجارية والمالية في المنطقة

من خلال إصدار «حزمة» من القوانين والتشريعات لقيادة الإصلاح الاقتصادي

TT

اتفق خبراء اقتصاديون كويتيون على ضرورة أن تتحرك الكويت لاستعادة مكانتها التجارية والمالية في المنطقة، وذلك بإصدار «حزمة» من القوانين والتشريعات واللوائح اللازمة لقيادة الإصلاح الاقتصادي المنشود الذي يمكن الكويت من تحقيق هدف التحول إلى المركز المالي التجاري الرئيسي، وهي القوانين المتعلقة بإطلاق الخصخصة باعتبارها مدخلا أساسيا للإصلاح الاقتصادي، فضلا من قوانين الضريبة وتحرير التجارة، وتنظيم مشاريع الـ «B.O.T» والمبادرات، وغيرها من قوانين ما زالت حبيسة الأدراج.

كما اتفق أيضا على ضرورة إيجاد هيئة مالية عليا برئاسة محافظ البنك المركزي وعضويتها تتكون من القطاع المصرفي والمالي وتكون مهمتها تحديد مراكز المعوقات التي تحول دون أن تحقق الكويت هدفها في التحول إلى مركز مالي وتجاري.

وتتمحور رؤية وزارة التجارة الكويتية فيما يتعلق بجعل الكويت مركزا ماليا إقليميا في أنها تسير ضمن برنامج عمل الحكومة ككل، حيث تضمنت الأهداف العامة تنشيط حركة التجارة الداخلية، والعمل على جعل الكويت مركزا تجاريا لجذب الاستثمارات، واستكمال انفتاحها تجاريا على العالم وتوسيع علاقاتها التجارية الخارجية، وتطوير القوانين والتشريعات التجارية، وتفعيل دور القطاع الخاص، والعمل على زيادة مساهمة القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص.

كما أن اهتمام الوزارة بالاستثمار الأجنبي تم تتويجه بالقانون رقم 8 لسنة 2001 والذي حدد الأنشطة والمشروعات الاقتصادية التي يجوز للمستثمر الأجنبي مزاولتها، كما أعطي حق تملك الأجانب في الشركات الكويتية بنسبة تصل إلى 100 في المائة وحق تمويل رأس المال والأرباح من دون قيود، وتوفير الضمانات اللازمة وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء الكويتي وتضمن القانون إعفاءات ضريبية تصل إلى 10 سنوات.

وترى الوزارة ضرورة الانتهاء من قانون الشركات الجديد الذي سيواكب المتغيرات الاقتصادية والتجارية المختلفة وأيضا إقرار قانون عام للخصخصة يعطى من خلاله القطاع الخاص الدور الريادي في التنمية الاقتصادية وتشريع قانون جديد لإصلاح وتطوير سوق الكويت للأوراق المالية ليصبح هناك هيئة سوق المال ينفصل بها الجانب التشريعي والرقابي عن الجانب التشغيلي وسن قانون جديد للضريبة يكون منافسا للقوانين المماثلة لدول المنطقة.

هذا وتولي الوزارة موضوع التجارة الإلكترونية اهتماما كبيرا وتقوم حاليا بدراسة ومراجعة مشروع قانون ينظم هذه التجارة بشكل قانوني يحفظ حقوق كافة المتعاملين التزاما منها بالاتفاقات الدولية.

أما رؤية البنك المركزي الكويتي فتتعلق بالتحديات التي تواجه التحرير المالي كأداة لإذكاء المنافسة وإيجاد البيئة الملائمة لإقامة مركز مالي إقليمي في الكويت، وأهم هذه التحديات تتمثل في الحاجة إلى بذل المساعي الحثيثة على مستويين متوازيين لتطوير البيئة التنظيمية والتشريعية والبيئة الاقتصادية الكلية اللتين يعمل في نطاقيهما القطاع المصرفي والمالي المحلي.

ولاشك أن إقامة مركز مالي إقليمي رئيسي في الكويت من شأنه أن يعمق من اندماج القطاع المصرفي والمالي في الأسواق المالية العالمية مع ما يحمله ذلك من توسيع للنطاق الإشرافي ومضاعفة الأعباء الرقابية التي تتطلع بها السلطات الرقابية عموما والبنك المركزي على وجه الخصوص بحسب رأي بعض الخبراء.

وأشار الخبراء إلى أن إقامة مركز إقليمي رئيسي في الكويت يتطلب توافر البيئة الاقتصادية الكلية الملائمة التي تتسم برسوخ دعامات الاستقرار المالي والنقدي وسلامة السياسات الاقتصادية الكلية لأنه من المعلوم أن قصور السياسات الاقتصادية العامة في اقتصاد مغلق يمكن إخفاؤه لبعض الوقت، ولكن إخفاقات السياسات الاقتصادية تنكشف بسرعة أكبر وتتفاقم تكاليفها عندما يكون الاقتصاد أكثر انفتاحا على العالم الخارجي وأكثرها اندماجا في الأسواق العالمية. ويرى الخبراء أن أهم العوائد المتوقعة من المركز المالي العالمي لدولة الكويت أنه يمكن أن يلعب دور محرك لنمو الاقتصاد وأن يساعد على تنويع مصادر الدخل في اقتصاد أحادي المصدر مثل الاقتصاد الكويتي، كما أنه لا يتطلب انشاء المركز حجما كبيرا من الاستثمارات مقارنة بغيره من القطاعات، كما أنه أيضا يوفر فرص عمل ذات قيمة مضافة بصفة خاصة إذا تم صياغة السياسات بالشكل الذي يدعم عمليات استخدام العمالة من الكويتيين وأخيرا تعبئة المدخرات على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.

ورهن الخبراء متطلبات انشاء المركز المالي بضرورة انشاء بيئة تشريعية مواتية ونظام اتصالات حديث وعمالة ماهرة مدربة في المجال ونظام حوافز يساعد على نمو المركز وإجراءات حكومية سلسة ومبسطة، وأيضا لا بد من تطوير تشريعات البورصة الكويتية بما يسمح للسوق بمواكبة التطور في النظم المالية وتفعيل الدور الرقابي على التداول بتطبيق النظام الآلي للمراقبة والرقابة على المحافظ والصناديق الاستثمارية.

وأشاروا إلى أن الكويت بحاجة إلى ثقافة انفتاح على الخارج، ولكن ثقافة العزلة هي السائدة، مؤكدا أنه لا تبدو هناك خيارات متنوعة والأمل في اجتياز عقبة تحول الكويت إلى مركز مالي عالمي أو اقليمي يحتاج إلى طاقم ملاحة مختلف وإلى أدوات ملاحة متقدمة.

وأوضحوا أن النجاح في نقل البلد من واقع متواضع عرضة لحركة المتغيرات وأهمها وأخطرها زيادة اعتماده على مصدر وحيد للدخل مؤقت وغير مأمون إلى واقع مختلف ولو نظريا تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري اقليمي في وقت يتغير العالم من حولنا وبسرعة.

وأكد الخبراء على أن الكويت تمتلك من المقومات ما يؤهلها إلى هذا التحول منها الموقع الجغرافي، والملاءة المالية الكبيرة والنظام الدستوري والقانوني وأيضا تجربة الكويت السابقة في الانفتاح.