أعمال مؤتمر الجهات المانحة للعراق تنطلق وسط تركيز ضرورة تطبيق الوعود بشكل سريع

وزير التخطيط العراقي: مشكلة الفساد تشكل تهديدا كبيرا لإعادة الإعمار والمساعدة الدولية

TT

افتتحت السلطات العراقية والدول المانحة امس اجتماع «المرفق الدولي لصندوق تعمير العراق» في الاردن، لتقييم مراحل إعادة الإعمار، التي انجزت حتى الآن في هذا البلد الذي ما زال العنف يهزه يوميا.

وقبيل المؤتمر الذي يعقد في منتجع الشونة السياحي على البحر الميت (غرب الاردن) ويستمر يومين، قال وزير التخطيط العراقي برهم صالح، ان «مشكلة الفساد (التي يعاني منها العراق) تشكل تهديدا كبيرا لاعادة الاعمار والمساعدة الدولية».

لكنه عبر في الوقت نفسه عن امله في ان يتقدم المانحون بمشاريع وتعهدات محددة. وقال صالح، الذي يرأس المؤتمر الى جانب الدبلوماسي الكندي مايكل بيل «سنحاول ان نجعل عملية اعادة الاعمار قائمة على اللامركزية، مما يعني ان مجالس المحافظات هي التي ستتكفل تنفيذ المشاريع». واكد صالح على دور الاستقرار في محاربة الفساد، الذي يزعزع ثقة المستثمر ويؤخر تدفق الاموال الذي يحتاج اليه العراق في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة.

واعتبر نائب ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق، ستيفان دي ميستورا، ان الاشهر الستة المقبلة حاسمة للعراق، الذي يصيغ حاليا دستورا سيطرح للاستفتاء في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل. وشبه دي ميستورا العراق بالمريض الذي يحتاج الى مساعدة خارجية، بالاضافة الى جهود داخلية لكي تستقر حالته، مشددا على اهمية الدستور.

وقال «يمكننا ان ننفذ شتى المشاريع التنموية والتربوية، لكن من دون دستور (...)، قد يختل استقرار العراق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي على نحو اسوأ مما شهدناه في الماضي». ويشارك في مؤتمر الشونة اكثر من ستين دولة ومنظمة دولية، مثل البنك الدولي والوكالات التابعة للامم المتحدة. ويأتي هذا الاجتماع بعد المؤتمر الدولي الذي عقد الشهر الماضي في بروكسل، والذي دعا الاسرة الدولية الى ان تكون اكثر سخاء تجاه العراق. وهذا الاجتماع هو الرابع للجنة المانحين لـ«المرفق الدولي لصندوق تعمير العراق»، الذي انشئ خلال مؤتمر مدريد، الذي انعقد في اكتوبر 2003، اي بعد ستة اشهر من الاطاحة بصدام حسين، اثر اجتياح القوات الاميركية البريطانية للعراق.

وقد تعهدت هذه الجهات حينها تقديم مبلغ 33 مليار دولار مساعدات للعراق بين عامي 2004 و2007. وتم دفع مبلغ مليار دولار الى صندوقين بادارة الامم المتحدة والبنك الدولي مناصفة.

وانفقت الامم المتحدة الى الآن 154 مليون دولار من هذا المبلغ، فيما ينفذ البنك الدولي مشاريع بقيمة 365 مليون دولار.

من جهته، اعاد عدنان بدران رئيس الوزراء الاردني، التأكيد على الموقف الاردني الثابت في دعم العراق، لتمكينه من تخطي المرحلة الصعبة التي يمر بها ومساعدته في بناء الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. كما اكد حرص بلاده على توفير كل ما من شأنه انجاح عملية اعادة الاعمار في العراق والتغلب على التحديات التي تواجهه في هذه المرحلة. وقال بدران، في كلمة افتتح بها امس الاجتماع الرابع للجنة المانحين للصندوق الدولي لاعادة اعمار العراق، الذي بدأ اعماله في مركز الملك حسين للمؤتمرات في منتجع البحر الميت، ان الارهاب والتطرف والعنف وما يعكر مسيرة اعادة الاعمار، انما هي تحديات تواجه بناء عراق ديمقراطي موحد مبني على اسسس ومبادئ الحرية، ويتمتع بمكانة دولية تمكنه من الانخراط في المجتمع الدولي ومواكبة التطورات ومشاركة دول العالم في مسيرتها نحو تحقيق الكرامة للانسانية جمعاء، الامر الذي يؤكد اهمية مد يد العون من اجل بناء عراق موحد قادر على تحقيق الرخاء لشعبه. واكد بدران ان المساهمة في اعادة اعمار العراق تشكل اولوية اردنية نقدم من اجلها كل ما نستطيع من تسهيلات وخدمات وخبرات من شأنها المساهمة في تحقيق الامن والاستقرار للعراق وشعبه وللمنطقة والعالم اجمع. مشددا على اننا في الاردن كنا وسنظل مع الاشقاء في العراق شركاء في التنمية والرخاء والامن، نعمل معا في مواجهة التحديات حتى يعود العراق الى موقعه الفاعل على الساحتين العربية والدولية. واوضح ان الاردن عمل ولا يزال على تطوير آليات التعاون التكاملي والاستراتيجي وتأطير العلاقات مع العراق، بما يحقق ديمومة التعاون والاتصال لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين، مشيرا الى انه ولمأسسة هذا التعاون، عملت اللجنة العليا الاردنية ـ العراقية المشتركة على تشكيل اللجان القطاعية لتطوير مناخ الاستثمار والتعاون الامني بكافة اشكاله والتعاون التجاري، اضافة الى قطاعات التعليم والصحة والاتصالات والمواصلات وتوسيع خدمات البنية التحتية واقتراح السبل الكفيلة بزيادة التعاون بين هيئات القطاع الخاص في البلدين. وقال ان اعتماد الاردن من قبل دول العالم المختلفة والمنظمات والهيئات الدولية كنقطة انطلاق لعملياتها في العراق، انما هو مؤشر واضح على حرص الاردن على تهيئة الظروف الملائمة التي من شأنها المساعدة في عملية اعادة اعمار العراق، مضيفا ان هذا الاجتماع خير دليل على الحرص الاردني، ويعكس في الوقت ذاته التزام المشاركين بالمضي قدما بتنفيذ المشاريع التنموية ذات الاولوية لاعادة الاعمار في العراق.

وعبر رئيس الوزراء عن ثقته بان تتبلور التزامات المشاركين ضمن خطة عمل يتفقون حولها ويتكاتفون على تنفيذها، لما فيه مصلحة الشعب العراقي وشعوب المنطقة جمعاء. مؤكدا دعم والتزام الحكومة لما سيتوصل اليه الاجتماع من نتائج لتلبية طموحات الاشقاء في العراق، لتحقيق ما يصبون اليه من الدعم والعون والمشورة لاختيار افضل السبل واسرعها لتنفيذ مشاريع وبرامج اعادة الاعمار.

وقال وزير التخطيط العراقي ان مؤتمر مدريد رصد 33 مليار دولار ولم يصرف منها سوى 7 مليارات، ومعظمها صرف خارج العراق وعلى الشؤون الامنية، ولم يصل الى الاقتصاد العراقي سوى مليارين خلال العامين الماضيين. واضاف برهم ان رسالتنا الى المؤتمر والمجتمع الدولي مراجعة الآليات وتفعيلها، وان العراق بحاجة اليوم الى الوقوف بجانبه وزيادة حجم المساعدات، خاصة انه يعيش في ظروف عصيبة واوضاع امنية خطيرة اثرت في الاستثمار في العراق. ودعا المجتمع الدولي الى المبادرة وعدم الانتظار للمساعدة في استقرار العراق. وقال ان المواطن العراقي بحاجة الى لمس الاستقرار المادي والامني على الارض ويريد العمل على الارض والتنفيذ. وخاطب المؤتمرين قائلا: كفانا مؤتمرات ومهرجانات خطابية بشأن العراق نريد افعالا على الارض. وقال ان العراق بحاجة الى قيادة تتحدث باسمه في المحافل الدولية والمؤتمرات لتقديم احتياجاته والتنسيق مع الهيئات دولية والمجتمع الدولي بشان الإعمار واولوياته. ويهدف المؤتمر الى مراجعة التقدم والدروس المستفادة من عمليات اعادة الاعمار التي يمولها المانحون، ويحضره ممثلون عن اكثر من ستين دولة ومنظمة دولية، من بينها الامم المتحدة والبنك لمراجعة التقدم الذي تم احرازه والدروس المستفادة من عمليات اعادة الاعمار، التي يمولها المانحون. يشار الى أن الاجتماع هو الرابع لمرفق الصندوق الدولي لاعادة اعمار العراق الذي قررته الدول المانحة بعد مضي ستة اشهر على انتهاء الحرب في مؤتمر مدريد في اكتوبر 2003.

وسيتابع المساندة للمرحلة السياسية الانتقالية في العراق على ان يعطي زخما جديدا لجهود اعادة الاعما، وان حكومة العراق ستقوم اثناء هذا الاجتماع بتقديم اولوياتها والبحث مع المانحين في افضل السبل لتنسيق الجهود للمضي قدما بعملية اعادة الاعمار، خاصة ان الاجتماع الذي تترأسه كندا، بعد حوالى شهر من مؤتمر بروكسل للمانحين في يونيو (حزيران) الماضي، لخص المجتمع الدولي على التبرع بسخاء للعراق، حيث يدير المساعدات المخصصة للعراق صندوقان يشرف عليهما البنك الدولي والامم المتحدة.