خبراء: الغموض يحيط بالسياسة النقدية للصين

بعد مرور أسبوع على رفع عملتها

TT

بكين ـ رويترز: بعد مرور أكثر من أسبوع على قرار الصين التاريخي، برفع قيمة عملتها بنسبة 2.1 في المائة، لا يزال اليوان يتحرك في نطاقات ضيقة، حول المستوى الذي يحدده البنك المركزي، مقابل الدولار، بينما يحذر أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي من مشكلات تجارية جديدة، تواجهها بكين، اذا لم تسمح بمزيد من الارتفاع لقيمة عملتها. ومع أن غالبية الاقتصاديين واثقون أن اليوان سيرتفع، فإنهم يقولون ان الانقسامات داخل الحكومة والطبيعة الغامضة عن عمد لنظام سعر الصرف الجديد في الصين، جعلت التنبؤ بسرعة التغيير أمرا خادعا. وقال روبرت ريني كبير محللي العملات في وستباك بنك بسيدني، «في الوقت الحالي، نحن في وضع غير معروف في منتصف الطريق بين ما كنا عليه من قبل وبين.. نظام لادارة سلة (عملات)، في هذه اللحظة لدينا أسئلة أكثر من إجابات». وفي محاولة لتقديم قدر من الايضاح، استدعى بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) بعض الاقتصاديين الكبار يوم الجمعة قبل الماضي، بعد مرور يوم واحد فقط على اعلانها تخليها عن سياسة ربط اليوان بالدولار، التي استمرت 11 عاما، واستبدالها بنظام «لسعر صرف حر ومحكوم، يستند الى العرض والطلب مع الرجوع الى سلة من العملات».

ومن بين الاقتصاديين الذين وجهت اليهم الدعوة هونج ليانج من جولدمان ساكس بهونغ كونغ، التي قالت انه تولد لديها انطباع من يي جانج مساعد محافظ بنك الشعب الصيني، أن البنك المركزي سيسمح لليوان بأن يتحرك بحرية في حدود نطاق محدد، وأن أي رفع لقيمة العملة في الشهر الاول سيكون مقيدا بشدة. وقالت ليانج ان البنك المركزي «لم يكشف أوراقه». وأضافت «الانطباع الذي خرجت به من الاجتماع، هو أنه من الواضح فيما يبدو أن نسبة 2 في المائة حل وسط. وان البنك المركزي يرغب في زيادتها قليلا، لكن من المحتمل أن وزارات أخرى في الحكومة، تريد تبني منهج أكثر محافظة وتدرجا». ومن المؤكد أن الاسواق تلقت رسالة التدرجية. فلم يتحرك اليوان الا في حدود 0.04 في المائة صعودا وهبوطا منذ التخلي عن ربطه بالدولار، الذي أدى الى ارتفاع سعره الى 8.11 مقابل الدولار، بعد أن ظل ثابتا لثمانية أعوام عند سعر 8.28 .

من جهته قال جوناثان اندرسون من يو.بي.اس بهونغ كونغ إنه «ربما انتقلت السلطات الى نظام سلة العملات، وأضافت مساحة اضافية ضئيلة لهامش المرونة، لكن سعر صرف الرنمينبي (اليوان) اليوم، لا يزال فعليا ثابتا وليس حرا وسيبقى هكذا لفترة طويلة».

ولا يروق ذلك لعضوي الكونغرس الامريكي تشارلز شومر وليندساي جراهام، اللذين جددا يوم الخميس الماضي تهديدا بالتقدم بمشروع قانون يفرض ضريبة نسبتها 27.5 في المائة على الواردات الصينية، ما لم تتبع الصين الخطوة الاولية لرفع قيمة اليوان بخطوات اخرى. ومن التوقعات في السوق أن الصين ستلقي عظمة لواشنطن بالسماح بزيادة أخرى في سعر صرف اليوان، عندما يعود الكونغرس للانعقاد بعد عطلته الصيفية في سبتمبر (أيلول) القادم، وهو الشهر الذي سيزور فيه الرئيس الصيني هو جينتاو الولايات المتحدة. لكن الاقتصاديين قالوا ان الرسالة الواضحة للبنك المركزي الصيني، هي أن الاعتبارات الداخلية، وفي مقدمتها الخوف من تقليص فرص العمل، هي التي توجه سياستها بشأن العملة وليست الضغوط الدولية. ووفقا لهذا التفكير فإن صانعي السياسة والبنوك والشركات، سيمنحون وقتا للتكيف مع الخطوات الصغيرة، قبل أن يتركوا لانفجار قوى السوق الكامل وتأرجحات العملة الاكبر. وذلك هو السبب في أن مسؤولي البنك المركزي يشددون على أن الخطوة التالية للاصلاح هو ادخال أدوات أكثر حمائية. ولم يمل المسؤولون أبدا من القول بأن الخطوة التالية، ستشمل ما هو أكثر من سعر صرف اليوان. وتتوقع ليانح من غولدمان ساكس أن يكون لدى الصين في غضون ستة أشهر سوق أكثر تطورا وشفافية، ومن ثم يمكن للشركات أن تحمي نفسها. وأضافت أنه خلال الفترة نفسها فمن المرجح أن يخفف البنك المركزي أيضا من قبضته على اليوان قليلا، بتطبيق نظام صناع السوق على الية صرف اليوان مقابل الدولار.

ويتوقع جان كريستوف اسيوكس، وهو مستشار للعلاقات الاقتصادية الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، ان ترتفع قيمة اليوان بنسبة لا تزيد عن خمسة في المائة خلال العام القادم، وهو ما تتوقعه تقريبا أسواق مشتقات الصرف الاجنبي الخارجية. لكن هل يتجاوز هذا القواعد الحذرة التي تطبقها الصين. وقال جيم ووكر من سي.ال.اس.ايه. ان نظاما للتعويم المحكوم، كالذي تطبقه الصين، هو نظام تفرضه بالفعل املاءات الحكومة والبنك المركزي وليست املاءات السوق.