تصاعد الأزمة في الإكوادور مع احتلال آبار النفط في الأمازون

الخسائر يمكن أن تصل إلى 433 مليون دولار

TT

تصدر اسم الاكوادور نشرات الاخبار العالمية يوم اول من امس حيث ساهمت الاضطرابات في هذه الجمهورية التي تقع في قارة اميركا اللاتينية الى رفع النفط مع نهاية الاسبوع الماضي الى مستويات قياسية.

ويواجه الرئيس الاكوادوري الفريدو بالاسيو أخطر أزمة منذ توليه السلطة منذ خمسة اشهر مع احتلال آبار النفط في الامازون، مما يضر بالشركة النفطية الوطنية (بترو اكوادور) وعدد من الشركات العاملة في المنطقة.

وقد استعاد الجيش مساء الجمعة السيطرة على مطارات اثنتين من مناطق الامازون التي انطلقت منها حركة الاحتجاج. حتى ان المتحدث الكولونيل اديسون نارفايز ان الشركة الوطنية للنفط ستستأنف ضخ النفط في بعض المواقع «في الساعات المقبلة».

لكن متظاهرين في لاغو اغريو قالوا لوكالة فرانس انهم «سيبقون مستعدين للحرب» رغم اعتقال قادة الحركة «الى ان تفهم الشركات المتعددة الجنسيات انها لا تستطيع الاثراء بمواردنا».

وقد استقال وزير الدفاع الاكوادوري سولون سبينزوزا الجمعة لأنه رفص حسب الصحف المحلية، تطبيق قانون الطوارئ الذي اعلنه الاربعاء الرئيس بالاسيو وينص على فرض منع للتجول ليلا واستخدام القوة في حال وقوع اضطرابات. وكلف رئيس الاكوادور ألفريدو بالاسيو، اول من أمس الجمعة، الجنرال اوسوالدو جارين بشغل منصب وزير الدفاع بدلا من سولون إيسبينوسا وذلك وسط أزمة أدت إلى تعليق عمليات تصدير النفط.

وتعهد جارين بإعادة النظام في العديد من الاقاليم التي تشهد موجات اضطرابات في الاكوادور.

ورغم ما تردد من أن إيسبينوسا استقال «لأسباب شخصية»، إلا أن مسؤولين أشاروا بصفة شخصية إلى أن الرئيس أقاله بسبب طريقة تعامله مع الاحتجاجات في إقليمين بمنطقة الامازون الغنية بالنفط.

وقد أصابت الاحتجاجات الانتاج النفطي للبلاد عمليا بالشلل. وظهرت مسيرات الاحتجاج تعبيرا عن رفض المشاركين فيها لوجود اثنتين من شركات النفط التي تتخذ من أميركا الشمالية مقرا لها في البلاد. وأعلنت السلطة حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال في الاقليمين مساء أمس.

لكن التقارير أشارت إلى أن موجة الاضطرابات التي بدأت قبل أسبوع لا تزال مستمرة فيما أعلنت الاكوادور تعليق تصدير النفط الخام بهدف «الحفاظ على الاحتياطيات الوطنية».

وتعهد وزير الدفاع الجديد بإنهاء الاضطربات، قائلا إن القوات المسلحة في الاكوادور تقف دائما إلى جانب الشعب ولكن في هذا الوقت «يتعين أن يوقف التمرد والاستخدام غير المشروع والعشوائي للقوة حتى تعود الاساليب الديمقراطية».

وقال إن حالة الطوارئ التي صدرت بشأن الاقليمين ستستمر بهدف استعادة السلام وحماية اقتصاد البلاد. وفي خطاب أذاعه التليفزيون على الشعب وصف الرئيس بالاسيو الاضطرابات بأنها «محاولة لزعزعة استقرار الحكومة».

وأصدر حزب «الجمعية الوطنية» الذي يتزعمه جوتيرز بيانا اول من أمس نفي فيه الضلوع بأي دور في الاضطرابات التي يشهدها إقليما سوكومبيوس وأورلانا.

وقال البيان إن الحزب لا يؤيد «الفوضى ومحاولات زعزعة الاستقرار»، رغم أنه لا يعترف بشرعية حكومة بالاسيو.

وكانت الاضطرابات بدأت يوم الاحد الماضي في إقليمي سوكومبيوس وأورلانا، حيث يطالب المواطنون هناك بشق المزيد من الطرق وتوفير المزيد من الوظائف للعمال المحليين في شركات النفط الاجنبية وطرد شركتي نفط أجنبيتين من الاقليمين، وهما أكسدنتال الأميركية وإنكانا الكندية. وسيطر المحتجون على المطارات والمباني العامة ودمروا أحد مراكز الشرطة على الاقل. أعلن إقليم ثالث هو إقليم نابو يوم الخميس الماضي أنه سيشارك في الاضراب العام. واتهمت الحكومة المحتجين بتخريب خطوط النفط الرئيسية لمنع تدفق النفط. وذكرت شركة النفط الحكومية بتروإيكوادور أن صادرات الاكوادور من النفط انخفضت منذ بدء الاضطرابات من 200 ألف برميل يوميا إلى حوالي 10 آلاف برميل.

ومنذ الاثنين الماضي، تتعرض حكومة الاكوادور لضغوط بعد احتلال سكان منطقتي سوكومبيوس واوريلانا مائتين من آبار النفط بدعم من السلطات المحلية. وقد اقيمت حواجز على الطرق المؤدية الى هاتين المنطقتين. ويطالب المتظاهرون بإلغاء امتياز نفطي منح للشركة الاميركية «اوكسي» ويريدون ان تقوم الشركات الاجنبية ببناء مائتي كيلومتر من الطرق وتوظيف اليد العاملة المحلية.

كما يطلبون اعادة التفاوض حول كل العقود النفطية للتوصل الى تقاسم اكثر عدلا للعائدات النفطية بين الحكومة والشركات الاجنبية. ويقول قادة التظاهرات ان المواجهات مع قوات الأمن أدت الى جرح ستين شخصا منذ الاثنين بينما اعتقل 12 شخصا.

وبسبب احتلال المواقع، أعلنت الشركة الحكومية «بترو اكوادور» التي تنتج وسطيا مائتي الف برميل يوميا، الخميس تعليق تصدير نفطها لأن الكميات التي يتم استخراجها أصبحت «معدومة».

وقال بالاسيو ان خسائر الدولة تبلغ مائة مليون دولار ويمكن ان تصل الى 433 مليونا حتى أكتوبر (تشرين الاول) المقبل ما لم يتم إصلاح الاضرار التي لحقت بالشبكة. وقال وزير الطاقة إيفان رودريجث، إن إنتاج النفط خسر بسبب هذه الاضطرابات حوالي 100 مليون دولار أميركي، وان قطاع النفط سيحتاج إلى ما يتراوح بين 30 و60 يوما للعودة إلى مستويات الانتاج السابقة بمجرد السيطرة على موجة الاضطرابات الحالية.

وزعم بعض المراقبين أن الرئيس الاكوادوري السابق لوسيو جوتيرز الذي أطيح به في أبريل (نيسان) الماضي يقف وراء هذه الاضطرابات.

أما المتحدث باسم الشركات الخاصة رينيه اورتيز فقد صرح ان انتاج هذه الشركات تراجع بنسبة 56% ليبلغ 150 الف برميل مقابل 340 الفا عادة.

واضاف اورتيز ان الآبار الخاصة التي طالت الحركة الاحتجاجية نشاطاتها تملكها المجموعتان الكنديتان «انكانا» و«ايه اي سي» بينما تقع الحقول التي تستثمرها شركات «اوكسي» الاميركية و«اغيب» الايطالية و«ريبسول» الاسبانية في منطقة أبعد من القطاع الذي يشهد الازمة التي لم تصل اليها حتى الآن. وأعلنت وزيرة الاقتصاد ماغدالينا باريرو ان كيتو ستطلب من فنزويلا «اقراضها نفطا» لتتمكن من استئناف صادراتها ومحروقات لإمداد سوقها الداخلي.

والاكوادور هي الدولة الخامسة المنتجة للنفط في اميركا الجنوبية. ويشكل النفط السلعة الاساسية في صادرات هذا البلد الصغير واحد اكبر مصادر تمويل ميزانية الدولة بعائدات بلغت 3.9 مليار دولار العام الماضي.

وقد ادت الازمة في الاكوادور الى تصاعد التوتر في اسواق النفط الدولية. فقد ارتفع سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) تسليم سبتمبر (ايلول)، 2.08 دولار الجمعة في نيويورك ليبلغ 65.35 دولار.