الصناعة.. خيارنا الإستراتيجي للتنمية

سـعود الأحمد *

TT

المجتمع الواعي لا يقبل على نفسه، أن يبقى تحت رحمة آخرين، يشترون منه المواد بثمن بخس، ليعيدوا صناعتها ويبيعوها له بأثمان باهظة، وهو يتفرج ويده على قلبه خوفاً من أن ينقطع استيراده منها! ليس الحل في مكافحة الفقر، أن تصرف للناس (من غير العاجزين عن العمل) معونات شهرية، وتوزع عليهم أراض بالمجان وقروض بخصومات لينشغلوا ببناء مساكنهم، وينصرفوا عن المشاركة في العملية الإنتاجية. لكن الحل أن تخلق الفرص الوظيفية التي تدخل في زيادة الناتج المحلي والسلع التي تصدر لتنافس المنتجات المماثلة في الأسواق العالمية. علينا واجب وطني، أن نستغل طاقة كل قادر على العمل. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدوة حسنة، عندما جاءه سائل، فأعطاه فأساً وقال اذهب واحتطب... ولم يعطه المال لينام في بيته. وعلينا أن نتذكر أن من يجد فرصة العمل سيتمكن من إعالة المحتاج من أقاربه. الأميركان صنعوا السيارة الهجينة، التي تعمل بالهيدروجين وفي طريقهم لأن تكون بأسعار تجارية (وفي ذلك تهديد لسعر أهم مصدر دخل لنا وهو النفط). واليابان تمكنت من صنع سيارة تويوتا إي إس 3 من البطاطس (تصوروا)، والعالم العربي بأكمله، ومع كل ما حباهُ الله به من موارد اقتصادية، لم يتمكن من صناعة أية ماركة منافسة لسيارة أو تلفزيون أو راديو! ضاع القرن العشرون علينا، ونحن في حالة حرب لاستعادة الأرض، وضاع أصحاب الأرض وتشتتوا في مختلف بقاع الأرض، وما حصدنا وإياهم إلا الخسائر.

أين التكامل الاقتصادي العربي؟ لماذا لا نبدأ إقليمياً، على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونشخص المشاكل المشتركة لدول المجلس. في الماضي وقبل عقدين ونصف العقد كانت دول الخليج العربية تعاني من التضخم، وكنا نتحجج بنقص الموارد البشرية. واليوم البشر موجودون.. وبأنسب الأعمار الإنتاجية (ويا للخجل: كيف لا نجد لهم العمل!). ونحن نستورد أدنى مستويات العمالة، حتى أن بعض المنظرين ينادي بأن تدفع للشباب رواتب بدون عمل! إذاً نحن لدينا مشكلة، علينا واجب وطني تاريخي وأخلاقي أن نحلها... وهي كما أراها، معضلة «الإدارة». نعم نحن مجتمع لا ينقصه إلا حسن الإدارة.

لماذا لا نحدد صناعات بعينها ونتخصص فيها، مما نمتلك أهم مقوماتها الأساسية وهو «النفط»، الذي نتميز على جميع دول العالم بامتلاكه. النفط الذي هو عصب الصناعة في محيط العالم الصناعي، والذي يكلف دول العالم المبالغ الباهظة لنقله من أرضنا، لتقوم بصناعة بعض منتجاته وتغلفها وتشحنها وتدفع التأمين لكي تعبر بها القارات ( لنا ولغيرنا) وتسعرها بمبالغ تحقق منها دخولها التي تعيش عليها... اليابان، الصين، كوريا، ماليزيا، هونج كونج، الهند... إلى غير ذلك من الدول الصناعية.

لماذا لا تتبنى وسائل الإعلام ندوات تناقش محاور هذا الموضوع مثل: 1 - مشاركة القطاع الصناعي في إجمالي الناتج القومي... الواقع والمأمول.

2 - نسب تطور المشاريع الصناعية خلال العقدين الماضيين؟

3 - لماذا يفضل المستثمر السعودي الفرص البديلة على المشاريع الصناعية؟

4 - إعادة تقييم الاستراتيجيات الصناعية، ومدى فاعليتها؟

5 - هل المشاريع الصناعية هي الخيار الاقتصادي الأنسب (من حيث العائد).

6 - أهم الملاحظات على واقع الصناعة المحلية؟

7 - لماذا لا نتبنى المشاريع التي نملك معظم موادها الخام، كالنفط؟

وإذا أجبنا على هذه الأسئلة، شخصنا مشكلتنا الإستراتيجية.

* محلل مالي [email protected]