خبراء يقيمون آثار الكارثة على الاقتصاد العالمي في ظل تراجع القدرة التكريرية لمصافي النفط الأميركية

تقرير «الكويت الوطني»: إعصار «كاترينا» يلقي بظلاله على سعر الفائدة

TT

أشار التقرير الصادر عن بنك الكويت الوطني أمس أن درجة عدم اليقين المسيطر على الأسواق مرتفعة، مع سعي المحللين لتقييم التأثير الكامل للإعصار كاترينا على الاقتصاد العالمي ويعتقد معظم الخبراء أن التأثير العالمي سيكون ضئيلا وأن معظم التشعبات ستكون على مستوى الولايات المتحدة.

وبعد أن تراجع الدولار الأميركي في البداية بسبب الإعصار كاترينا، بقي مدعوماً نسبياً على نطاق شامل في الأسبوع الماضي، إذ كانت الأنباء أكثر إيجابية مما كان قد افترض سابقاً. وبالفعل، تواصل انخفاض أسعار النفط وأبدت أسواق الأسهم الأميركية قدرة على استيعاب الحدث.

وأضاف التقرير أن خليج المكسيك يعتبر موطن ثلث الإنتاج النفطي الأميركي وكذلك موطن نصف القدرة التكريرية الأميركية وقد نتج عن الفيضانات إغلاق 15% من قدرة التكرير وما يزيد على 90% من الإنتاج النفطي الأميركي ولذلك لم يكن من الغريب أن نشهد ارتفاع أسعار النفط الخام لتتجاوز سبعين دولارا للبرميل وارتفاع أسعار البنزين لتتجاوز ثلاثة دولارات للغالون. ولكن أسعار النفط تراجعت في الأسبوع الماضي لمستويات ما قبل الإعصار كاترينا، وعادت أسعار البنزين إلى حوالي 2.60 دولار للغالون. ونتيجة لذلك، فقد أفاد العديد من مسؤولي مجلس الاحتياط الفدرالي وكذلك وزير الخزانة الأميركي جون سنو، أنه يتوقع أن تكون آثار الإعصار كاترينا عابرة، وإضافة لذلك أبدت جانيت يلين، رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو التي تبدو تشددا حيال التضخم وذكرت أن ارتفاع أسعار النفط قد يمرر جزئيا إلى معدل التضخم الرئيسي وأن السياسة النقدية لا يمكنها أن تخفض من النتائج غير المتوقعة للإعصار كاترينا. وقال أيضا رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي لشيكاغو، إن السياسة النقدية المناسبة هي إبقاء معدل التضخم تحت السيطرة تماماً. وإجمالا، قدمت هذه التعليقات بوضوح تقييماً متفائلاً على المدى الطويل للاقتصاد الأميركي، وأبرزت مخاطر التضخم مستقبلا. وأثبتت الأرقام النهائية لتكلفة وحدة العمل في الربع السنوي الثاني هذه النقطة في الأسـبوع المـاضي، إذ ارتفـعت من 1.3% إلى 2.5%.

ومع ذلك، ينقسم مراقبو مجلس الإدارة للاحتياط الفدرالي حيال الاجتماع القادم للجنة الفدرالية للسوق المفتوح المزمع عقدها في العشرين من شهر سبتمبر، ومع هذا الانقسام، يبقى مستقبل الدولار الأميركي في المدى القصير غير واضح. ويعتمد أولئك الذين يعتقدون أن مجلس الاحتياط الفدرالي لن يرفع أسعار الفائدة هذه المرة، في الأساس على فرضية أن درجة عدم اليقين تبقى مرتفعة في المدى القصير بانتظار بيانات اقتصادية قوية، وأنه قد لا يبدو من الملائم رفع أسعار الفائدة عقب كارثة إنسانية في المناطق التي غمرتها الفيضانات ورغم ذلك، حتى هذه الفئة تعتقد أن مجلس الاحتياط الفدرالي سيعاود اعتماد سياسته النقدية التقيدية لاحقاً هذا العام.

ويعتمد الفريق الذي يعتقد أن مجلس الاحتياط الفدرالي لن يوقف أسعار الفائدة هذه المرة على فرضية أن ولاية لويزيانا تمثل أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. وبالتالي فإن تأثيرها على الاستهلاك الأميركي الإجمالي لن يكون ذا بال. وإضافة لذلك، فسنشهد على الأغلب انتعاش النشاط الاقتصادي في الربع الرابع، مع تدفق الإنفاق الحكومي لإعادة إنماء المناطق المتضررة. وينتمي معظم المحللين إلى هذه الفئة، إذ تـضع العـقود الآجـلة لليـورو والدولار نسبة 80% لرفع سعر الفائدة الأسبوع المقبل.

وفي هذا الجو من تزايد عدم اليقين المتعلق بالسياسة النقدية، فإن مستقبل الدولار الأميركي أصبح أقل يقينا في المدى القصير، ولكن في المدى الطويل، تعم الرؤية في الأسواق بأن التصحيح الذي شهدناه هذا العام في المسار النزولي للدولار قد ينتهي في الأشهر القليلة القادمة. وتعني إعادة إعمار المنطقة التي غمرتها الفيضانات أن الإنفاق الحكومي سيرتفع، مؤدياً إلى ارتفاع المزيد من العجز في الميزانية وسيؤثر أيضا توقف موانئ أميركية رئيسية عن العمل على الصادرات الأميركية فإذا ما أضفنا لذلك ارتفاع أسعار النفط الخام على مدى الأشهر القليلة الماضية، فإن مشاكل التجارة والحساب الجاري ستتفاقم. ويتوقع إصدار بيانات الحساب الجاري الأميركي وبيانات تجارة السلع العالمية يوم الاثنين والثلاثاء على التوالي هذا الأسبوع.

وفي أوروبا فإن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير الى تلاشي الدعم المؤيد للحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ والذي ترأسه انجيلا ميريكل اذ يبدو أن دعوة المستشار الألماني غيرهارد شرودر للانتخابات العامة في الثامن عشر من سبتمبر قد لا تؤتي ثمارها. وقد زادت حالة عدم اليقين بالنسبة للانتخابات العامة عقب تأجيل الانتخابات المحلية في مقاطعة درزدن بعد وفاة أحد المرشحين للانتخابات هناك مما جعل سباق التنافس بين شرودر وميريكل سباقاً محموماً وغير مضمون النتائج لأي منهم. ومع أن الأسواق تعتبر كلا من المستشار الألماني وميريكل يحملان مشاريع إصلاحية فإن الأسواق تنظر إلى ميريكل بإيجابية أكبر كون برنامجها يشمل إصلاحات تتناول كلا من سوق العمل والضرائب بينما تقتصر مشروع الحزب الديمقراطي الاشتراكي على إصلاحات تتناول سوق العمل فقط. ويكمن ادراك تأثير الانتخابات على الأسواق ليس فقط بمعرفة من هو الفائز بل بكيفية تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات. وتعتبر الأسواق تشكيل حكومة ائتلاف من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الليبرالي أمرا إيجابيا بالنسبة للأسواق. أما في حالة فوز المحافظين بهامش ضيق في هذه الانتخابات حيث تضطر ميريكل لان تشكل حكومة ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم فالأرجح أن يؤدي ذلك الى تباطؤ عجلة الإصلاحات نتيجة التجاذب السياسي داخل الحكومة ما قد يؤثر سلبا على سوق الأسهم الألماني وعلى قيمة اليورو في أسواق العملات. وفي بريطانيا قرر بنك إنجلترا المركزي الإبقاء على أسعار الفوائد دون تغيير يوم الخميس الماضي عند مستوى 4.5% كما كان متوقعاً. والمعلوم أن علاقة سياسة أسعار الفائدة في بريطانيا وقيمة الجنيه الاسترليني هي الأقوى بين العملات الرئيسية ولذلك فمن غير المستغرب أنه بالرغم من تراجع الجنيه قليلا من مستواه الأعلى قرب 1.85 دولار المسجل الأسبوع الماضي فإنه ما زال قوياً ومرناً خاصة مقابل الدولار الأميركي. وبالفعل فقد أظهرت محاضر اجتماع السياسة النقدية أن قرار خفض أسعار الفائدة من 4.75% الى 4.5% في أوائل أغسطس كان قراراً متقارباً مع تصويت خمسة أعضاء لخفض أسعار الفائدة مقابل أربعة أعضاء ضد الخفض بمن فيهم محافظ بنك إنجلترا المركزي، وتعتبر هذه النتيجة أكثر تشددا حيال أسعار الفائدة مما كانت تتوقعه الأسواق. ويدل هذا الأمر على أن احتمالات حصول خفض آخر في أسعار الفائدة في بريطانيا خلال هذا العام أمر مستبعد إلا إذا أظهرت البيانات الاقتصادية تحولا سريعا نحو الأسعار وهو أمر مستبعد، وبهذا يبقى الجنيه الإسترليني مدعوما في هذه الأثناء. أما في اليابان فقد أشارت معظم استطلاعات الرأي الإعلامية الى فوز تحالف الحزب الليبرالي الديمقراطي لكويزومي مع حزب كوميتو في الانتخابات العامة ما يؤشر الى أن الحزب الحاكم سيضمن عدداً كافياً من المقاعد النيابية لتشكيل حكومة ائتلافية بهامش مريح.

وإذا ما كانت استطلاعات الرأي هذه صحيحة وفاز الحزب الليبرالي الديمقراطي بالانتخابات فإن المتمردين في حزب كويزومي الذين صوتوا ضد الإصلاحات المقترحة لمكتب البريد في مجلس الشيوخ الياباني سوف يضعفون وسيبقى كويزومي رئيساً للوزراء ما سيجعله يتقدم بخططه الإصلاحية والأهم من ذلك إعادة تقديم برنامجه لاصلاح مكتب البريد الياباني لمجلس النواب الياباني والجدير بالذكر أن المكتب البريدي الياباني يعتبر أكبر مصرف للودائع في العالم حيث تقدر قيمة حسابات الإدخار والتأمين لديه بحوالي 350 تريليون ين (3,200 مليار دولار) وهو ما يعادل نصف الدين الحكومي الياباني. ويكمن الهدف من وراء الإصلاحات المنشودة أن استخدام هذه الأموال سيشكل أكثر تنافسية وكفاءة عن طريق تأسيس أربع مؤسسات مستقلة في عام 2007 تتولى على التوالي إدارة شؤون الخدمات البريدية وإدارة مكتب البريد والخدمات الادخارية والخدمات التأمينية على أن يتم خصخصة الخدمات الادخارية والتأمينية في عام 2017. والأرجح أن يتم تبني مجلس النواب الياباني لهذه الإصلاحات إذا ما فاز كويزومي بأغلبية كبيرة ويمكن لمثل هذا التطور أن يكون عاملاً إيجابياً بالنسبة لسوق الأسهم الياباني وبالنسبة لقيمة الين في أسواق صرف العملات.