لماذا سوق الأسهم وليس العقار؟

سعود الأحمد *

TT

كلنا يشهد بأن سوق الأسهم اجتذب الاستثمارات المحلية منافسه التقليدي سوق العقار. لكن ذلك في ظل ضعف وغياب الفرص الأخرى كالصناعات وغيرها. حتى بات البعض يتساءل: إلى متى سيظل سوق الأسهم يسحب البساط ويتصدر البدائل في القاعدة الاقتصادية... وأين هو مستقبل الاستثمارات المحلية؟

وإذا نظرنا لواقع الاستثمار في سوق الأسهم السعودية وجدنا له العديد من المميزات.

فمن حيث الربحية حقق مؤشر سوق الأسهم السعودية ارتفاعاً من أربعة آلاف نقطة بداية عام 2004 إلى حوالي خمسة عشر ألف نقطة خلال أقل من عشرين شهراً. ولنا أن نتخيل مقادير مكاسب المضاربين المحترفين، إذا أخذنا في الاعتبار استفادتهم من خسائر الآخرين، لأن من الطبيعي أن خسارة أحد طرفي التعامل تصب في مصلحة الآخر (بعد خصم مصاريف التعامل). إضافة إلى استحواذهم على الفرص الضائعة على بقية المتعاملين في السوق الأولية (سوق الاكتتاب) والسوق الثانوية (سوق التداول).

درجة السيولة، حيث تصنف الأوراق المالية (الأسهم والسندات ) على أنها أصول شبه نقدية، نظراً لسهولة تحويلها إلى نقد. فبمجرد أن تعطي أمر بيع بالسعر المعروض، تتحول أسهمك إلى نقدية. وبالمقابل لنا أن نتخيل لو كانت بمساهمة عقارية، بأرض خام يخطط لجمع قيمتها لتستكمل إجراءات إفراغها من المالك الأصلي، وعلى المساهم أن ينتظر إلى أن تتم إجراءات التخطيط (ضمن ما يسمى بإجراءات التطوير) ثم تنفيذ مهمة التقسيم، وبعدها يحدد موعد الحراج (المزايدة)، وإذا حصل للمساهم نسبة ربح فالأجدر به أن يشتري قطعة أرض (من الحراج) تحاشياً لطول (بعد طول) انتظار لتحصيل رأسماله وربحه. ثم ينتظر لهذه القطعة مستفيدا أخيرا يشتريها.

وإن كانت السلعة العقارية قطعة أرض سكنية مستقلة بصك، فإن تقييم ما يملكه المستثمر غاية في الصعوبة، فقد تفقد قطعة الأرض السكنية حوالي عشرين بالمائة لو اراد بيعها في الحال (إذا وجد لها طامع يملك النقدية). أما عقارات المباني فرغم ما يميزها من دخل الإيجار، إلا أن لذلك ثمنا كالصيانة وفترات فراغ الوحدات السكنية والمحلات دون إيجار (مما يعني خسارة فرصة دخل)، هذا بخلاف ضياع وصعوبة تحصيل قيم الإيجارات من بعض المستأجرين. أما درجة السيولة فإن من المتعارف عليه، أن المباني لا ترتفع قيمها إلا في حالات نادرة، لأن من المعروف أن توسع المدن (وهو أمر طبيعي مضطرد) يكون عادة على حساب العمارات القديمة، وبالتالي يقل الطلب عليها.

أما من حيث سهولة نقل الملكية، فيكفي أن في نقل ملكية العقار (بأنواعها) مراجعة لكتابات العدل، ناهيك إذا كان الأمر يستدعي مراجعة البلدية الفرعية أو الامانة (...). ناهيك عن التعامل مع أصحاب شركات مساهمات المخططات العقارية، وكثرة وعودهم الكاذبة، وسوء سمعة بعضهم، لما يُعلن من عقوبات السجن والغرامة التي تصدر بحقهم. ثم بعدما وقعت الفأس في الرأس تم التوقف عن المساهمات الجديدة... في وقت يمكن لمالك الورقة المالية أن يبيع ويشتري خلال بضع دقائق وهو في منزله أو مكتبه عبر الهاتف أو شبكة الإنترنت، ولو حدث خلاف فخصمك هو النظام.

لذلك هذا التوجه لسوق العقار خلال العام الحالي على حساب سوق العقار، ولا ينتظر أن يتغير إلا إذا حدث ما لا يحمد عقباه لسوق الأسهم، وانخفضت نسبة التداول... وهو أمر مستبعد جداً في ظل المعطيات المنظورة.

* محلل مالي سعودي [email protected]