دراسة لمجموعة «هيرميس» المالية تدعو لضبط الإنفاق الاستثماري في الإمارات

لتجنب الزيادة في فائض الطاقة الإنتاجية

TT

شددت المجموعة المالية هيرميس على ضرورة ضبط الانفاق الاستثماري في دولة الإمارات في المرحلة القادمة، لتجنب الزيادة في فائض الطاقة الإنتاجية الذي اعتبرته «خطرا سيظل قائما حتى إذا جفت مصادر التمويل من الجهاز المصرفي».

وأشارت دراسة للمجموعة عن الاقتصاد الإماراتي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إلى أن دولة الإمارات ستتحول خلال الفترة القادمة من مرحلة تعزيز وفرة الطاقة الإنتاجية وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي إلى مرحلة وضع قيود على الطاقة الإنتاجية ومعدلات النمو الاقتصادي لتكون أبطأ، وأرجعت الدراسة ذلك إلى الانسحاب التدريجي للحافز النقدي على الصعيدين الإقليمي والعالمي، واقتراب مستوى إنتاج البترول من كامل طاقته، كذلك اقترب معدل القروض إلى الموارد المستقرة في الجهاز المصرفي إلى حدوده المقررة. وأوضحت الدراسة، التي تحمل عنوان «من طور الشباب إلى طور النضوج»، أن مسؤولية نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارات سيقع علي عاتق قطاعات التجارة والإنشاءات والمشروعات المالية خلال عامي 2005 ـ 2006. فقد بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 7.4% في عام 2004، منخفضا عن الفترة التي حققها عام 2003 وبلغت 11.9%، بسبب التراجع في نمو إنتاج البترول الخام، الذي يقترب من كامل طاقته (2.5 مليون برميل يوميا)، ومع ذلك فهناك خطط رسمية يجري تنفيذها لزيادة الإنتاج، الذي من المتوقع أن يبلغ 2.9 مليون برميل يوميا في عام 2006 و3.1 مليون برميل يوميا في عام 2008 و3.5 مليون برميل يوميا في عام 2010.

وتوقعت الدراسة أن تحقق الميزانية الموحدة فائضا في عام 2005، خاصة بعد ان تم استبعاد إيرادات الاستثمارات المتولدة عن الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية العام الماضي، مما أدى إلى نوع من التكافؤ في الميزانية المعلنة عام 2004، لأول مرة منذ عشرين عاما. وتوقعت كذلك أن تحتفظ الحكومة بها في مركزها الدائن في مواجهة الجهاز المصرفي على الأجل المتوسط. وان يتجاوز معدل التضخم، حسب مؤشر أسعار المستهلكين حاجز الـ6% في عام 2005، خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، واستمرار تأثير الطلب المحلي القوي على زيادة الضغوط التضخمية، خاصة في قطاع العقارات.

وأكدت أن عام 2004 شهد ارتفاعا في تكلفة الإسكان والأنشطة المتعلقة به، التي تمثل 36% من مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 6.7 %، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 4.6% مقارنة بـ3.2% عام 2001. وتقول هيرميس: انه لا يزال الطلب المحلي الإجمالي مدفوعا بالارتفاع القياس في أسعار البترول الخام وانخفاض معدلات الفائدة الفعلية ووفرة السيولة، وقد تسارعت معدلات النمو في الائتمان للقطاع الخاص على أساس سنوي وفي السيولة المحلية في الربع الأول من عام 2005 نتيجة الطلب القوي للتجارة والإنشاءات والقروض الشخصية. وأشارت الدراسة إلى أن الخطط التي يجري تنفيذها لزيادة الطاقة الإنتاجية في إنتاج البترول الخام لن يظهر أثرها قبل عام 2006 لذلك توقع التقرير أن يكون الأثر الهامشي لارتفاع إنتاج البترول الخام غير محسوس على الناتج المحلي الإجمالي الفعلي في عامي 2005 ـ 2006، وعلى الأجل المتوسط أيضا، إذا لم تتزامن زيادة الإنتاج مع الدورة البترولية الحالية.

وقد دعمت التوقعات بارتفاع أسعار ومستويات إنتاج البترول الخام خلال الـ12 إلى 18 شهرا القادمة، ثقة المستثمرين في الإمارات، وتمثل ذلك في الأداء المفعم بالحيوية (كما يصفه التقرير)، في سوق أبو ظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي، وارتفاع كل من مؤشر سوق أبو ظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي بنسبة 143% و71% على التوالي في الفترة من نهاية عام 2004 حتى 30 أغسطس (اب) 2005، ليحتلا المرتبتين الأولى والسادسة من بين افضل الأسواق المالية اداء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتؤكد هيرميس، أن ثقة المستثمرين اهتزت في يوليو (تموز) ،2005 وسط تنامي المؤشرات على ارتفاع مستويات التقييم والشكوك في مستقبل معدلات نمو الأرباح للشركات المتداولة، ومع ذلك فانه فور الإعلان عن نتائج النصف الأول من عام 2005 وبلوغ أسعار البترول مستويات قياسية من الارتفاع في أغسطس 2005، عادت الثقة من جديد واستعاد مؤشر سوق دبي المالي 25% من قيمته منذ نهاية يوليو حتى 30 أغسطس، بعد أن كان قد انخفض بنسبة 22% خلال شهر يوليو.

وتوقع التقرير أن يتباطأ نمو القروض خلال عام 2006 فقد انعكس نمو الطلب المحلي في معدل نمو الائتمان للقطاع الخاص على أساس سنوي وارتفع معدل نمو القروض حتى مارس (اذار) 2005 ليبلغ 35%، على الرغم من ارتفاع معدلات الفائدة على الأجل القصير بواقع 175 نقطة أساسية منذ منتصف عام 2004 حتى مارس 2005. ويوضح التقرير أن معدل النمو على أساس سنوي في إجمالي القروض في دولة الإمارات يأتي في المرتبة الثانية في دول مجلس التعاون الخليجي ذات اعلى مستويات للقروض، بعد المملكة العربية السعودية، مما يعزى جزئيا إلى القدرة التنافسية المرتفعة للجهاز المصرفي.

وقد أظهرت النتائج المالية للنصف الأول من عام 2005 التي صدرت عن بعض البنوك التجارية والإسلامية في كل من دبي وأبو ظبي نموا في القروض على أساس سنوي يتراوح بين مستوى منخفض يبلغ 11% ومستوى مرتفع يبلغ 65%.

وتوقعت الدراسة تباطؤا في نمو القروض خلال عام 2006، استنادا الى اتجاه مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي إلى رفع متطلبات الاحتياطي وتشديد إجراءات الموافقة على منح الائتمان للحد من المخاطر العامة في الجهاز المصرفي. وحدد مصرف الإمارات المركزي السقف بمعدل القروض إلى الموارد المستقرة (100%)، مؤكدا انه ليس من المتوقع أن يحد من نمو القروض على الأجل القصير، حيث لجأ عدد كبير من البنوك إلى زيادة رأس المال. وأكد التقرير احتمال ارتفاع الإنفاق الاستثماري الحكومي والخاص في أبو ظبي، بعد ارتخاء القيود التي كانت مفروضة على الملكية الأجنبية للعقارات في أغسطس 2005.

وذكر أن الحافز الناشئ عن الإنفاق النهائي الحكومية ظل معتدلا في عام 2004، مما عكس موقفا ماليا متحفظا وبقيم اسمية، انخفض النمو السنوي في إجمالي الإنفاق والمنع من 5.6% عام 2003 إلى 4.2% عام 2004.

وعلى الرغم من النمو الكبير في الإيرادات الواردة في الميزانية وخارج الميزانية، خاصة أن الميزانية الموحدة المعلنة لعام 2004 وإيرادات الاستثمارات الخارجية والمحلية اقتربت من التكافؤ لأول مرة في قرابة عقدين، من المتوقع أن تحقق فائضا في عام 2005، لان العجز يتم تمويله من إيرادات استثمار الهيئات شبه الحكومية، الأمر الذي يفسر المركز الدائن الذي تتمتع به الحكومة في مقابل الجهاز المصرفي (متوقع 7.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2005). كما انعكس الحافز المالي المعتدل على الإسهام المعتدل لرصيد المعاملات الجارية والمصروفات الحكومية في نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (حوالي 2% إلى إجمالي 17.7%).

وعن المؤشرات النقدية والتضخم تقول هيرميس، انه نتج عن النمو القوي في الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية على أساس سنوي 24% في مارس 2005، ومن المتوقع أن يبلغ 20% بنهاية ديسمبر (كانون الاول) 2005، مما أدى إلى تسارع معدل التضخم حسب مؤشر أسعار المستهلكين من 3.2% عام 2003 إلى 4.6% عام 2004.

ومن المتوقع أن يكسر حاجز6% في عام 2005، خاصة بعد الارتفاع الأخير في اسعار الطاقة، ومع ذلك فالمحرك الرئيسي للتضخم يظل متمثلا في ارتفاع إيجارات المساكن، بالإضافة إلى عدم التوازن بين العرض والطلب في سوق العقارات السكنية، الذي ساعد عليه التدفق القوي للأجانب، بالإضافة إلى الطلب القائم على المضاربة مما أدى إلى زيادة اسعار المساكن في الإمارات.