ميريل لينش: تزايد المخاوف من التضخّم وسط تفضيل الأسهم على السندات

الدولار 11% فوق قيمته الحقيقية وهبوطه مسألة وقت

TT

قال تقرير اقتصادي ان الدورة الاستثمارية هي في منتصف الطريق وان الأساسيات الاقتصادية ستطيل الدورة الحالية. ومن احدى العلامات على ذلك ارتفاع في المؤشرات العائدة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ثم الانجاز القوي في الأسهم غير الأميركية.

واشار تقرير لجنة البحوث الاستثمارية في مؤسسة «ميريل لينش» العالمية وتلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه «حينما نتطلع حول الكرة الأرضية نرى قوة اقتصادية تثير الإعجاب رغم الارتفاع الحاد بأسعار الطاقة. ففي أوروبا، ان مؤشر مديري الشراء لشهر سبتمبر (ايلول) (51.7) لم يكن فقط أعلى من التوقعات (50.8) بل كان أعلى من أيّ من الستة أشهر الماضية (متوسطها 49.9). وقد انتهى الفصل الثالث بقوة، الأمر الذي من شأنه ان يعطي الفصل الرابع بعض الزخم.

واوضح التقرير، ان الاقتصاد الياباني وأسواق الأصول هي في انتعاش. كما ان الهند والصين تستمران في النمو بوتيرة ناشطة. ويعتقد ت.ج. بوند، الخبير الاقتصادي في آسيا لدى «ميريل لينش» ان اقتصاد الصين منطلق بقوة ويتوقع ان يظل النمو قوياً والتضخم متدنياً. ان نمو الصين هو مُسهمٌ مهم بالنمو العالمي، يساعد على تبديد المخاوف من التباطؤ ويدعم الأداء القوي لأسواق الأسهم العالمية.

وبين التقرير بالقول، واذا رجعنا الى أميركا الشمالية لوجدنا المعطيات الاقتصادية تشير الى ان الولايات المتحدة تحملت الأضرار التي نجمت عن الإعصارين كاترينا وريتا دون تأثير سيئ كبير على مجمل الاقتصاد. وفي الواقع، قد يكون الاقتصاد اكتسب زخماً من جهود إعادة البناء المنطلق حالياً. فالمؤشر الصناعي بمؤسسة ادارة الخدمات كان أكبر بكثير من توقّع الغالبية (حصول 59.4 ضد توقّع 53.6). عندما نرى ارقاماً قوية وإشارات ارتفاع بالتضخم، يصعب التفكير كيف يمكن ان يكون مجلس الاحتياطي الاتحادي على وشك ان ينهي دورته التشددية.

وقال التقرير ان أسعار الطاقة العالمية وغيرها من السلع بدأت تتسرّب الى مقاييس التضخم الأساسية، الأمر الذي يؤدي الى ارتفاع ترقبات التضخم، فتسبّب بدورها الأثر الملازم وهو الارتفاع بمعدلات الفائدة الطويلة الأجل.

وبينما التضخم المتصاعد سيكون مكلفاً على المستثمر بالدخل الثابت، نرى ان مجلس الاحتياطي الاتحادي يرحب بزيادة أسرع بمعدلات الفائدة الطويلة الأجل من معدلات الفائدة القصيرة الأجل، وهذا يؤدي الى «تطبيع» منحنى المردود. ان التطبيع الذي سبّبه ارتفاع ترقبات التضخم يسمح للاحتياطي الاتحادي بأن يرجع عن رفع الفائدة القصيرة الأجل وربما ان يعكس منحنى المردود في هذه العملية.

وافادت ميريل لينش ان من شأن تزامن النمو العالمي ان يضع ضغطاً متصاعداً على اسعار الفائدة من خلال أسواق السندات على مستوى العالم. فالمؤشرات القائدة هي عالمياً الآن في اتجاه صعودي. مبينا «في الماضي، كنّا ننظر الى سوق السندات الأوروبي كملجأ نسبي للمستثمرين بأدوات الدخل الثابت، لكننا الآن، نحن في طور تغيير هذا الرأي في ضوء ضغوطات التضخم الناشئ والنمو الاقتصادي المطّرد. على المستثمرين، ان يستعدّوا لارتفاع أسعار الفائدة عبر كل الأسواق بما فيها أوروبا. ان أسواق الدخل الثابت في اليابان هي الأكثر عطباً وعلى وجه الخصوص اذا استمرّ بنك اليابان بالحديث عن تطبيع السياسة النقدية».

وابان التقرير، عندما يبتدئ التضخم بالتسرّب عالمياً، نتوقع من البنوك المركزية على نطاق العالم ان تسير في خطى الاحتياطي الاتحادي. فقد أعطى بنك اليابان المركزي إشارات على انه سيتخلّى عن نظام معدل صفر للفائدة، حتى انه لمّح ان تاريخ التغيير سيكون في الربع الأول من 2006. كما ان البنك المركزي الأوروبي شدّد ايضاً نبرته منذراً ان تفاقم مخاطر التضخم يتطلب حذراً أكبر. وطالما اقتصادات اليابان وأوروبا مستمرة بإعطاء علامات نمو متينة، فسيكون أكثر سهولة على البنوك المركزية ان تتخلى عن سياساتها التيسيرية المفرطة بحسب ميريل لينش.

وعن الكيفية التي ينبغي ان ينظر المستثمرون الى التغيير المتوقع او الواقعي بالسياسة النقدية، قال التقرير، تحوّل البنك المركزي الأوروبي او بنك اليابان، يعطي إشارة الى ان صانعي السياسة يفكرون بأن النمو في المنطقة هو ثابت الى حدّ الكفاية ويمكن تطبيع السياسة النقدية. وهكذا يمكن النظر الى زيادة أسعار الفائدة في أيّ من المصرفين على انه إيجابي لسوق الأسهم وسلبي لسوق السندات.

واوضح التقرير، ان رفع الفائدة من قبل البنك المركزي الياباني او البنك المركزي الأوروبي يعتبر نزولياً للدولار. ورغم ان الدولار كان معانداً بقوته طوال هذه السنة، مؤكدا ان قوته هي ردّة معاكسة وانها ستفقد من قوتها، مبينا ان رفع الفائدة من قبل بنك اليابان او البنك المركزي الأوروبي سيكون إشارة كافية لينقلب اتجاه الدولار. ان فريق العملات الأجنبية بميريل لينش يعتقد ان سعر الدولار هو نحو 11% فوق قيمته ويورد ثلاثة أسباب لتوقع هبوطه، اولا ان الاحتياطي الاتحادي هو على وشك الاقتراب من نهاية دورته المتشددة. ثانيا، ان النمو العالمي مستمر بوثبته وهذا يسمح للبنوك المركزية ان ترفع الفوائد. واخيرا فان نظام العملة الصينية الجديد يستمر في جذب الرساميل الى الصين، وهكذا بطريقة غير مباشرة، يضع ضغطاً على الدولار الأميركي بواسطة تبادل العملات.

وفي سياق تفضيلي للاسهم على السندات قال التقرير ان الأسهم ستتفوق واقعياً على السندات في كل مكان في العالم، مبينا انه اذا تفحّصنا الأداء الجيد لوجدناه قد تحقّق خارج الولايات المتحدة. لا نزال على هذا الرأي لجملة أسباب منها: «اننا لسنا قلقين أكثر ممّا ينبغي بخصوص إمكانية ارتفاع الفوائد خارج الولايات المتحدة لأن تلك الخطوات تؤكد ان التحفيز الاقتصادي بواسطة السياسة النقدية لم يعد ضرورياً وهذا يعني ان الاقتصادات تنمو بقوتها الذاتية».

فضلا على ان اليابان وأوروبا هما في خضمّ تصحيح بنية شركاتهما. هذا بالاضافة الى انه يمكننا الآن ان نتصوّر إصلاحاً بنيوياً في كل من اليابان وأوروبا من خلال السياسة الحكومية او من خلال نشاطات شركات فردية. فإذا أعطت تلك الإصلاحات ثمارها، نتوقع عندئذٍ ان يتحرّر الرأسمال ويتحوّل الى القطاع الخاص ويمكننا ان ننتظر مرونة أكبر في سوق العمل. وفي رأينا، ان ألمانيا ستقوم بإصلاحات هامة في بنيتها من خلال المشاريع الحكومية بحسب ما ورد في التقرير.

وخلص التقرير في هذا المجال ان الأسهم هي رخيصة بالنسبة الى السندات. فالمردود على السندات استحقاق العشر سنوات يقرب من 3% وهذا أمر خطر ويؤمل بالقليل من ناحية ارتفاع الأسعار، هذا اذا لم يحدث ركود مهم. فعليه، نفضّل اسهم الشركات غير الأميركية على الأميركية. وفي توظيفاتنا في الولايات المتحدة نوصي بأسهم شركات العناية الصحية والتكنولوجيا والطاقة كما قالت ميريل لينش.