مصرفيون مصريون: دمج بنكي مصر والقاهرة جاء مفاجئا ومتعجلا

المطلوب إبعاد السياسة عن القرار المالي

TT

على خلفية الجدل الدائر في مصر حول الأسباب الحقيقية لصدور قرار مفاجئ بدمج بنك القاهرة في بنك مصر حذر مصرفيون وخبراء من فشل تجربة استحواذ بنك مصر على بنك القاهرة، نتيجة عدم إجراء دراسات دقيقة للمراكز المالية ومحافظ الديون وأزمة التعثر في كلا البنكين، مشددين على أن قرار تنفيذ الدمج خلال ستة أشهر تم تعديله لعدم استناده لدراسات حقيقية حيث صدر قرار سري بمد المهلة إلى عام.

وطالب الخبراء الحكومة بضرورة الالتزام بمعايير الشفافية في الإعلان عن القرارات الاقتصادية خصوصا أن قرار دمج بنك القاهرة في بنك مصر أدى تسرب العديد من الشائعات حول دوافع صدور القرار بشكل مفاجئ. جاء ذلك في ندوة الاندماج المصرفي وأثره على الاقتصاد المصري التي نظمتها اللجنة الاقتصادية بنقابة الصحافيين المصريين اخيرا.

وأكد الدكتور رشاد عبده، الاستاذ بالجامعة ومدير عام البنك العربي الأفريقي، أن قرارات الدمج في البنوك المصرية تتم بتوجيه سياسي وليس بقرار مصرفي، وهو ما حدث عندما فوجئ الوسط المصرفي بصدور قرار بدمج بنك القاهرة في بنك مصر خصوصا أن محافظ البنك المركزي كان ضمن الوفد المصري المشارك في اجتماعات البنك الدولي في واشنطن لحظة إعلان القرار.

وأشار الى أن القرار صدر بدون دراسات وافية للمراكز المالية للبنكين أو محافظ الديون ومشاكل التعثر، منتقدا غياب الشفافية والوضوح عن الإدارة المصرفية.. وتساءل لماذا لم تعلن الحكومة عن الدمج قبله بفترة طويلة وهل هو سر حربي؟

وأضاف د. عبده أن صدور القرار بشكل مفاجئ أدى إلى انتشار العديد من الشائعات في الأوساط الاقتصادية والمصرفية، وأعرب عن عدم القدرة على تقييم تجربة الاندماج في المصارف المصرية حاليا، مؤكدا أن حالات الاندماج في فترة الستينيات والسبعينيات كانت تتم بقرارات سياسية أشبه بقرارات التأمين، أما الحالات التي تمت في أواخر التسعينيات واوئل الألفية الثالثة فما زال الوقت مبكرا على تقييمها خصوصا أن قرارات الاندماج وتنفيذها تتم وفقا لتوازنات سياسية اكثر منها مصرفية بصفة عامة.

من جهته قال سعيد عبد الفتاح مدير عام البنك العقاري العربي المصري ان تحديات العولمة والمنافسة وتوصيات لجنة بازل فرضت على البنوك المصرية ضرورة الاندماج لتكوين كيانات مصرفية قوية.

وأضاف أن قرار دمج أي بنكين لا بد ان تسبقه دراسات وافية لاوضاع العمالة وصناديق التأمين داخل كل بنك، مؤكدا أن القرار السياسي بالدمج لا يؤدي إلى معالجة المشاكل المصرفية الفنية ولكنه يؤدي إلى مشاكل ضخمة في ما يتعلق بأوضاع العمالة وتسوية صناديق التأمين الخاصة بالعاملين.

وبين أن تجربة الاندماج في البنوك المصرية تأخرت لمدة 15 عاما وما تم منها اثبت فشله إلى حد كبير، وأرجع السبب في ذلك إلى أن قرار الاستحواذ دائما قرار سياسي يأتي من فوق وليس من القاعدة المصرفية. وطالب بضرورة التزام معايير الشفافية والوضوح في القرارات الاقتصادية والابتعاد بها عن التوازنات السياسية.

على جانب آخر قال بهاء حلمي رئيس بنك مصر السابق ان الحكومة هي المالك للبنكين، وقرار الدمج هو ملك لها، كما أن مجال عمل البنكين واحد، ولذلك فإن كل المطلوب هو التروي في تنفيذ الدمج حتى يحقق الهدف منه مع تقديم مساندة قوية من المركزي لانجاح الدمج.

يذكر أن البنك المركزي المصري أعلن وبشكل مفاجئ وفي أثناء وجود محافظه الدكتور فاروق العقدة في واشنطن يوم الأحد 25 سبتمبر عن موافقته على دمج بنك القاهرة في بنك مصر، وكان الهدف المعلن هو إيجاد كيان مصرفي قوي قادر على منافسة البنوك القائمة سواء عامة أو خاصة محلية أو أجنبية وأن يكون هناك بنك ينافس البنك الأهلي ويتمتع بذات حصته السوقية. وقد وافقت الحكومة والبنك المركزي على عملية الدمج على أساس المركز المالي للبنكين في 3 يونيو 2005 . من جهة أخرى أعلن محمد بركات رئيس بنك مصر في لقاء مع مستثمري 6 أكتوبر مساء أول أمس أن إجراءات دمج البنكين ستتم بنجاح بصرف النظر عن المدة، مؤكدا أن تشابه نظم العمالة والتكنولوجيا وأساليب العمل واللوائح والسياسات في البنكين يسهل المهمة.

وقال بركات إن وجود مشاكل تعثر في بنك لا يمنع دمجه في بنك آخر، ورفض بركات فكرة طرحها رجال الأعمال بتخصيص إدارة في بنك مصر لحل مشاكل المدنيين في بنك القاهرة قائلا إنه سيتم التعامل مع التعثر بالأساليب الطبيعية.

يذكر أنه صدر في نفس يوم قرار الدمج قرار آخر وصفه بعض المحللين بالقذيفة بإقالة أحمد البردعي رئيس بنك القاهرة وقتها وهو ما أثار العديد من الشائعات حول أسباب قرار الدمج خصوصا أن تعيين البردعي كرئيس لبنك القاهرة منذ نحو أربع سنوات كان قد تم ضد رغبة عدد من المسؤولين عن النشاط المصرفي.