رئيس شركة أوراسكوم: طموحنا أن نصبح خامس أكبر شركة جوال في العالم خلال ثلاث سنوات

نجيب ساويرس لـ الشرق الاوسط : أدعو إلى بيع كل أصول الدولة المصرية للقطاع الخاص بما فيها قناة السويس

TT

تحول الحوار مع رجل الأعمال المصري الأشهر نجيب ساويرس، إلى ما يشبه القصف المتبادل بالإجابات والأسئلة، فقد شاءت ظروف خارجة عن إرادته، أن يطير نصف الوقت المخصص لنا، وتحتم علينا أن نطرح عليه في نصف الساعة اكثر من خمسة وعشرين سؤالا، وان يجيب هو ليكشف عن توجهاته، ويؤكد انه يطمح إلى أن يكون صاحب اقوى خامس شركة هاتف جوال في العالم في غضون ثلاث سنوات (بمائة مليون مشترك) وان يتحدث عن استثماراته مع ماجد الفطيم ولبنى العليان، ويؤكد ساويرس هنا انه مع بيع كل أصول الدولة المصرية للأفراد والقطاع الخاص الوطني أو الأجنبي بما فيها قناة السويس، ويكشف عن توجه لاستثمارات كبيرة في قطاع الإعلام والصحافة ومساع للاستثمار في الهاتف الثابت بمصر. ويوضح وجهة نظره في فرصة الشبكة الثالثة للمحمول (الجوال) في الربح، ويؤكد انه لا تعاون ثانية مع موتورولا لأنه يريد أن «نعمل وحدنا». وفي ما يلي نص الحوار الذي اجرته «الشرق الأوسط» بمكتبه في الدور الـ 26 من أبراج نجوم النيل على نيل القاهرة.

> كثير من رجال الأعمال يؤيدون ألا تبقى في يد الدولة المصرية مؤسسات سوى مصلحة الضرائب وقناة السويس، وخصخصة الباقي ما رأيك؟

ـ اتفق مع هذا التوجه، فلا يجب أن تبقى إدارة واحدة في يد الدولة، ولا حتى قناة السويس، فلا بد أن تطرح أيضا في البورصات العالمية، لان وجودها تحت سيطرة الدولة لا معنى له، فلن يضعها أحد في جيبه ويمشي بها، وطرحها يعني أنها ستدار كشركة لها مجلس إدارة وجمعية عمومية، وكل المصريين سيكتتبون فيها، وتكون بذلك مملوكة للشعب المصري وعائدها سيكون لجميع الشعب.

> لكن المعترضين يقولون ان ما هو رمزي كالقناة أو استراتيجي يجب أن يبقى ملكا للدولة؟

ـ هذه شعارات، بهذه الطريقة كل المؤسسات ستكون رمزا للدولة. الأهرام رمز الدولة ثم ضاحكا: يا ريت نكسرها حتى يعمل الناس بجد بدلا من الاكتفاء بالتغني بالماضي.

> واضح انك بدأت الانسحاب من السوق الأفريقي؟

ـ لا.. لم انسحب وإنما قررت أن اركز على عدد قليل من البلاد الأفريقية التي لها كثافة سكانية عالية. ونحن لا ننسحب جغرافيا، بل على العكس سنستثمر في نيجيريا مثلا، لكن ننسحب من البلاد منخفضة الكثافة السكانية لان «صداعها» اكثر من مكاسبها. ان إقامة شركة اليوم تحتاج إلى مديرين وفنيين وعمالة ماهرة ولا يختلف الأمر في دولة تعدادها 4 ملايين عن دولة تعدادها 40 مليونا وأؤكد أيضا اننا ما زلنا في دول أفريقية مثل تونس والجزائر ومصر.

> قلت ان طموحاتك أن تصل إلى مرتبة خامس اكبر شركة جوال في العالم وبمائة مليون مشترك ولم تقل متى؟

ـ خلال ثلاث سنوات سنصبح خامس اكبر شركة في العالم وسيتحقق ما قلته.

> وهل شراء (ويند) خطوة في طريق هذه العملية أم له ملابسات أخرى؟

ـ طبعا خطوة وكان عندي خيار، اما أن يأتي أحد ليشتريني، أو أبادر أنا بالشراء والاستحواذ، لذا قررت أن أكون المشتري والمستحوذ، لأني أريد أن يصبح هذا الكيان من الكيانات الباقية في النهاية، وما يحدث الآن في هذه الصناعة يدل على وجود حركة استحواذات قوية للوصول لكيانات أقوى، وقد استشعرنا الاتجاه مبكرا، أو فلنقل في الوقت المناسب.

> لماذا هذه الهندسة المالية المعقدة في صفقة شراء «ويند» والتي تشابكت فيها مساهمات اوراسكوم تليكوم وويزر وإينيل (مالكة ويند الأصلية) وهل هي مجرد مسألة تمويلية؟ كان مطروحا عليك مشاركة مستثمرين عرب لكنك فضلت وجودهم في حيز ضيق فلماذا؟

ـ الحيز ليس ضيقا، لكني افضل أن يصبح لي القدرة على التحكم.

> تبدو متحفظا في التعاون مع المستثمرين العرب؟

ـ أتعاون مع عدد كبير من المستثمرين العرب، في عدد من الدول العربية، وعدد من المستثمرين في مصر أيضا، وأنت تعرف أن الشيخ فهد الشبكشي عضو مجلس إدارة معنا، وأعلنت منذ فترة قصيرة عن تعاون مع ماجد الفطيم ولبنى العليان.

> أعلنت فعلا منذ شهرين عن قيام شركة «اواسيس ايجيت» مع العظيم والعليان فلماذا لم تبدأ نشاطها؟

ـ اننا نقوم بالإعداد لدراسات للقيام بثلاثة أو أربعة مشاريع، وقريبا سنعلن عن مشروعين أحدهما في مجال النسيج وأوشكنا على الانتهاء من الدراسة الخاصة به والآخر في السماد، فالفترة السابقة كانت للقيام بدراسات الجدوى.

> بمناسبة التعاون العربي هلا حدثتنا عن خلفية مشاركتك في مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها الأمير خالد الفيصل؟

ـ هذه قصة أخرى مختلفة طبعا عن الاستثمار مع المستثمرين العرب، فأنا لي وجهة نظر مختلفة، وأشارك في أي مؤسسة تقرب الفجوة بين العالم الإسلامي العربي والعالم الغربي الأوروبي حيث صراع الحضارات لم يعد موضوعا نظريا، وإنما يحدث الآن على ارض الواقع.

وعلى سبيل المثال فان دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي هو محك لهذه القضية، والعقلاء يؤيدون دخول تركيا والا سنكون قد قسمنا العالم إلى ناد مسيحي وآخر إسلامي.

> وهل تعد المؤسسة السعودية للفكر العربي هي الوعاء الأمثل من وجهة نظرك كليبرالي علماني؟

ـ الأمير خالد الفيصل الذي يدير مؤسسة الفكر العربي رجل متطور جدا وصاحب عقلية متفتحة وهذا ما شجعني على المشاركة، ولو لم يكن هو صاحب الفكرة لترددت في الاشتراك.

> ولماذا لم تقم أو تشارك في مؤسسة مصرية تلعب ذات الدور؟

ـ لم تظهر مؤسسة مصرية تتبنى مثل هذا الفكر، ومن ناحية أخرى أنا مؤمن بالوحدة العربية، ومقتنع أننا كعرب يجب أن نقف سويا خاصة في هذه الفترة اكثر من أي وقت مضى.

> عودة للبيزنس تشارك في المناقصة على الشبكة التركية الثانية للمحمول فما هي فرصتك هناك؟

ـ نعم، سندخل بقوة، وأمأمنا منافسون أقوياء مثل هاتفيكا وفودافون وفرانس تليكوم، واتصالات الإمارات وشركات مالية قوية أخرى، وأظن أن فرصتنا بالفوز بالصفقة جيدة؟

> قلت من قبل انك مهتم بجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق لكنك لم تتحرك إلى هناك؟

ـ لم نتحرك ولن نتحرك إلى هناك في الوقت الحالي بالفعل على الرغم من أن بها أسواقا كثيفة السكان.

> وماذا عن إيران؟

ـ اهتممنا بالذهاب لكننا وجدنا المخاطر عالية > أي نوع من المخاطر؟

ـ مخاطر سياسية فعلاقة إيران بمصر ليست طبيعية وبالعرب ليست جيدة وعلاقتها بالعالم أيضا ليست جيدة والنظام الإيراني نظام ديني وليس علمانياً، ويمكن أن تقع كشركة مصرية فريسة للخلافات السياسية.

> ماذا عن طرح نسبة 35% من الشركة التونسية الحكومية للجوال؟

ـ لم نتقدم لها لان القانون يمنع (بسبب الحصة التي تشكلها تونسيانا في السوق) > هل وارد المشاركة مع موتورولا في فترة التوسع القادمة وأنت كنت قد بدأت عملك في الاتصالات معها؟ ـ لا اعتقد.. فلا نحتاج لمشاركة أحد ولن نشارك أحداً.

> وقفت بأسلوب ذكي وغير مباشر ضد قيام شركة ثالثة للمحمول ثم عدت تدافع عنها فلماذا؟

ـ لم اعترض على الرخصة الثالثة للمحمول وإنما اعترضت أن تقوم بها الحكومة، فهل الحكومة تنتهج سياسة للخصخصة أم للعمعمة؟ وطالبت أن يقوم بالاستثمار في الرخصة الثالثة أي مستثمر عربي أو مصري أو أجنبي ليأخذ المخاطرة ويدير بطريقة افضل > ولمحت مرارا إلى أن الشركة الثالثة لن تكسب وكذا رئيس فودافون؟

ـ كنت أقول ذلك منذ فترة، ووقتها لم يكن قيامها اقتصاديا فعلا، أما الآن فالظروف مواتية وستحقق أرباحا ولست مسؤولا عن آراء يبديها غيري.

> هل على حساب الشركتين القائمتين؟

ـ ممكن لكن الرزق كبير.

> هل أنت معني بالاستثمار في الهاتف الأرضي الثابت في مصر؟

ـ بالطبع طالبنا خلال هذا العام بذلك، لكن وزير الاتصالات أجاب انه لن يحدث الاستثمار في الهاتف الأرضي قبل إعادة هيكلة التعريفة.

> وهل أنت مقتنع بهذا السبب؟

ـ الوزير يستطيع إعادة هيكلة التعريفة بسرعة جدا ولن تستغرق منه وقتاً لأنه يستطيع إصدار قراره غدا بزيادة التعريفة أو خفضها.

> صرحت منذ أسبوعين في إحدى القنوات الفضائية المصرية أن الحكومة الحالية «مفيش احسن من كده» فهل تعتقد إذن أن الإصلاح في مصر وصل إلى سقفه؟

ـ لا لم يصل إلى السقف، لكن هناك فرقاً بين شخص يمضي في طريق خاطئ أو يقف لا يفعل شيئا، وآخر يضع السيارة على الطريق الصحيح واخذ خطوات إيجابية وأعماله المبدئية نشير إلى انه «ماشي صح» > ما هي الخطوات التي يجب أن يكون لها الأولوية في الإصلاح لدى الحكومة المصرية من وجهة نظرك؟

ـ أرى أن على الحكومة المصرية تسريع معدلات برنامج الخصخصة لان الإدارة الحكومية تؤدي إلى الفساد، وفيها الماس ليس له صاحب، والإسراع في تنفيذ برنامج الخصخصة سيجذب الاستثمارات الموجودة في الخليج لتأتي إلى مصر وهناك فرصة في الوقت الحالي بالذات مما يدفع حركة الاستثمارات في مصر ويخلق فرص عمالة اكثر لكن إلى الآن لا أرى طرحا يلفت النظر.

> ما الذي يعيق برنامج الخصخصة في رأيك؟

ـ هناك قوى كثيرة تصارع ضد الخصخصة من أصحاب المصلحة والمنتفعين من هذه الشركات، بالإضافة إلى أصحاب التفكير النمطي القديم الذي يتمسك بوجود يد الدولة في كل شيء.

> وهل القطاع الخاص قادر على استيعاب ما سيطرح؟

ـ لابد من طرح كل ممتلكات الحكومة فورا.

> صرحت فيما مضي انك لم تستثمر مليما في عهد حكومة عبيد لكنك لم تستثمر أيضا جديدا في عهد الحكومة الحالية؟

ـ بالعكس، فالمشروع الجديد مع الفطيم والعليان رأسماله مليار جنيه (172 مليون دولار) يتم استثماره بأكمله في مصر بالإضافة إلى أننا استثمرنا مليار جنيه في شركة موبينيل خلال الأشهر الستة الماضية، وأخي «ناصف» ينفذ الآن خطا جديدا في الأسمنت بالإضافة إلى دراسة مشروع لمصنع سماد كبير، ان عائلتي هي اكبر مستثمر في مصر ولا يوجد مستثمر مصري يصل إلى عشر استثماراتنا والاستثمار أيضا في إيطاليا «ويند» سيكون لمصر لأننا شركة مصرية في النهاية.

> ولدت خطوة «ويند» انطباعات لدى البعض بأن نجيب اصبح غامضا واصبح اهتمامه بالخارج اكثر انه رئيس ويند وليس رئيس اوراسكوم؟

ـ هذا تسطيح للأمور، فمن حقي أن اطمع أن تكون شركتي من اكبر خمس شركات في العالم، وان اسعى لذلك، دون أن ينسيني هذا بلدي ومصريتي.

> لوحظ أن سهم اوراسكوم لم يتجاوب مع صفقة ويند؟

ـ كان المفروض أن ينزل السهم، لكن السهم صمد ولم يتحرك، والجميع متعجب من ذلك، فقد كان الكلام يدور حول قروض ضخمة وبالتالي كان البعض يظن أن السهم سيهبط.

> لك اهتمام خاص بالإعلام والصحافة وقلت انك لو نزلت إلى ملعب صاحبة الجلالة سيخرج عدد كبير منها؟

ـ نعم، فسيطرة الحكومة على الجرائد اصبح لا معنى لها ولا طعم وجميعها يسبح بحمد الحكومة وانزلقت جرائد في المعارضة ومستقلة لمستويات غير مقبولة بها تجريح شخصي وعائلي يتسم بقلة الأدب والسخرية السخيفة ولا تركز على تحليل الأداء أو المعارضة الحقة. ونحن نريد حرية مسؤولة دون تعريض للأشخاص، وجرائد مستقلة عن الحكومة لا تنزلق للمهاترات وأقلام جريئة صادقة مثل جريدة «المصري اليوم» مثلا، وأنا مشارك فيها.

> ورغم اهتمامك بالسينما والفن قمت ببيع حصتك في شركة نهضة مصر للسينما؟

ـ أنا بعت حصتي في الشركة لأني حققت ما أردت القيام به، فقد أردت أن يكون في مصر 500 دار عرض سينمائي ونفذت ذلك، وقلدني الكثيرون، واصبح الآن بمصر دور سينمائية كثيرة، والقضية أن يقوم نجيب ساويرس بكل شيء، فالغرض هنا أن أحرك المجتمع، ولن أكون متواضعا في هذا الموضوع، فأنا الذي فجرت هذه القضية وقلت لا بد من إحداث زيادة في دور العرض السينمائي وان يعود الجمهور المصري لارتياد السينما، وتحقق ذلك، وزاد العمل السينمائي وازداد عدد الأفلام وقبل ذلك كان الفيلم يظل في العلب لمدة تصل إلى أربع سنوات حتى يجد دور عرض ليعرض فيها.

> هناك توجه حكومي للانفتاح في ملكية الإعلام فهل سيكون لك دور فيه.. ما قولك في الاعتقاد أن لديك أملا بان تصبح مردوخ مصر؟

ـ لا بد أن ينتهي مفهوم «أن الدولة لا بد أن تسيطر على الإعلام» لماذا تخاف الدولة وممن؟ من رأس المال المصري؟ هذا غير مقبول لان القطاع الخاص سيخاف على البلد اكثر من أي شخص آخر وهل يعقل مثلا أن شخصا مثلي، كل مقدراته في مصر يمكن أن يقوم بشيء يضر مصر؟

> كان لك مباحثات مع الدكتور ممدوح البلتاجي وزير الإعلام السابق حول تراخيص القنوات التلفزيونية فهل لديك هدف محدد فيما يتعلق بتلك القنوات؟

ـ نعم نحن نهدف للتقدم للحصول على تراخيص لإنشاء محطات أرضية مصرية ـ هذا هو هدفنا ـ لكن الدولة لم تغير بعد نظامها القديم، ونحن أيضا مستعدون أن نعمل بالنظام القديم وندخل في مشاركة مع القطاع العام فالهدف لا يزال قائما.

> ما هي الأسباب الحقيقية لإبعاد رجل الأعمال الفلسطيني الشهير محمد رشيد من مجلس إدارة اوراسكوم تليكوم؟

ـ ليس إبعادا. لقد قام محمد رشيد ببيع حصصه لنا، وبالتالي لم يعد له الحق في الموقع.

> ولماذا البيع بعد وفاة الرئيس عرفات بالذات؟

ـ ليس له علاقة، فقد تصادف انه باع الأسهم في هذا التوقيت فقط.

> هل لديك توجه للاستثمار في فلسطين؟

ـ نعم عندما تهدأ الأمور، ويتوقف الفلسطينيون عن الدخول في منازعات مع أنفسهم، لكن ما يصلني من أخبار يشير إلى انهم وقعوا في الفخ الإسرائيلي.