المدير العام لمركز دبي المالي العالمي : منجزاتنا في سنة فاقت التوقعات

د. عمر بن سليمان لـ«الشرق الأوسط»: سعينا لاستقطاب 15 شركة فوصل العدد حاليا إلى أكثر من 108

TT

نشهد هذه الايام فورة في بورصات دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها الامارات العربية المتحدة وتحديداً دبي حيث يساهم فيها مركز دبي المالي العالمي، الذي تأسس منذ قرابة عام واستطاع خلال فترة وجيزة استقطاب عدد من اعرق المصارف والمؤسسات العالمية، ويبلغ حجم الاموال المستثمرة فيه حتى اوائل سنة 2007، 250 مليون دولار، ويفترض ان يؤمن 30 الف فرصة عمل حتى سنة 2010. وقال الدكتور عمر بن سليمان المدير العام لمركز دبي المالي العالمي: اننا ما زلنا في البدايات، بالكاد مرّ على تأسيس المركز عام، لكن منجزاتنا هذه السنة فاقت التوقعات، اذ كان يفترض ان يستقطب المركز في افضل الاحوال 15 شركة، واذا به يستقطب 108 شركات. واشار لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه في بيروت، ان اول شركة ادرجت في البورصة هي شركة «انفستكوم» اللبنانية، ما برهن جدوى الخطة الاستراتيجية وراء انشاء المركز والبورصة على حد سواء. ونحن نفتخر بأن اول شركة تدرج هي شركة عربية عالمية المستوى، ومن خلال بورصة دبي استفادت وافادت مشروعنا الذي هدف الى تطوير السوق المالية في العالم العربي وتوفير فرص عمل للشباب. والى نص الحوار: > هل نستطيع ان نقول ان مركز دبي المالي العالمي يعيش اليوم عصره الذهبي نظراً للفورة الحاصلة في سوق الاسهم؟

ـ ما زلنا في البدايات. بالكاد مرّ على تأسيس المركز عام. لكن منجزاتنا هذه السنة فاقت التوقعات، اذ كان يفترض ان يستقطب المركز في افضل الاحوال 15 شركة، واذا به يستقطب 108 شركات. كما ان استقطاب شركات عالمية ضخمة خلال فترة وجيزة، محطة تستحق التوقف عندها ونجاح لا يستهان به. بورصتا لندن ونيويورك عملتا عشرات السنين لاستقطاب شركات ضخمة، بينما نحن وخلال عام فقط استقطبنا «دويتشيه بنك» و«كريديه سويس» و«باركليز بنك» و«اتش اس بي سي».

> الى اي مدى نستطيع ان نعتبر ان الجو العام ساعد في تحقيق هذا الازدهار؟

ـ من المؤكد ان الجو العام ساعد لكن ليس هذا بالشرط الاساسي. في السابق كان هناك فجوة في قطاع الخدمات المالية ما بين الشرق والغرب. الفجوة كانت قائمة ما بين بورصات فرانكفورت ولندن ونيويورك من جهة، وهونغ كونغ وطوكيو وسنغافورة من جهة اخرى. سد الفجوة لم يكن يتطلب موقعاً جغرافياً فحسب، انما قوانين عالمية ودرجة كبيرة من الشفافية. كان يتطلب نظاماً عالمي المستوى تثق به الشركات العالمية، وسلطة تنظيمية مستقلة لقطاع الخدمات المالية، ومحاكم عالمية مستقلة تطبق افضل المعايير وادق الممارسات. هذا ما تجلى من خلال مركز دبي المالي العالمي. وللمراكز اهداف رئيسية سواء عالمياً او اقليمياً. الهدف العالمي يتطلع الى سد الفجوة، ما يعود بالفائدة على القطاع المالي في المنطقة. والمركز قدم خدمات مالية غير موجودة في العالم العربي، مثل اعادة التأمين ونظام التمويل الاسلامي ونظام ادارة المحافظ وادارة الاصول. هذه كلها خدمات جديدة على السوق الاقليمية لرفع مستوى الخدمات المالية في المنطقة وبالتالي تقديم هذه الخدمات في العالم العربي.

اما الهدف الاقليمي، فهو بالدرجة الاولى ايجاد فرص عمل في المنطقة في قطاعات جديدة ليكون معدل دخل الفرد فيها اكبر منه في القطاعات الاخرى. وبالتالي تعود بالفائدة على الافراد وعائلاتهم واقتصاد البلاد التي اتوا منها. من ناحية اخرى نحن نتطلع الى توفير فرص للشباب في الوطن العربي لتوليد ثروات جديدة من خلال ربط الشباب باسواق المال. وقد حققنا هذا الهدف من خلال اطلاق بورصة دبي العالمية (وهي جزء من مركز دبي المالي العالمي). وقد انطلقت في السادس والعشرين من شهر سبتمبر (ايلول) الماضي.

وبالعودة الى موضوع بورصة دبي، اود التنويه الى ان اول شركة ادرجت في البورصة هي شركة «انفستكوم» اللبنانية، ما برهن جدوى الخطة الاستراتيجية وراء انشاء المركز والبورصة على حد سواء. ونحن نفتخر بأن اول شركة تدرج هي شركة عربية عالمية المستوى، ومن خلال بورصة دبي استفادت وافادت مشروعنا الذي هدف الى تطوير السوق المالية في العالم العربي وتوفير فرص عمل للشباب.

بورصة دبي تسمح بالمضاربة والتداول لاي عربي وبذلك تتيح فرصاً لتكوين ثروة لأي كان. وهذه نقلة نوعية في اوساط البورصات العربية. وتتخذ بورصة دبي صبغة عالمية نظراً لضخامتها. واهميتها تكمن في انها الغت الحواجز بين بلدان العالم، وايا كان يستطيع التداول. كما فتحت الباب امام الشركات لان يستثمر فيها اي شخص حول العالم ما ضاعف، بالتالي، قدراتها المالية وساهم في تطورها وازدهارها. بورصة دبي الغت المفهوم المحلي الذي لطالما لازم البورصات العربية. هي ليست بورصة اقليمية فحسب انما عالمية يمكن لأي شخص التداول فيها.

> الا تحتاج سوق الاسهم العربية الى حركة تصحيحية؟

ـ السوق دائماً في حركة تصحيح ذاتية، الخوف لا يكمن في صعود السوق وهبوطها لكن في الهبوط المفاجئ ما ينعكس سلباً على المستثمر الذي يفتقد ثقافة الاستثمار. لذلك يجب توعية عامة الناس وتثقيفهم. التداول في الاسهم ثقافة جديدة ويجب التعمق فيها للمحافظة على مصالح صغار المستثمرين اولاً، لان الكبار هناك شركات الاستشارات التي تصون مصالحهم.

> ذكرت ان بورصة دبي هي جزء من مركز دبي المالي العالمي، ما هي اذن القطاعات التي يشتمل عليها المركز؟

ـ يتضمن المركز ستة قطاعات هي: قطاع الاسواق المالية الذي يضم بورصة دبي، وسيتضمن في المستقبل بورصات اخرى. الجدير بالذكر ان بورصة دبي عبارة عن شركة خاصة يملكها مركز دبي المالي العالمي ومن الممكن طرحها في البورصة. ثم قطاع المصارف الاقليمية والعالمية. وكذلك قطاع اعادة التأمين. اردنا ان تكون دبي مركزاً لهذا القطاع لتبقى الاموال في المنطقة وتستثمر فيها لانه لطالما وجدت شركات اعادة التأمين خارج المنطقة العربية مع ان اكثر من 85 بالمائة من الاموال الناتجة عن هذا القطاع تعود الى العالم العربي لكنها موجودة خارجه. فهي تصدر من المنطقة لكن تخرج الى مختلف دول العالم. فضلا عن ادارة الاصول، ما يعتبر احدث صناعة مالية. اضافة الى ادارة المحافظ الاستثماريةوتسجيلها ودعم القطاعات التي يديرها التمويل الاسلامي.

والجدير بالذكر اننا نعمل على استحداث قطاع سابع وهو ما يعرف بـ Family Office Concept وهذا المفهوم سائد في الولايات المتحدة الاميركية وبعض الدول الاوروبية ويلقى رواجاً لافتاً. مهمة هذا القطاع انه يهتم بالشركات العائلية الكبيرة. فقد تبلور لدى هذه الشركات اقتناع مفاده انه من الافضل لهم توكيل مكاتب متخصصة بادارة استثماراتهم حول العالم وثرواتهم، واليوم ابتكرنا القوانين الخاصة بهذه المكاتب ونعمل على تأسيسها. كما سنوفر كل مقومات نجاح هذه الصناعة ونقدم تسهيلات لنجاح مفهوم المكاتب الخاصة بالشركات العائلية في الوطن العربي والعالم على حد سواء. اليوم وبعدما استحدثنا هذا المفهوم نأتي بالحوافز لتنميته. تماماً كما في المكاتب التي تقدم هذه الخدمات والمنتشرة في لندن ونيويورك، اتينا بالمحامين والمستشارين وشركات الخدمات المالية العالمية والبنوك الاستثمارية. اي اننا انجزنا الحلقة الضرورية و«عدة العمل» لأي شركة عائلية كبيرة. قدمنا بيئة مؤاتية للنجاح وعجّلنا في وتيرة العمل ما يزيد الانتاجية ويضاعف الربحية وبالتالي يضاعف الثروات. ما احب التنويه به انه سيكون لمفهوم «Family Office Concept فوائدة جمة على الشركات العائلية الكبيرة في السعودية، فالمملكة تشتهر بوفرة هذا النوع من الشركات وستجد في دبي كل ما تبتغيه.

> فضلاً عن عودة الرساميل العربية المهاجرة عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، رأينا انه في ظل وفرة الفرص والطفرة الحاصلة في العالم العربي لا سيما الخليج، يتم استثمار رؤوس الاموال العربية محلياً. هل هذا يعني انه عندما تتاح الفرصة لرجل الاعمال العربي في منطقة سوف يقدم على الاستثمار؟

ـ بالتأكيد، كما ذكرت فانه عندما تتاح لرجل الاعمال البيئة الخصبة والمريحة للاستثمار في وطنه العربي فما من احد يتردد. سبب ازدهار دبي والاقبال عليها اننا اوجدنا هذه البيئة. اجندتنا اقتصادية بحتة تهدف الى تطوير دبي والامارات بشكل عام. قدمنا التسهيلات لأي عربي لنحفزه على الاستثمار والغينا البيروقراطية. برأيي ان الهدف الرئيسي من السياسة هو تطور الامم وازدهارها، لكن للاسف هذا المفهوم لم يتبلور بعد في الكثير من الدول العربية.

كثير من الناس يعتقدون ان كل شيء ينجز في دبي يتحقق بطلب واشراف مباشر من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والحكومة. صحيح ان الشيخ محمد متابع لكل الامور لكن رؤيته واضحة على مستوى المديرين التنفيذيين، الخطة موجودة والصلاحيات واضحة والمدير مخول اتخاذ اي قرار. بالنسبة الى الشيخ محمد كان المهم توظيف ذوي الكفاءات العالية. نحن دائماً «نتغنى» بانه في دبي ما من بيروقراطية بتاتاً، الموظف الموجود على «الكاونتر» يستطيع ان ينجز المعاملة وغالباً اسرع مما ينجزها المدير لان لديه صلاحيات تخوله القيام بذلك.