خبراء: تراجع الطلب والتوجه نحو تعزيز المخزونات وراء انتهاء موجة ارتفاع أسعار النفط

«أوبك» والاتحاد الأوروبي يبحثان في فيينا اليوم تحقيق استقرار الأسعار

TT

لندن ـ الوكالات: قد يؤذن سعي «أوبك» لتعزيز المخزونات النفطية الى أعلى مستوياتها في سنوات بانتهاء موجة ارتفاع أسعار النفط المستمرة ولكن من المستبعد أن يدفع الأسعار نحو الانهيار.

وقول المحللون ان حقيقة أن الطلب كان وراء ارتفاع أسعار النفط الى مثليها خلال العامين الماضيين تعني أن السوق ستحتفظ بقوتها نسبيا. وذكرت وكالة «رويترز» أمس الى ان رئيس «أوبك» ووزير الطاقة الكويتي الشيخ أحمد الفهد الصباح قد صرح اوائل الاسبوع الى «ان المنظمة تستهدف وصول مستوى المخزونات الى ما يغطي 56 يوما من الطلب وذلك في محاولة لتأمين الدول المستهلكة هذا الشتاء».

وكانت «أوبك» قد وصفت في السابق هذا الغطاء بأنه مبالغ فيه وقالت انه يتيح مجالا لزيادة هائلة في مخزونات الدول المستهلكة.

ويقول كريغ بننغتون مدير ابحاث الطاقة العالمية في مؤسسة شرودرز «اذا كانوا يستهدفون فعلا تغطية 56 يوما من الطلب المستقبلي فسيوازي هذا سعرا قدره 25 دولارا للبرميل من خام برنت». لكن بعيدا عن التوقعات بأن «أوبك» ستتحرك لخفض الإمدادات اذا كانت هناك بوادر على انهيار السوق يقول المحللون إن عوامل أخرى ستحد من هبوط في الأسعار.

ويقول ايفان سميث من«يو.اس غلوبال انفستورز» المتخصصة في ادارة مجموعة من الصناديق الاستثمارية ومقرها تكساس«اذا كان بإمكان «أوبك» فعليا تعزيز مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتصل الى ما يغطي استهلاك 56 يوما، فان أسعار النفط قد تهبط عن مستوياتها الحالية، ولكن لا اعتقد أننا سنرى انهيارا الى مستوى عشرة دولارات للبرميل مثلما حدث في عام 1999». وأضاف «المسألة هي اننا في دورة يقودها الطلب وهو ما سيدعم الاسعار عند مستويات مرتفعة». ورغم بعض عمليات البيع على المكشوف يشير سميث الى انه لم يحدث تحول ملموس الى شراء اصول اخرى.

وقال «لم نلحظ أي تحول ملموس الى أي اصول اخرى. اسواق الاسهم والدخل الثابت لا تزال مضطربة.. وقطاع العقارات بدأ يهدأ». وقالت ديبورا وايت من «اس. جي. كوموديتيز» في باريس إن ارقام «اس. جي» تشير الى أن المستوى المستهدف لزيادة المخزونات الى ما يغطي احتياجات 56 يوما، سيتحقق بحلول مايو (ايار) من العام المقبل اذا حافظت «أوبك» على طاقتها الانتاجية عند المستويات الحالية حول 30 مليون برميل يوميا.

وجادلت وايت بأن زيادة المخزونات أمر ضروري لإعادة التوازن بين مخزونات الخام المتزايدة والإمدادات المحدودة نسبيا من المنتجات المكررة في ضوء النقص المزمن في الاستثمارات في الطاقة التكريرية والمشاكل التي تعرضت لها طاقة التكرير الأميركية بسبب الأعاصير في وقت سابق من هذا العام.

وأضافت وايت «إنهم في اوبك يبدون استعدادهم لتلبية احتياجات السوق بأقصى ما بوسعهم. قبل عام تقريبا كانوا يقولون ان المستوى المستهدف هو تغطية احتياجات ما بين 52 و54 يوما. لكن هذا لا ينفع اطلاقا. أعتقد ان الاجراء لا يجدي الا عندما يكون هناك توازن بين العرض والطلب».

الى ذلك ينتظر ان يجتمع اليوم الجمعة مسؤولون من الاتحاد الاوروبي ومن الدول المنتجة للنفط للتوصل الى السبل الكفيلة بتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة في ضوء الفجوة المتزايدة بين العرض والطلب.

ويجيء الاجتماع قبل المؤتمر الوزاري المقرر ان تعقده منظمة «أوبك» في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي والذي يرجح أن يتفق فيه الوزراء على ابقاء الانتاج بدون تغيير للمساعدة في زيادة المخزونات لدى الدول المستهلكة وخفض الأسعار.

وذكرت وكالة «رويترز» أن الاجتماع الذي يعقد اليوم بمقر «أوبك» في فيينا هو الجلسة الوزارية المشتركة الثانية التي تبحث مخاوف المنتجين والمستهلكين. وعقد الاجتماع الأول في يونيو (حزيران) في بروكسل.

وقال اندريس بيبالغس، مفوض شؤون الطاقة بالاتحاد الاوروبي «هدفنا المشترك هو زيادة الشفافية والاستقرار والقدرة على التوقع في سوق النفط العالمية». وأضاف أن الاجتماع سيبحث التطورات في الأسواق والقرارات التي اتخذها الجانبان منذ يونيو(حزيران).

ويبلغ إنتاج «أوبك» نحو 30 مليون برميل يوميا منذ أشهر وذلك بهدف خفض الأسعار التي بلغت مستوى قياسيا عند 70.85 دولار للبرميل من الخام الأميركي في نهاية أغسطس (آب).

وانخفضت الأسعار منذ ذلك الحين الى نحو 57 دولارا للبرميل اليوم. وقال متحدث باسم «أوبك»: «سنناقش الوضع في سوق النفط ومسائل تتعلق بالحوار والتفاهم». وسيمثل «أوبك» رئيسها الشيخ أحمد الفهد الصباح وزير الطاقة الكويتي، ووزير النفط النيجيري ادموند داوكورو الذي سيصبح رئيسا العام المقبل، بالاضافة الى عدنان شهاب الدين القائم بأعمال الأمين العام للمنظمة. ومن المتحدثين من الجانب الاوروبي وزير الطاقة البريطاني مالكوم ويكس بالاضافة الى بيبالغس.

ويتعرض الوزير البريطاني لضغوط بعد أن أصبح الغاز في بريطانيا أغلى وقود في العالم مما أثار نقاشا بشأن ما اذا كان على بريطانيا بناء جيل جديد من محطات الطاقة النووية لمواجهة الطلب في المستقبل.

على صعيد آخر ذكرت وكالة «د.ب.أ» أن الامانة العامة للبلدان المصدرة للبترول (أوبك) أعلنت أمس في فيينا أن سعر برميل النفط الخام من إنتاج دول المنظمة قد انخفض لأقل من 50 دولارا.

وأضافت الامانة أن متوسط سعر البرميل بلغ أمس الاربعاء 49.69 دولار بانخفاض قدره 9 سنتات عن يوم الثلاثاء الماضي.

الجدير بالذكر أن وزير البترول السعودي، على النعيمي، صرح قبل أيام أن المنظمة لا تفكر حاليا في خفض حصص الإنتاج رغم تراجع الأسعار العالمية، وأشار إلى اهتمام وزراء النفط في منظمة «أوبك» بالحفاظ على السعر واعتداله.

الى ذلك أشارت «رويترز» الى أن مكتب الإحصاء النرويجي صرح أمس بأن الاستثمارات في قطاع الطاقة في البلاد «ستصل الى مستويات قياسية في العام المقبل بفضل ارتفاع أسعار النفط وازدهار الاقتصاد المحلي وتجاوز الإنفاق المحدد للمشروعات». ورفعت النرويج توقعاتها للاستثمار في النفط والغاز في عام 2006 الى 92.8 مليار كرونه (13.86 مليار دولار) من التقدير السابق البالغ 87.2 مليار كرونه. ويمثل قطاع البترول نحو خمس الناتج المحلي الإجمالي للنرويج. ومن المتوقع ارتفاع مخصصات التنقيب في استثمارات العام المقبل الى 12.2 مليار كرونه من 7.1 مليار هذا العام. والنرويج هي ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. وفي عام 2002 استثمرت الشركات 54 مليار كرونه في قطاع الطاقة. وبعد عامين ارتفعت الاستثمارات الى 71.5 مليار كرونه، ومن المتوقع أن تصل هذا العام الى 87.1 مليار كرونه بانخفاض محدود عن التقدير السابق.