خبراء مصريون يقللون من تأثير فوز «الإخوان» على الاقتصاد

عزوا النتائج إلى تراخي «الوطني» وديناميكية «الجماعة»

TT

انعكست نتائج الانتخابات البرلمانية بشكل مباشر وسريع على الشارع المصري الاقتصادي وعلى البورصة في مصر، فالعملية السياسية التي أدت إلى فوز عدد كبير من مرشحي جماعة «الإخوان» في الانتخابات واستحواذهم على نسبة كبيرة من المقاعد خلال الجولتين الأولى والثانية واحتمال استمرار حصولهم على مقاعد أكثر في الجولة الثالثة للانتخابات، كل ذلك كانت له تداعيات هامة انعكست على أداء البورصة المصرية، فيما يراقب مستثمرون ودبلوماسيون أجانب بالقاهرة الحديث عن كثب.

وتباينت الآراء حول انعكاسات المكاسب التي حققها الإخوان على مسيرة الإصلاح الاقتصادي وعلى قطاع السياحة أو الاتفاقات والبرتوكولات التي وقعتها مصر مع إسرائيل ومنها اتفاقية الكويز، وبينما عكست ردود فعل السياسيين حالة الدهشة والغضب، واستبعد اقتصاديون أن يكون لفوز «الإخوان» تأثير سلبي على السياسات الاقتصادية السائدة.

واعتبر حسن هيكل، الرئيس المشارك للمجموع المالية «هيرمس»، أن حالة القلق من فوز «الإخوان» بنسبة كبيرة من مقاعد البرلمان هي حالة عارضة لن تدوم أكثر من أسبوعين حيث تشير كل المؤشرات الاقتصادية إلى أن سوق الأوراق المالية سيشهد ارتفاعا ما بين 20 و30%، خاصة مع طرح أسهم الاتصالات المصرية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وقال هيكل إن نتائج الانتخابات لن تؤثر على البورصة أو الإصلاحات الاقتصادية لأن التصويت لصالح الإخوان كان مرجعه الرغبة في عدم التصويت لصالح الحزب الوطني كحزب سياسي وليس ضد منهج اقتصادي بعينه.

وأبدى الخبير المالي وعضو لجنة السياسات، ياسر الملواني، تفاؤلا بما حدث لأنه طالما ارتضى المجتمع المصري بتطبيق الديمقراطية فعليه قبول ظهور مجموعات مصالح مختلفة بحيث يعبر كل تيار عن نفسه، كما أن خروج الإخوان من العمل تحت الأرض الي العلانية يدل على حراك ديمقراطي إيجابي، مطالبا كل تيار بتقديم برنامج إصلاحي لمصر.

وأشار الملواني إلى أن الحزب الوطني لا يزال يتحكم في أغلبية المقاعد بالبرلمان، وأن على الإخوان أن يقدموا أفكارهم، وإذا لم يقتنع بها أغلبية البرلمان فهي لن تنفذ، وبالتالي هناك الرأي والرأي الآخر، والمهم أن يسفر ذلك عن قيمة مضافة للمجتمع.

وأوضح الملواني أن القلق الحالي هو قلق تمر به كل تجربة جديدة، وإذا اعترض «الإخوان» على توجهات اقتصادية معينة مثل «الكويز» على سبيل المثال، فلا بد أن يقدموا بدائل أفضل، وفي النهاية سيتم تطبيق ما تصوت لصالحه الأغلبية. وقال الملواني «لا نريد أن نصور جماعة الإخوان على أنها بعبع فهم في النهاية محكومون بمصالح مصر وتنوع اهتمامات شعبها».

ومن جانبه قال إسماعيل عثمان، رئيس شركة مهمات السكك الحديدية، إن نتائج البرلمان تحتم على الإخوان إدراك أهمية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي واستثمار ذلك لجذب مزيد من المستثمرين. وأضاف «يقينا فإن مصر لن تكون إيران ثانية، وفي نفس الوقت مصر ليست ملكا للحزب الوطني، وهي ترحب بمن يعمل بإخلاص على نهضتها».

أما رمزي زقلمة، الخبير السياحي وعضو حزب الوفد، فيرى أن «ما حدث في نتائج الانتخابات البرلمانية لم يكن متوقعا، وهو نتيجة أخطاء متراكمة على مدى الخمسين عاما الماضية، وقد ارتكب الحزب الحاكم أخطاء عدة في هذه الانتخابات، منها ترشيح شخصيات ضعيفة أو مرفوضة من المجتمع. كما أن المعارضة لم تقدم شخصيات لها قيمة سياسية».

وقال زقلمة إن أهم ما يميز الإخوان هو قدرتهم التنظيمية لكنهم ليسوا بالقوة التي تخيف أو تهز أركان المجتمع اقتصاديا أو سياسيا اجتماعيا لعدة أسباب منها أن الحكومة المصرية لن تسمح بذلك، كما أن هناك توازنات محلية ودولية في المنطقة.

وأبدى جمال الناظر، رئيس جمعية رجال الأعمال، ارتياحه وعدم قلقه تجاه سيطرة التيار الإسلامي، مؤكدا أن حجمهم الحقيقي في مصر لا يتعدى أكثر من 10 في المائة من المجتمع السياسي وبما لا يتجاوز 6 ملايين ناخب ونحو نصف مليون عضو. وأشار الى أن فوزهم يرجع إلى تعاطف عدد كبير من الناخبين معهم لأنه لا يوجد بديل آخر مطروح على الساحة السياسية على خلفية الرفض للحزب الوطني وضآلة الأحزاب المعارضة وأدائها الهزيل، ومن يعمل بالسياسة ليس أمامه إلا المعارضة التي تتمثل في الإخوان.

وقال جمال الناظر إن جماعة الإخوان ليت لهم أجندة سياسية ولا يوجد لديهم تصور اقتصادي محدد، وإنه مما يجعل الإخوان يظهرون على السطح السياسي ضعف الحزب الحاكم، وإضعافه ل لأحزاب السياسية المعارضة كافة، وحصار من له رغبة في العمل السياسي بالإضافة على تعقيد إجراءات التصويت وغلبة العنف بما جعل الأغلبية تحجم عن المشاركة.

وقلل الناظر من تأثير الإخوان على النشاط الاقتصادي، مشيرا إلى أنهم كانوا موجودين في البرلمان السابق وطالبوا بجمارك أعلى على الكحوليات ولم يستطيعوا حتى تنفيذ ذلك، والمعروف أن الجمارك على الكحوليات في مصر تقترب من 600 في المائة.

وفي نفس الوقت شكك جمال الناظر في قدرة البرلمان القادم على تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك في ظل التشتت داخله ووجود تيارات متعارضة، لأن البرلمان القادم مطلوب منه تعديلات دستورية هامة وتشريع يحد من سلطات رئيس الجمهورية وآليات تجعل البرلمان قادرا على محاسبة الحكومة، لكن ما تشير إليه التصورات المبدئية أن البرلمان القادم سيكون ضعيفا.

وأوضح الناظر أن «كل مرحلة جديدة تصحبها حالة ترقب من المستثمرين سواء الأجانب أو المصريين وهي مسألة عادية، أما توجهات «الإخوان» ضد اتفاقيات مثل «الكويز»، فقد كانوا ضدها وهم «على البر» والكلام أسهل عندما لا يكونون في السلطة، لكنهم سيغيرون موقفهم حتما عندما ينخرطون في المشاركة في المسؤولية والقرار». وطالب الناظر بتقوية الأحزاب، والسماح بالعمل السياسي في الجامعات لأن ترك الساحة مفتوحة والسماح لـ«الإخوان» وحدهم أدى إلى هذه النتائج.