خفض خدمة الدين العام يدعم المشاريع التنموية وخبراء يطالبون بوصوله لـ 20% من الناتج المحلي

رئيس مجلس إدارة «السعودي البريطاني»: الحكومة مقترض من الدرجة الممتازة والدين لم يمثل ضغطا على السيولة

TT

قال عبد الله محمد الحقيل، رئيس مجلس ادارة البنك السعودي البريطاني، إن المصارف السعودية التي تتسابق لتقديم القروض للحكومة مقتنعة بأن الدين الحكومي هو دين ممتاز وسط تدن لمستوى المخاطر وتحقيق عوائد جيدة.

وذكر الحقيل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الدين الحكومي لصالح البنوك المحلية لا يمثل النسبة الكبرى من هذا الدين، وأن الدين العام للقطاع المصرفي أمر جيد يحقق عوائد ممتازة، فالحكومة بنظر هذه البنوك عميل من الدرجة الممتازة وسط تدني المخاطر، ما يدفع القطاعات المالية مثل المصارف وكل من الصناديق مثل التأمينات الاجتماعية أو صندوق معاشات التقاعد للتسابق لتلبية حاجة الحكومة.

وأضاف أن الدين الحكومي لم يمثل مضايقة أو مزاحمة لقدرة الجهات المصرفية على تقديم القروض ولم يوجد إشكال في توفر السيولة في السوق المصرفي.

ومن جانبه، قال يوسف عبد الله الميمني، عضو لجنة الشؤون المالية بمجلس الشورى السعودي، إن المهم بالنسبة للدين العام هو تخفيف العبء المالي المترتب على خدمة الدين العام والمقدر بحوالي 15 ـ 20 مليار ريال سنويا، ما سيسمح بإنفاق مبالغ أكبر على المشاريع التنموية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية، مع سدادها لنسب من الدين العام على مدى العام الماضي والعام الحالي، باتت متوافقة مع المقاييس الدولية الخاصة بنسبة الدين العام للناتج المحلي والتي حددتها اتفاقية «ماستريخت» بواقع 65 في المائة من الناتج المحلي.

وكانت مصادر مصرفية مطلعة قد أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن تنافس البنوك السعودية لاستقطاب الودائع عبر تقديم عروض جيدة لأصحاب تلك الودائع يعطي مؤشرا على بوادر شح في السيولة المتوافرة لدى البنوك المحلية، ولكن ذلك لم يتحقق بشكل فعلي حاليا، مرجعة احتمال شح في السيولة إلى نسب النمو في القروض التي قدمتها البنوك على مدى العام الحالي سواء للأفراد أو لقطاع الأعمال.

وجاء إعلان الحكومة السعودية عن توقعها انخفاض حجم الدين العام بنهاية العام الحالي إلى حدود 475 مليار ريال (126.6 مليار دولار) مفاجئا للكثير من المحللين، ففي حين كانت وزارة المالية السعودية قد أعلنت بنهاية العام 2004 أن وزارة المالية توقعت أن ينخفض حجم الدين العام من 176 مليار دولار (660 مليار ريال) إلى حدود 163.7 مليار دولار (614 مليار ريال) ما يعني أن السعودية نجحت في تسديد 139 مليار ريال على مدى الفترة الماضية.

وللتعليق على مدى الطفرة في حجم سداد الدين العام تحدثنا مع براد بورلاند، المستشار المالي القانوني ورئيس الدائرة الاقتصادية في مجموعة «سامبا» المالية والمشرف على التقرير الدوري الذي تصدره الدائرة حول الاقتصاد السعودي، فقال «إن التقرير وبرغم اقتراب توقعاته التي رصدها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بشأن إيرادات الخزينة العامة، وحجم الفائض المتوقع، وأيضا نسبة النمو في الناتج المحلي، إلا أن إعلان الحكومة السعودية عن تخفيض الدين العام الحكومي بنسبة 29 في المائة كان فوق ما كنا نتوقع».

وأضاف أن الايرادات انخفضت بواقع 139 مليار ريال ذهب معظمها لتسديد مستحقات صندوق معاشات التقاعد أو ما نسبته 90 في المائة من أجمالي ما تسديده من الدين العام فيما ذهبت نسبة حوالي 11 في المائة للمصارف المحلية أي بواقع 15 مليار ريال». يشار إلى أن ديون الحكومة لصالح المصارف السعودية تمثل حوالي 25 في المائة من إجمالي ديون الحكومة فيما تتوزع النسبة الباقية لصالح التأمينات الاجتماعية وصندوق معاشات التقاعد».

ووصف بورلاند التركيز على سداد هذه المبالغ من الدين العام بأنه أمر صحي سيعزز الثقة بالاقتصاد السعودي، وأضاف أنه يتوقع ان تحقق الموازنة العامة للعام المقبل فائضا يفوق ما هو متوقع من خلال تحقيق عوائد تزيد عن 390 مليار ريال، ما سيسمح بالاستمرار في سداد حصص جديدة من الدين العام.

وقال إن السبب وراء تقريره الأخير بانخفاض الدين العام ليصبح 49 في المائة من اجمالي الناتج المحلي أي حوالي 595 مليار ريال هو أن إيرادات الحكومة كانت فوق المتوقع، كما أن إعلان الحكومة خلال العام الحالي عن زيادة الرواتب بنسبة 15 في المائة وصرف راتب شهر أساسي لبعض فئات العاملين السعوديين وتنفيذ مشروعات تنموية ورفع مخصصات صناديق التنمية المتخصصة وبرامج التمويل الحكومية وإقرار أن سداد الدين العام سيكون عبر المبالغ الفائضة عن تلك المخصصات، كل ذلك جعل التقرير يرسم صورة متحفظة لحجم الدين الذي يمكن تسديده، ولكن فيما يبدو ان السداد لحصة من الدين العام كان فوق التوقعات. وكان تقرير «سامبا» قد رصد تراجع جزء من الدين الحكومي متمثلا في سندات الحكومة لدى البنوك التجارية وأنه بناء على البيانات التي تنشرها البنوك التجارية فمن الواضح أن الحكومة لم تعد تصدر ديونا بنفس القدر الذي تسددها به، كما لم تلجأ إلى سداد ديونها من السندات المعلقة قبل حلول أجالها.

ومن جانبه قال المهندس سليمان بن عبد الله الخريجي، رجل الأعمال السعودي ورئيس مجلس ادارة «يوناتد البانيان بانك» ومقره تركيا، إن تخفيض الدين العام هو بين الأمور التي ينادي بها الكثير، فذلك له فوائد كبيرة تتمثل في خفض المصاريف (الفوائد) المصاحبة للدين، ولكنه اضاف أن السعودية تحتاج لخفض أكبر أيضا للدين العام تحت مستوى المتوسط الدولي وذلك لكون دخل الخزينة السعودية يعتمد بشكل أساسي على إيرادات بيع النفط ما يهدد هذه الإيرادات بالتذبذب الشديد والخارج عن السيطرة ما يفرض ضرورة خفض الدين العام ليصبح بحدود 15 ـ 20 في المائة من اجمالي الناتج المحلي الإجمالي. وقال ان سداد الحكومة لكثير من ديونها لصالح صندوق معاشات التقاعد يتطلب في الوقت ذاته إعادة النظر في استثمارات هذا الصندوق لتصبح أكثر كفاءة في ظل التطورات النقدية الخاصة بالقدرة الشرائية للريال السعودي ونسبة التضخم.