سورية: تدخل السلطات النقدية يضبط إيقاع سعر صرف الليرة أمام الدولار

TT

استطاعت الليرة السورية الحفاظ على استقرارها أمام الدولار في ظل الأحداث المتلاحقة، حيث كان يتوقع ان يؤثر تقرير المحقق الدولي ديتليب ميليس في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في سعر الصرف، إلا أن تقريره الذي قدمه قبل يومين إلى الأمين العام للأمم المتحدة لم يؤثر على سعر صرف الليرة ، وبدا السوق مستقراً ومهيأً لحدوث المزيد من التراجع في سعر الدولار أمام الليرة، وسجل سعر الدولار أمس 57.5 ليرة.

ويرى مراقبون أن عدم التأثر وقابلية الدولار للمزيد من التراجع، يعودان إلى تمكن السلطة النقدية السورية من إحكام سيطرتها على سعر الصرف بدلاً من السوق السوداء التي لعبت المضاربات فيها في الأشهر الأخيرة دوراً كبيراً في ارتفاع سعر الدولار، مستفيدة من الأجواء السياسية.

ومما يساعد في حدوث حالة الاستقرار التي بدأ الجميع يشعر بها، تدخل الدولة في السوق باعتبارها الطرف الأقوى، وذلك بشكل مواز وداعم للإجراءات التي اتخذتها حول توسيع تمويل التجارة وتطوير السياسة النقدية في سورية بشكل عام. ومحاولة السلطات النقدية تسويق إجراءاتها بشكل ناجح حول إمساكها بزمام السياسة النقدية وسعر الصرف، بشكل بات السوق على علم بأن السلطة النقدية هي التي تمسك بزمام المبادرة لسعر الصرف والتجاوب مع الأسواق من خلال التدخل السريع للسلطة النقدية عند ارتفاع الدولار عن الوضع الطبيعي.

ومع كل ما شهده الدولار من ارتفاع في الأشهر الأخيرة متأثراً بالظروف السياسية وانعكاساتها النفسية، فإن واقع الحال في المصارف السورية يشير إلى ارتفاع الودائع لديها بشكل كبير وواضح.

وأعلنت المصارف الخاصة أن حجم الودائع لديها بلغ 100 مليار ليرة، في حين أعلن المصرف التجاري السوري أن الودائع لديه تتجاوز ما يعادل 8 مليارات دولار، وهذه الأرقام ممتازة وتنمو بشكل واضح سواء في المصارف الخاصة أو العامة، وتشير معلومات مصرفية إلى أن قسما لا بأس به من الودائع كان نتيجة سحوبات قام بها سوريون من المصارف اللبنانية وإيداعها في المصارف السورية. وهذه السحوبات شملت أصحاب الودائع الصغيرة الذين لم يعد بإمكانهم السفر إلى لبنان كما في السابق بسبب الظروف الحالية ومفرزاتها، وبالتالي فضلوا نقل ودائعهم إلى المصارف السورية، وأيضاً بعض أصحاب الودائع الكبيرة الذين باتوا يتطلعون لاستثمار أموالهم في سورية في ظل التسهيلات الواضحة التي تعطيها الحكومة للمستثمرين.

كما شهدت المصارف السورية الخاصة والعامة إقبالاً من رجال الأعمال الذين كانوا يلجأون إلى المصارف اللبنانية لتخديم نشاطاتهم الاقتصادية من تحويلات وفتح خطوط تمويل وفتح اعتمادات، و بعد أن أصبح تأدية هذه النشاطات متاحاً في المصارف السورية وضمن محفزات كبيرة.

وفي سياق آخر بدأت الأسواق السورية تشهد ارتفاعاً في أسعار بعض المواد، أعادته مديرية التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد إلى بلد المنشأ وتقلبات سعر صرف الليرة في الأشهر الأخيرة، واصفة ذلك بالطبيعي. وتراوح الارتفاع بين 1 و10 %، وكانت الحكومة قد كثفت أخيرا عبر مسؤوليها في السلطات النقدية، حملة تؤكد فيها أن وضع الليرة السورية لا يدعو للخوف. وقد أشاع لقاء الرئيس السوري بشار الأسد بالفريق الاقتصادي أخيرا دعماً نفسياً مهماً، خاصة أن اللقاء تمحور حول حماية الليرة وأن لا خطر فعليا محدق بها.

كما أطلق مسؤولون سوريون، في مقدمتهم رئيس مجلس الوزراء محمد ناجي العطري ونائب وزير الخارجية وليد المعلم، تطمينات بعدم وجود عقوبات على سورية.

وفي كل الأحوال فالمتابع للمشهد الاقتصادي السوري يلاحظ أن الحكومة السورية تعمل على تسريع عجلة الإصلاح، معتبرة إياه بأنه الرد الأنسب لما يحيط بسورية من ضغوط، وذلك من دون التقليل من أهمية هذه الضغوط؟