نوربرت والتر: نفكر في التوسع في مصر ولا خيار لدينا سوى الاستحواذ على بنك قائم

كبير الاقتصاديين في «دويتشه بنك» الألماني: نجحنا في السعودية وفشلنا في تركيا

TT

وجه الخبير الاقتصادي نوربرت والتر بمجموعة «دويتشه بنك» الألماني تحذيرا من عواقب الارتفاع المتصاعد للبورصة المصرية، مؤكدا انه لم يحدث أن ارتفع سوق بنسبة 200% خلال عامين بهذه الصورة الصاروخية في أي مكان في العالم، وطالب المسؤولين المصريين بالحذر لان البورصة المصرية معروفة على المستوى العالمي وخلال العام ونصف العام الماضي كانت سوقا جيدة للاستثمار، لكن التصاعد المطرد للبورصة المصرية لا يمكن أن يستمر ولابد من الحرص لئلا ينعكس الأمر هبوطا في المؤشرات.

وقال والتر إن تحسن الأسواق المالية المصرية يرجع الي تحسن هياكل الأنظمة المالية وإحجام بعض العملاء في الشرق الأوسط عن الاستثمار بنفس أنصبتهم السابقة في أسواق المال الأميركية، مما جعل مصر تستفيد من ذلك مع تغير الظروف العالمية، وكونها اكثر البدائل جاذبية، لكن معدلات الربح في البورصات العالمية تبلغ 5.5%، لكن المخاطر في المقابل قليلة ولذلك رغم المعدلات الكبيرة للربحية في البورصة المصرية فالعملاء المتحفظون في الخليج قد يهتمون بالاستثمار في اسهم آمنة في الولايات المتحدة اكثر من تعريض شركاتهم للمخاطرة في البورصة المصرية، حيث لا يمكن لهذا الصعود أن يستمر.

وأكد والتر أن بنك دويتشه من البنوك النشطة في السوق السعودي وهو أحد البنوك القلائل الذي يمتلك ترخيصا مصرفيا في المملكة العربية السعودية، وشارك في عمليات لادارة الأصول وحقق فيها نجاحا أدى الى التوسع في إنشاء فروع بالمملكة وفي الإمارات، لكنه فشل في أن يكون أحد اللاعبين الرئيسيين في الشارع المصرفي بتركيا، وفشلنا في عقد صفقة جيدة هناك ربما يرجع ذلك الي إننا كنا متأخرين أو أن العقد كان مرتفع القيمة، فتراجعنا عن الاستراتيجية التوسعية في تركيا، اما في بقية بلدان المنطقة العربية فالبنك لديه روابط جيدة مع عدد من الدول العربية، ولديه خطة استراتيجية للتوسع وفقا للإمكانيات وما هو متاح في السوق.

وفيما يتعلق بمصر، أشار كبير الاقتصاديين بمجموعة دويتشه بنك الي ان البنك لديه اهتمام متزايد بالمنطقة العربية وخاصة مصر بسبب غنى الموارد وكثافة السكان قائلا: «إذا كان العالم يعتمد اعتمادا كليا علي الغاز والبترول في المنطقة العربية، فيجب علينا أن نكون جزءا من هذه البيئة الاقتصادية».

وأوضح أن البنك يهتم بتمويل الأنشطة التي تحدث في مصر والدخول في شراكات تتعلق بالتجارة العالمية، لكن لا توجد خيارات متعددة لان الدولة لا تمنح ترخيصا لبنوك جديدة في الوقت الحالي والخيار الوحيد هو التقدم بعرض للاستحواذ على أحد البنوك القائمة، وهو الأمر الذي تتم دراسته حاليا، حيث يقوم البنك بمراجعة عدة اعتبارات ودراسة فكرة الاستحواذ، وهذا قيد البحث وليس التنفيذ في القريب العاجل وإنما خلال السنوات القادمة.

وفيما يتعلق بالمناخ الاقتصادي والإصلاحات التي تقوم بها مصر لجذب الاستثمار كان تعليق نوربرت والتر أن مصر جاءت متأخرة في لعبة جذب الاستثمارات وسبقتها الدول الآسيوية بما لا يقل عن عشرين سنة، ولم تساعد السياسات المصرية في تلك الفترة على جذب مستثمرين عالميين، وعلى سبيل المثال كان دويتشه بنك نشطا جدا في الهند خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية وتوسع في إنشاء فروع في المدن الهندية بسبب هذا المناخ المرحب بالاستثمارات منذ فترة طويلة.

وأضاف والتر أن الإصلاحات التي تقوم بها مصر قد أوضحت مردودا جيدا حيث زادت الاستثمارات الأجنبية خلال العامين الماضيين الى مصر وهذا يرجع جزئيا الي ثقة جيران مصر من الدول العربية بأهمية الاستثمار فيها، ومنطقي أن يتجه الاستثمار الى دولة ذات كثافة سكانية عالية مثل مصر اكثر من الاتجاه الي دولة قليلة السكان مثل الإمارات، ورغم وجود مكتبين لتمثيل دويتشه بنك في القاهرة، إلا أن هناك خدمات لتمويل العلاقات التجارية بين مصر وألمانيا وتشجيع العملاء الكبار من خلال إدارات مالية من فروع البنك بفرانكفورت وجنيف ولندن، كما يقدم البنك معلومات عن إجراءات التمويل في مصر والاستغلال الأمثل للتسهيلات التي تمنحها الحكومة المصرية للشركات الألمانية المهتمة بالمجيء الي مصر، مؤكدا أن الألمان يميلون الى الاستثمار العقاري وان مصر لديها إمكانيات جيدة في هذا المجال خاصة مع الكثافة السكانية واحتمالات زيادة دخول المستوى المتوسط من المصريين مما سيؤدي الي نمو متصاعد في هذا النوع من الاستثمار.

ووجه والتر نقدا لسعي مصر الي إقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى انه لابد أن تستمر مصر في مساعيها لإنشاء هذه المنطقة لأسباب سياسية، لكن على الجانب الاقتصادي فهي ليست على نفس القدر من الأهمية لان العلاقات المصرية الأوروبية اكثر أهمية اقتصاديا، هكذا ببساطة، فلا توجد هنا أيديولوجيات وإنما حقائق اقتصادية بسيطة.

وأضاف والتر أن افضل ترتيب وتوجه اقتصادي لمصر هو في أوروبا، مشيرا الى أهمية التوجه لاكتساب رأي يقوم بالترويج لمصر داخل الاتحاد الأوروبي ويمكن كل من فرنسا أو ألمانيا القيام بهذا الدور.