خالد كانو : البرنامج الإصلاحي كرس الدور الريادي للبحرين كمركز مالي عالمي مصرفي

«شهبندر» تجار البحرين: أدعو القطاع الخاص الخليجي لتأسيس شركة صادرات مشتركة

TT

منذ إطلاق المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة، قبل ست سنوات تقريبا، والاقتصاد البحريني يتقدم خطوة بعد الأخرى لتحقيق التطور الذي تنشده البحرين، خاصة وأنها الوحيدة بين شقيقاتها دول الخليج التي لا تملك كميات كبيرة من النفط يدعم اقتصادها ويزيد من موارد الدخل، إلا أن شح النفط بالبحرين كان عاملا إيجابيا مع مر السنين، فاستطاعت أن تنأى بنفسها عن تقلبات أسعار النفط أو حتى التخطيط لمرحلة مابعد نضوبه، واعتمدت على مواردها الأخرى، والتي كان للقطاع الخاص دور كبير في تحقيق هذه القفزة الكبرى في الاقتصاد البحريني خلال السنوات السابقة.

«الشرق الأوسط» التقت في العاصمة البحرينية المنامة، مع خالد كانو رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالبحرين (سابقا)، والخبير في الشأن الاقتصادي في بلاده أو شهبندر تجار البحرين، كما يطلق عليه، وحاورته حول آفاق النمو والاستثمار في البحرين والخطوات المطلوبة لتعزيز دور القطاع الخاص، والفرص التي من المتوقع أن توفرها اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية وكيفية الاستفادة منها. > ما هو الدور الذي لعبه البرنامج الإصلاحي للملك حمد في تعزيز الاقتصاد الوطني بالبحرين؟

ـ إن البحرين بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة والشيخ خليفة بن سلمان رئيس مجلس الوزراء، اتخذت خطوات عدة على صعيد تحفيز الاستثمارات، حيث عقدت ورش عمل ونظمت ندوات عديدة ذات علاقة مباشرة بالإصلاحات الاقتصادية، التي ساهمت في تعزيز الثقة في مناخ الاستثمار، وظهرت نتائجها للجميع في الآونة الاخيرة من خلال تبني القطاع الخاص للعديد من المشاريع التجارية والصناعية والخدماتية التي تشهدها البحرين، والتي كان للاستثمارات الأجنبية نصيب كبير ومشجع فيها، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عدد الشركات التي سجلت لدى مركز البحرين للمستثمرين والتي دخلت الى السوق حتى شهر ديسمبر (كانون الاول) الماضي، بلغت نحو 1889 شركة وحجم استثماراتها بلغت نحو 976 مليون دينار بحريني، ومن المتوقع أن تشهد السوق توظيف المزيد من الاستثمارات من داخل وخارج المنطقة.

> ما هي الأسباب الحقيقية التي ساهمت في تحقيق هذه النتائج الإيجابية؟

ـ أستطيع القول إن من أهم الأسباب والعوامل التي ساهمت في تحقيق هذه النتائج الإيجابية، هو ما حصل من تطورات شهدتها البحرين خلال السنوات القليلة الماضية من تحولات سياسية ودستورية وتنموية أساسية وهادفة، فقد كانت مدعومة بتشريعات وقوانين متطورة تستند إلى الشفافية، خصوصاً تلك المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية، كقانون الشركات والوكالات التجارية الذي منح العديد من المزايا والإعفاءات الضريبية للاستثمارات الأجنبية، وإقرار قانون حق التملك للأجانب في مشروع جزر امواج والعرين ودرة البحرين وغيرها من المشاريع القادمة، التي نتمنى إن يشملها تطبيق تلك المزايا وتنفيذه على المقيمين من العرب والأجانب في البحرين منذ سنوات عديدة بصفة عامة وعلى الجالية الآسيوية والاوروبية بصفة خاصة الذين يتمتعون برواتب عالية وخبرات عمل تخصصية الطابع لسنوات عديدة. ولا ننسى الدور الريادي الذي كرسته البحرين لنفسها كمركز مالي ومصرفي وتأميني إقليمي وعالمي عبر إنشاء مرفأ البحرين المالي، والذي يترافق تنفيذه مع ما تشهده المنطقة من فرص استثمارية واسعة، كما أن البحرين أولت اهتماما خاصاً لتحسين مستوى الخدمات في المملكة في مختلف القطاعات وعززت من موقع البحرين التنافسي في المنطقة، حيث أقرت اخيرا كل من الغرفة ووزارة الصناعة والتجارة تخفيض كل من رسوم العضوية للغرفة ورسوم السجل التجاري الى 20 دينارا لجميع الانشطة وتقليص ومنح التراخيص وإمكانية استكمال الإجراءات عبر الإنترنت وغيرها من القرارات التي تبنتها وزارات الدولة المختلفة، وذلك بفضل ومساندة مجلس التنمية الاقتصادية الذي أصبح يدعم ويشجع القطاع التجاري والصناعي في مملكة البحرين.

> كيف ترى الدور الحكومي في استقطاب الاستثمارات الأجنبية للبلاد؟

ـ لا شك أن كلا من دور الحكومة والقطاع الخاص مكملان لبعضهما البعض، فعلى سبيل المثال أعلنت وزارة الصناعة والتجارة أخيرا عن انشاء مناطق صناعية جديدة اخرى في مناطق مختلفة وأكبرها ستكون في منطقة الحد وستكون مجهزة بالمرافق الأساسية، ووسائل الاتصال والخدمات الرئيسية بكلفة مخفضة، نتيجة دعم الدولة لهذه المشاريع، ساهم في تخفيض كلفة الإنتاج في هذه المناطق، مقارنة بمستويات الأسعار العالمية، وساهم بالتالي في استقطاب المزيد من الاستثمارات لمملكة البحرين، الا ان القطاع الخاص نأمل من الحكومة الرشيدة أن تخصص المزيد من المناطق الصناعية، وذلك لحاجة القطاع الخاص الماسة للمزيد من الاراضي الصناعية لاقامة معامل ومصانع ومخازن تلبي احتياجاتهم الراهنة والمستقبلية.

كما إن رفع رؤوس أموال بعض المؤسسات الداعمة للمشاريع كان له أثره الإيجابي، كما حدث أخيرا عندما تم رفع رأس مال بنك البحرين للتنمية من 10 ملايين دينار الى 50 مليونا، وهذا القرار سيساهم في زيادة نسبة القروض الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمشاريع الناشئة وحرص بنك التنمية أيضاً على المشاركة في نهضة الاصلاح التعليمية عن طريق تقديم قروض تعليمية ميسرة لأبناء الوطن ورواد العلم والمعرفة. ولا بد لنا هنا من الإشادة بالدور الحكومي في ما يخص النظام المعمول به بمجلس المناقصات، الذي يستند في اعماله إلى مدى رفيع من النزاهة والشفافية والحيادية، التي تمتع بها ممارسات المجلس والمدعوم بخبرات محلية وأجنبية متخصصة وتقدم خدمات متطورة تتماشى مع مجريات ما يحتاجه الشارع التجاري بهذا الخصوص، وتشهد له جهات القطاع الخاص محلياً ودولياً. كما أشيد بالدور الحكومي في ما يخص النظام القضائي البحريني، الذي يشهد له في المنطقة إلا أن رجال المال والأعمال في القطاع الخاص يأملون من الحكومة الرشيدة إنشاء محاكم تجارية متخصصة، تلبي مجريات ما يحتاجه الشارع التجاري بهذا الشأن لسرعة البث في مختلف القضايا التي في طور الزيادة عام بعد عام، وفي حاجة إلى خبرات وكوادر وطنية وأجنبية في هذا الشان. > دائما ما تطالبون كرجال أعمال بتعزيز دور القطاع الخاص، ما الذي تريدونه بالتحديد؟

ـ أصدقك القول أنه، وبالرغم من الإجراءات التي اتخذت في هذا السياق، فإن القطاع الخاص ما زال بحاجة إلى المزيد من الخطوات لتعزيز دوره، ومن أبرز هذه الخطوات تتمثل في مشاكل البطالة واصلاح سوق العمل والتدريب ومواصلة استكمال ورش العمل وتنظيم العديد من الندوات على صعيد تطوير التشريعات، والقوانين وفي مقدمتها إقرار قانون موحد للاستثمار الأجنبي في المملكة، ليكرس المزيد من الحوافز، والفرص الاستثمارية، والضمانات المقدمة لرؤوس الأموال المحلية والوافدة، واعتماد وسائل موحدة في تنفيذ المشروعات الاستثمارية، سواء كانت تصب في مصلحة المشاريع ذات الاستثمارات المشتركة مع المستثمر الأجنبي، أو في تلك المملوكة بالكامل من جانب المستثمرين الأجانب، لضمان وخلق بيئة ومناخ استثماري جاذب يشهد له على مستوى الاقليم الخليجي والعالمي.

> وما هي تلك المعوقات التي ترون أنها تواجه القطاع الخاص؟

ـ هناك بعض المعوقات التي تعتري مسيرة القطاع الخاص بالبحرين، ويجب إزالة هذه المعوقات التي تحد من قدرة القطاع الخاص على الإنتاج والمنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، وضرورة التنسيق في مجال التشريعات مع دول مجلس التعاون الخليجي والأخذ بمبدأ المعاملة بالمثل، خصوصا أن الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، تواجه العديد من الاستثناءات في مجال تطبيقها. وأرى هنا ضرورة استطلاع رأي رجال الأعمال والغرفة قبل إقرار التشريعات والقوانين والقرارات الاقتصادية والتجارية، نظراً لارتباطها الوثيق بالقدرة التنافسية لمؤسسات القطاع الخاص، بالإضافة إلى ضرورة تأسيس محاكم تجارية للنظر بالقضايا التجارية التي تستلزم سرعة في البت بها، نظر لتأثيرها على القطاعات الاقتصادية والتجارية، مع التأكيد على اهمية دعم ومساندة القطاع الخاص للنهوض بالتنمية الاقتصادية، التي تتطلب من الجهات الحكومية توفير قاعدة عريضة من المعلومات والبيانات الاقتصادية، بحيث تكون مدعومة بدراسات الجدوى الأولية حول المشاريع الاستثمارية والاقتصادية المتاحة، بهدف مساعدة المستثمرين على التعرف على هذه المشروعات على أن يتم تزويد الغرفة بهذه الإحصائيات والمعلومات وذلك لتوفيرها للمستثمرين في داخل وخارج مملكة البحرين.

> نأتي إلى اتفاقية التجارة الحرة.. البعض يرى أن هناك فرصا محدودة للقطاع الخاص لاستثمار هذه الاتفاقية، خاصة مع ضعف الصادرات البحرينية للولايات المتحدة، ما رأيك؟

ـ هذه الاتفاقية ستساهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خصوصا القادمة من الولايات المتحدة الأميركية إلى البحرين، وإنشاء جهاز خاص للترويج والاستثمار، كما ستساهم هذه الاتفاقية في تسهيل تبادل السلع والخدمات، وتحسين الإجراءات الجمركية، والنهوض بالخدمات الداعمة للتجارة كالتشريعات والشحن والتأمين وأقامة مشاريع مشتركة بين البلدين، كما تساهم في زيادة صادرات البحرين إلى الولايات المتحدة الأميركية، خصوصا أن صادرات مملكة البحرين إليها ما زالت محدودة. ولكن رغم الإيجابيات العديدة التي تعكسها هذه الاتفاقية ادعو الى ضرورة اقترانها بمجموعة من الإجراءات لتفعيل هذه الاتفاقية كإنشاء لجنة مشتركة بحرينية أميركية، وإنشاء مكاتب لترويج الاستثمارات وتعزيز العلاقات بين التجار على مستوى البلدين لتتاح الفرصة لإنشاء مشاريع صناعية او تجارية مشتركة.

> تأمل البحرين في زيادة حجم الصادرات للخارج، كيف ترون الاستراتيجية المثلى لتحقيق هذا الهدف؟

ـ لنعترف بأن الصادرات البحرينية بحاجة إلى المزيد من التطوير، كي تنسجم مع المعطيات الجديدة في الأسواق، وفي هذا السياق تبنت غرفة تجارة وصناعة البحرين أثناء رئاستنا للدورة (25) فكرة إنشاء مراكز أو هيئة لتنمية الصادرات، غير إن هذا المشروع لا بد وأن يقترن بخطوات أخرى لتسهيل اجراءات دخول وخروج البضائع مابين بلدان دول الخليج لايجاد منافذ تسويقية وأسواق جديدة بهدف زيادة حجم هذه الصادرات. كما تدارست الغرفة انذاك شتى العقبات التي كانت تحصل من حين إلى حين والغرفة انذاك كان يحذوها الأمل الكبير بأن الغرفة في الدورة 26 برئاسة الدكتور عصام فخرو واعضاء مجلس ادارة الغرفة، الذين هم حالياً بصدد تأسيس لجنة تنمية الصادرات، وسيسعون بعون الله وتوفيقه وراء تأسيس شركة خليجية لتسويق منتوجات دول مجلس التعاون الخليجي.

ومن هذا المنطلق أناشد المعنيين في القطاع الخاص بدعم فكرة تأسيس شركة مشتركة لدول مجلس التعاون لتسويق منتوجات المصانع الخليجية، بحيث تنطلق من البحرين، وذلك نظراً لموقعها الاستراتيجي وما تتمتع به البحرين من مزايا جمركية مع دول العالم بصفة عامة والولايات المتحدة بصفة خاصة، وذلك تمهيداً لبناء قاعدة خليجية قوية ومتطورة للنهوض بالتجارة الخارجية، وإقرار السياسات التي تساهم في زيادة حجم الصادرات في داخل وخارج المنطقة.

> تتجه البحرين إلى اعتماد الخصخصة في القطاعات الرئيسية والمنتجة، ما توقعاتكم لمردود هذه الخطوة على الاقتصاد البحريني؟

ـ من المنتظر أن يكون لها مردود إيجابي على القطاع الخاص، خصوصاً أنها تساهم في تعزيز دورها وتخفف الأعباء عن الحكومة، علما إن وزارة المالية باشرت بتنفيذ مشاريع الخصخصة في بعض مؤسسات القطاع العام، ومنها شركة الفنادق الوطنية والبلديات، كما أن البحرين بصدد خصخصة مرافق أخرى كالموانئ الحكومية، ومحطات كل من الحد والعزل لأنتاج الكهرباء والماء وبعض إدارات وزارة المواصلات، لكن لا بد أيضا من تطوير الحوار البناء بين الحكومة والقطاع الخاص، لتفعيل برامج الخصخصة ومنح دور فعال للقطاع الخاص من خلال مشاركته واطلاعه على كل الخطوات التي تنوي الحكومة الرشيدة اتخاذها مستقبلا على هذا الصعيد.