د. أحمد بهجت: من غير المناسب «وضع البيض كله في سلة واحدة» وتوجهنا للتوسع إقليميا

رجل الأعمال المصري لـ الشرق الاوسط : حلمي أن آخذ إجازة.. ومشروعي الاجتماعي فشلي الوحيد

TT

قال رجل الأعمال المصري احمد بهجت إنه بدأ التفكير في الاستثمار في الدول العربية منذ عامين تقريبا، عندما وصل إلى قناعة أن استثماراته في مصر وصلت إلى مرحلة التشبع، وليس مرغوبا أن تزيد الاستثمارات داخل مصر عن هذا الحجم، مؤكدا انه من غير المناسب أن تكون كافة استثماراتنا داخل مصر فقط بمعنى «وضع البيض كله في سلة واحدة»، فقررنا التوجه للتوسع العربي وإجراء تنويع في المخاطر الاستثمارية.

وذكر أحمد بهجت في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة، أنه دفع 2600 مليون جنيه (الدولار=5.74) من جيبه الخاص لتسوية مديونية شركاته المساهمة، واعتبر أن المشروع الفاشل الوحيد في حياته هو مشروعه الاجتماعي، ونفي أن تكون له أية صلة بالإخوان، كما كشف عن عزمه التوسع في البلاد العربية، وبصفة خاصة في السودان ورأس الخيمة، وقال إنه معني بتطوير مصانعه للإلكترونيات والبحث عن شركاء عرب للدخول في مزايدة الرخصة الثالثة للمحمول.

> خرجت مجموعة بهجت عن الإطار المحلي، وبدأت في إجراء توسع إقليمي في بعض الدول العربية، مثل السودان والإمارات، فما هي أسباب هذا التوجه وما هي استراتيجية ونوعية المشروعات المأمول إقامتها في الدول العربية؟

ـ بدأت التفكير في الاستثمار في الدول العربية منذ عامين تقريبا، عندما وصلنا إلى قناعة أن استثماراتنا في مصر وصلت إلى مرحلة التشبع، وليس مرغوبا أن تزيد الاستثمارات داخل مصر عن هذا الحجم، كما وجدنا انه من غير المناسب، أن تكون كافة استثماراتنا داخل مصر فقط بمعنى «وضع البيض كله في سلة واحدة»، فقررنا التوجه للتوسع العربي وإجراء تنويع في المخاطر الاستثمارية، وبدأنا في السودان منذ عامين بتخطيط لإنشاء مدينة سكنية على غرار دريم لاند بمصر، وإنشاء مصنع للأسمنت لأن السودان كدولة فرص النجاح بها عالية، ولدينا توجهات لإنشاء مشروع محطة قناة تلفزيونية أرضية ومحطة «اف.ام» ومشروعات صناعية لها جدوى اقتصادية مثل تصنيع التلفزيونات والثلاجات. أما استثماراتنا في رأس الخيمة فتشمل مشروع لإنشاء منطقة حرة للإعلام ومنطقة صناعية. ونأمل في الدخول في مشروعات سياحية أيضا. والاستراتيجية التي نتبعها ببساطة هى الانتشار الاستثماري في اكثر من دولة، ما دمنا قادرين على ذلك ولدينا الخبرة الكافية.

> هناك مقولة إن مقتل رجل الأعمال في التوسع غير المحسوب وفي الإدارة العائلية، وقد توسعت مجموعة بهجت في عدد متباين من المشروعات، ألا ترى أن ذلك قد أدى إلى تعثر شركاتك؟

ـ لا يوجد شيء غير محسوب، والتوسع في الأنشطة والمصانع والشركات محسوب بالورقة والقلم، وكان لا بد من الدخول في مشروعات متنوعة لتوزيع المخاطر، وأنا رجل إدارة، لو أدرت «قهوة» سأجعلها ناجحة، فالفكر هنا هو الإدارة الجيدة والاستعانة بالمعاونين الأكفاء والإخلاص في العمل والاجتهاد فيه. وهناك مشروعات كان القيام به ضرورة، فعلى سبيل المثال كنت احتاج لعمال رخام على درجة عالية أثناء تنفيذ مشروع «دريم لاند»، ولم أجد مستوى الجودة المطلوب في السوق المحلي، فاضطررت إلى إنشاء مصنع للرخام واستيراد آلات تقطيع الرخام بالجودة التي أريدها، كما كان مشروع إنشاء مصنع الأثاث ضرورة لأن لدى آلاف الوحدات السكنية، ومن المهم بيع الوحدة السكنية بالتقسيط بالأثاث والأجهزة اللازمة لها، أما الإدارة فهي تعتمد على مجموعة من الخبراء وكل شركة لها المديرون ودوري يقتصر فقط على حل المشاكل، وبحث المشروعات الجديدة.

> لكن تعثر المشروعات يدل على سوء إدارة؟

ـ هذا صحيح لو كان الأمر قائما على إدارة أحمد بهجت وحده، لكن المجتمع المصري واجه تعثر عددا كبيرا من رجال الاعمال، وتوقف البعض عن النشاط، واختلف الأمر فقط في حجم تعثر النشاط عند كل طرف، فالتعثر كان شديدا عند من لديه عشرات المشروعات وضئيلا لمن كانت مشروعاته صغيرة.

> شركة العالمية للإلكترونيات التابعة لمجموعة بهجت واجهت عددا من المشاكل الاقتصادية، وخرجت أسهمها إلى سوق خارج المقصورة الرئيسية ويتحدث السوق عن جهود لإعادتها داخل المقصورة، فما هي تفاصيل هذه الجهود؟

ـ نحن نخطط لكي نخرج من الكبوة الاقتصادية التي مرت بها مجموعة الشركات في خلال عامين، فرغم تسوية المديونيات، إلا إننا لا نزال نعاني الآثار السلبية لفترة الجمود ونحاول استعادة موقفنا المالي ونصيب في السوق مرة أخرى بخطوات واثقة ونتجه للتصدير بشكل كبير في الفترة القادمة، وقد واجهت شركة العالمية للإلكترونيات عدة مشاكل وهي شركة قابضة، لأن هناك عدة مصانع تابعة لها، واستطاعت خلال الفترة الماضية تحقيق أرباح وتقوية موقفها المالي وأستطيع أن أعلن انه بحلول عام 2008 ستكون العالمية للإلكترونيات من الشركات الرائدة في البورصة المصرية. > ما سبب حرص رجال الاعمال على إدراج شركاتهم بالبورصة هل هو نوع من الوجاهة الاقتصادية؟

ـ يجب أن تكون الشركات مدرجة في البورصة، فهذا هو الوضع الطبيعي لأي شركة مساهمة، لكي يحدث تداول على أسهمها، وهذا يجعلنا تحصل على جزء من الأرباح في صورة بيع اسهم وتتوسع في المشروعات التي تحتاج إلى سيولة مالية، بدلا من الاستدانة من البنوك فهذه وسيلة من وسائل التمويل، ومؤشرات سوق الاوراق المالية هي المقياس لمدى النشاط في السوق.

> كانت تسوية مديونيات مجموعة شركات بهجت البداية لفتح الباب أمام إجراء تسويات أخرى مع رجال الأعمال المتعثرين فهل أنت راض عن هذه التسوية؟

ـ لم يكن هناك ما يمكن عمله افضل من هذه التسوية، رغم أن أية شركة مساهمة بالعالم، عندما تتعثر تتوقف البنوك عن إضافة الفوائد على الدين، إلا أننا في مصر نضيف أعباء مركبة على الدين، فعندما بدأت المشاكل كان حجم المديونية 1200 مليون جنيه لكافة الشركات وزادت بسبب الفوائد والغرامات وخلافه مبلغ 1400 مليون جنيه، فأصبح مجمل المديونية 2600 مليون جنيه، اضطررت إلى دفعها من جيبي الخاص (!!) لكي لا تغلق هذه الشركات التي عملت لمدة 3 سنوات بتمويل خاص مني شخصيا، رغم أن هذا لم يحدث في تاريخ أية شركة في أية دولة، لكن لم يكن أمامي خيار، وأنا أحارب كيانات لا يهمها استمرار الشركات أو توفقها، ما دامت المديونية والفوائد مستمرة. ولا يوجد في العالم كله مفهوم أن يقوم شخص بدفع مديونية الشركات المساهمة، وأن يكون مسؤولا عن هذه المديونية، فعلى سبيل المثال كانت حصتنا في الشركة العالمية 48% وقمت بسداد كامل مديونيتها من جيبي الخاص وتضمن ذلك دين البنك الأهلي، ولدي شركات غير مدينة للبنوك، قامت بسداد مديونيات شركات أخرى.

إن الإفلاس في الولايات المتحدة على سبيل المثال مسموح به ببنود تضع حماية لصاحب الشركة حتى لا يتعرض له أحد، وحفاظا على الشركة والعمالة بها، لكن في مصر غير مسموح أن يقام مشروع ويفشل، ومن السهل وضع رجل الاعمال في السجن لأنه تعثر في مشروعاته، وهو وضع لن يستمر في مصر في ظل الإصلاحات الجديدة، والغريب أن الشركات الأجنبية تختلف التعامل مع المشروع المتعثر ما بين الشركة المصرية والشركة الأجنبية، التي لا يقترب منها أحد ورغم إني احمل الجنسية الأميركية، لكني لم أشأ أن استغل ذلك في وقت الأزمة.

> ولماذا لم تفعل ذلك؟

ـ لأني لا أستطيع أن أحارب الحكومة ولا أريد لكن ما حقي أن احصل على تعويض عن تلك الأموال التي دفعتها من جيبي نتيجة تعثر شركاتي نتيجة لسياسات اقتصادية خاصة، خاصة انني اعتبر هذه الأموال قد سرقت مني بالغصب وليس عن رضاء، فالتسوية كانت مجحفة لكنها كانت افضل ما يمكن الحصول عليه في ظل الظروف الحالية.

وطالبت بإغلاق الشركة المساهمة أو إفلاسها، وأريد أن اسأل عن عدد الشركات المملوكة للدولة التي عليها مديونيات تصل إلى 7 مليارات جنيه، لماذا لم يتم سجن رئيس مجلس إدارتها ومصادرة أمواله؟ فهناك تفرقة واضحة في المعاملة بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص، فهي دائما الحائط المايل للسياسات الخاطئة.

> في رأيك مع الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها حكومة احمد نظيف ما الذي يلزمها لتحقيق طفرة اقتصادية وتنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك؟

ـ لقد تفاءلت الأوساط السياسية والاقتصادية وبالحكومة الجديدة، ومن حسن الطالع أنها تتحرك بسياسة اقتصادية إصلاحية جيدة، لكني اعتقد إنها ستواجه مشكلة في تنفيذ برامجها إذا لم يحدث تغيير في السياسة المصرية، لأن البنوك لا تزال في حالة تجمد، وتحتاج إلى هزة عميقة، فالاقتصاد المصري لا يزال في مرحلة توقف نتيجة لعدم تحريك أموال البنوك فلا تزال مشكلة الأيدي المرتعشة في البنوك موجودة، وذلك لأنه لا يوجد في مصر عقوبة للفعل السلبي بمعني عندما يطلب أحد رجال الاعمال قرضا، ويرفضه البنك فلا عقوبة لذلك، اما إذا وافق البنك فهناك عقوبة السجن أي يتم عقاب الشخص الإيجابي، أما الشخصي السلبي الذي يوقف الحال فتتم ترقيته، وإذا لم يحدث تغيير في هذه السياسة البنكية، فأنا أشك في قدرة الحكومة على تنفيذ المشروعات الطموحة في برنامج الرئيس.

> ما هي حجم ثروتك حاليا بعد تسوية اكثر من مليارين ونصف المليار جنيه، من جيبك الخاص كما قلت؟

ـ لم يبق لي سوى القليل، لكنه، والحمد لله، يكفيني.

> هل تأثرت الملاءة المالية لك بعد تلك التسوية، وهل تشعر بالعجز عن اتخاذ القرارات، في ظل وجود ممثلين للبنوك في مجموعة شركاتك؟

ـ بالطبع تأثرت، لكنها لم تؤثر على قدرة المجموعة على التوسع والانتشار، اما اتخاذ القرارات، فلا توجد سيطرة للبنوك على الشركات، بل شراكة وتعاون، ولدينا النسبة الغالبة (51%) في الشركات الصناعية وللبنوك النسبة الغالبة في شركات دريم، واتخاذ القرارات يتم بالاتفاق والتوازن، فلا انفراد بالقرار ولا هم أيضا، وعلاقتي طيبة بجميع ممثلي البنوك، ونتناقش في اتخاذ القرارات خاصة المصيرية.

> في الاقتصادات النامية يحيط بدايات رجال الاعمال بعض الغموض ويكتنفها أحيانا بعض الشائعات، فما هي بدايات رجل الأعمال أحمد بهجت، ومن أين كون ثروته؟

ـ ببساطة كانت البداية أثناء دراستي لدرجة الدكتوراه في الولايات المتحدة عام 1982 واخترعت جهاز منبه، يحسب مواقيت الصلاة في أي بلد في العالم واتجاه القبلة، حيث يتم إدخال خطوط الطول والعرض، أو إدخال اسم المدينة، ويقوم المنبه بحساب مواقيت الصلاة لكل يوم، ودخلت بهذا الاختراع في شراكة مع شركة «لوكهيد» الأميركية التي اشترته بمليون دولار، رغم انه لم يلق نجاحا عند تسويقه بالصورة التي توقعتها الشركة، كما اخترعت عدة أجهزة قمت ببيعها للشركات الأميركية منها جهاز بالأشعة فوق البنفسجية لأجهزة مشروبات كوكا كولا، وجهاز للتعرف على الأجسام تحت الماء بالأشعة فوق البنفسجية، وبالمليون دولار الأولى جئت إلى مصر، وأنشأت أول مصنع للأجهزة التلفزيونية وحقق أرباحا كبيرة وتوالت الملايين.

> يعد قطاع الاستثمار العقاري والاتصالات من القطاعات السريعة النمو والأرباح في الوطن العربي، وقد كنت من رواد الاستثمار العقاري منذ التسعينات، وهناك توجهات ومفاوضات لدخولك في الشبكة الثالثة للجوال في مصر مع شركاء عرب فما هي تفاصيل هذه المفاوضات؟

ـ نعم هناك مفاوضات مع شركة اتصالات الإماراتية ومع عدد آخر من الشركاء العرب، ولدينا قناعة إننا نستطيع أن نقدم خدمة جديدة في مجال الاتصالات سواء في جودة الخدمة أو في سعرها.

اما في المجال العقاري فبدأنا فيه في بداية التسعينيات بمشروع دريم لاند، وهو اضخم مشروع على مستوى المنطقة العربية، بل اتحدى أن يوجد له مثيل على مستوى العالم وقد تنافس هذا المشروع مع 18 مشروعا ضخما في العالم في مؤتمر عن المشروعات الضخمة في مدينة يورو ديزني عام 2000، وتم تصنيفه كأفضل مشروع ضخم في العالم، لأنه جمع بين الإسكان والخدمات على مساحة ضخمة.

> أثيرت تساؤلات حول الحصول على ارض المشروع بثمن رخيص، وإعادة تقييمها لدى الدخول في شراكة مع البنك ومع آخرين بسعر مبالغ فيه؟

ـ لم أحصل على أرض دريم لاند بسعر رخيص، وإنما بسعر غال جدا جدا، أي 250 ألف جنيه للفدان، في حين كان الفدان يباع في الطريق الصحراوي بألف جنيه على بعد 5 كيلومترات فقط، وهي ارض محاجر صحراوية، وتعرض الدول الأخرى مثل هذه الأراضي بالمجان للمستثمرين على أساس انها تريد التعمير، ولم استفد شيئا بعد تقييمها، لأني لم آخذ فارق التقييم في جيبي، وإنما أدى التقييم إلى رفع رأس المال الشركة، واشتريت المتر الصحراء بخمسين جنيها عام 1992، بينما كان سعر المتر في الحي المتميز بالسادس من أكتوبر بالمرافق، لا يتجاوز عشرين جنيها. واضطررت الى شرائها بهذا السعر المرتفع، لأنني كنت قد بدأت العمل وأنشأت ملاعب الغولف وخطوط المياه وصرفت ملايين الجنيهات، وفي نفس الوقت غير مصرح ببيع اكثر من 20% فقط من الأرض، وبذلك تصل تكلفة المتر250 جنيها، بالإضافة إلى 100 جنيه للمرافق و50 جنيها للتخطيط، أي أن المتر يتكلف 400 جنيه، وأبيعه بـ600 جنيه بالتقسيط على عشرين عاما من دون فوائد، فهي عملية خاسرة. > ما هو حلمك القادم بعد دريم لاند؟

ـ حلمي أن آخذ إجازة..

> وما هو المشروع الذي فشلت فيه؟

ـ حياتي.. فقد كنت متزوجا ولدي ثلاثة أبناء، ولم أوفق وحدث الطلاق، وتزوجت مرة أخرى، لكن أولادي يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية، ولا أراهم كثيرا، وبهذا تعد المعادلة خاسرة.