الحكومة العراقية تنفي نيتها رفع أسعار المشتقات النفطية

وسط خسائر بملايين الدولارات نتيجة تهريب البترول

TT

نفت الحكومة العراقية امس وجود أي خطط لزيادة أسعار المنتجات النفطية مرة أخرى في محاولة من جانبها لتهدئة السخط الشعبي. وقال هاشم الهاشمي القائم بأعمال وزير النفط العراقي لقناة «العراقية» الفضائية الرسمية، إن التقارير التي تحدثت عن اعتزام الحكومة زيادة أسعار المنتجات النفطية من جديد «لا أساس لها» بحسب ما جاء في وكالة الانباء الالمانية.

وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت في وقت سابق من الاسبوع الحالي عن اعتزام العراق زيادة أسعار المنتجات النفطية بصورة تدريجية خلال 2006 لتلبية مطالب صندوق النقد الدولي.

وقد أثارت هذه التقارير احتجاجات إعلامية وشعبية واسعة، خاصة أن العراق زاد أسعار المنتجات النفطية بنسبة 200 في المائة خلال ديسمبر (كانون الاول) الماضي.

وقال الهاشمي إن التقارير التي قالت إن العراق سيزيد سعر الوقود بنسبة 1000 في المائة خلال العام الحالي غير حقيقية. وأضاف أن الاسعار الحالية التي تبلغ 150 دينارا عراقيا للتر الوقود المنتج محليا و250 دينارا عراقيا للوقود المستورد ستبقى دون تغيير. ويطالب صندوق النقد الدولي العراق بزيادة أسعار المنتجات النفطية حتى تتماشى مع المعدلات العالمية.

الى ذلك، قال مسؤولون في قطاع النفط ان العراق الذي يعاني بالفعل من هجمات المسلحين على أنابيب النفط يخسر ملايين الدولارات بسبب المهربين الذين يشحنون النفط الى ايران ودول خليجية أخرى تحت سمع بعض مسؤولي الحكومة وبصرهم.

وقال مسؤولو صناعة النفط ان «عصابات» النفط أصبحت قوة نافذة في ظل فوضى العنف التي يشهدها العراق الى حد أنهم يرسلون كميات هائلة من الخام والوقود الى الخارج بدون أي خوف من الحكومة العراقية بحسب ما جاء في وكالة رويترز.

ويزيد من حجم الخسائر سوء الادارة والمنافسة على النفوذ في وزارة النفط التي تعد مغنما للساسة الذين يواجهون محادثات صعبة لتشكيل حكومة جديدة عقب انتخابات 15 ديسمبر (كانون الاول) الماضي.

ويقول بعض المسؤولين ان التهريب منتشر على نطاق واسع الى حد أنه يذكرهم بأيام كان الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين يقوم بتهريب كميات ضخمة من النفط ومنتجاته في انتهاك للعقوبات التي كانت تفرضها الامم المتحدة.

وقال مسؤول طلب عدم ذكر اسمه «عصابات تهريب النفط مدت أنابيب تحت الارض تحمل النفط إلى مناطق محددة حيث تنتظر القوارب لنقله الى المياه الإقليمية». وتابع «انهم يستخدمون ناقلات أيضا. انهم منظمون بشكل جيد جدا في الجنوب. مليونا لتر في الأقل من المنتجات النفطية يتم تهريبها يوميا، هذا تقديرنا. الكمية أكبر من ذلك لكن ليس لدينا رقم محدد». وتمثل ايران ذات الغالبية الشيعية المجاورة وجهة ذات حساسية، خاصة في ظل انقسامات طائفية واتهامات من العرب السنة بأن طهران لها نفوذ قوي على الائتلاف الشيعي الحاكم.

واتهم مسؤول رفيع في صناعة النفط مسؤولين آخرين بالتغاضي عمدا عن عمليات التهريب خوفا من أن تضييق الخناق عليها قد يثير مواجهة مفتوحة بين الجماعات الشيعية المتنافسة المتورطة في التهريب مما قد يفاقم من عدم الاستقرار في العراق. وينفي مسؤولو الحكومة تلك الاتهامات.

وأضاف المسؤول الرفيع «بالطبع هناك تهريب الى ايران والامارات أساسا. الوزارة ومسؤولون آخرون يعلمون لكن لا أحد يمكنه عمل شيء.. ببساطة نظرا لتورط مسؤولين». وقال مسؤولون ان صادرات النفط بلغت في ديسمبر أدنى مستوياتها منذ عام 2003 عند 1.1 مليون برميل يوميا وظلت عند هذا المستوى في يناير (كانون الثاني) الماضي.

واذا استمر التهريب في سلب النفط والوقود في الجنوب فانه قد يلحق ضررا كبيرا باقتصاد العراق الواهن. وتترك التفجيرات التخريبية لأنابيب نفط الشمال الممتدة الى تركيا خيارات قليلة أمام دولة تملك ثالث أكبر احتياطات نفطية في العالم. وتضييق الخناق على المهربين مهمة شاقة في ظل استمرار عدم الاستقرار نتيجة التفجيرات الانتحارية وحوادث اطلاق النار والاغتيالات وعمليات الخطف.

وقال مسؤول نفطي آخر «التراجع الكبير في صادارت النفط يلحق خسائر ضخمة بالعراق. ان له تأثيرا خطيرا جدا على الاقتصاد». ويثير الافتقار الى قيادة دائمة في وزارة النفط القلق ايضا. وتم اخيرا تعيين وزير السياحة السابق هاشم الهاشمي وزيرا للنفط بعد أن استقال ابراهيم بحر العلوم من المنصب احتجاجا على رفع اسعار الوقود المحلية.

وقال مسؤول نفطي «الخسائر المتوقعة في الميزانية خلال الربع الاول من 2006 تقدر بنحو 2.5 مليار دولار بسبب الصادرات شديدة الانخفاض فضلا عن أمور أخرى»، وهذا رقم مخيف بالنسبة لبلد يحتاج إلى مليارات الدولارات لإعادة البناء بعد ثلاث حروب على مدى 25 عاما وعقوبات دولية قاسية ويعاني الآن من عمليات المسلحين.

وقال مسؤول نفطي آخر «في ظل حكم صدام كان يطلق على (التهريب) كسر العقوبات لذا كان يتم تحت اشراف النظام». واضاف «وبسبب الوضع الأمني في العراق، فان عمليات التهريب مستمرة بنفس النشاط. في بعض الاحيان يرسلون (النفط المهرب) الى ايران، وأحيانا أخرى الى الامارات. الأمر يتوقف على الوجهة التي ستحملهم اليها قواربهم».